أن تكفر بالله فأنت آمن.. ولكن أن تعارض السيسي فالسجن أو القتل!

من حق المواطن أن يعبد الله أو لا يعبده كما يشاء، ولكن ليس من حقه أن يعارض فرعون العسكر السفيه قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي، قانون جديد وضعه السفيه في المؤتمر الأخير للشباب في شرم الشيخ وعلى شاشات التلفزيون، حرية يطبقها العسكر في الكفر ولكن لا يطبقونها في الانتخابات الشرعية التي أتت بالرئيس محمد مرسي، أول رئيس مدني منتخب للبلاد.

ويدور السؤال على ألسنة الحقوقيين إن كان من حق المواطن أن يعبد ما يشاء كما يقول الفرعون السيسي، فلم يمنع الصلاة والوضوء وتلاوة القرآن في السجون والمعتقلات؟ ولماذا منع الأذان والخطب وزوايا تحفيظ القرآن؟ ولماذا يدخل على المصلين في صلواتهم ويقتلهم؟ ولماذا يفتح الباب لحظر النقاب في مصر وكأننا انتقلنا إلى الدنمارك أو السويد؟.

تصريحات السفيه السيسي جاءت عقب الهجوم الإجرامي على حافلة تقل زوارًا لدير الأنبا صموئيل في المنيا، أسفرت عن مقتل 7 أشخاص وإصابة آخرين بينهم نساء وأطفال، وبينما أشارت أصابع سلطات الانقلاب إلى تنظيم داعش الذي خرج له بيان من أدراج المخابرات الحربية يعلن فيه مسئوليته عن الجريمة، أشارت أصابع المراقبين والسياسيين وعدد كبير من المسيحيين إلى السفيه السيسي نفسه، مؤكدين أنه مرتكب الجريمة التي تورط في مثيلاتها وحاول إلصاقها بالإرهاب، مستثمرا في دماء وأرواح المصريين المسيحيين، ومحاولا إقناع الغرب بأنه يواجه الإرهاب وعليهم أن يمدوه بالمال، وأن يغضوا الطرف عن القمع والديكتاتورية التي يقوم بها.

هبل العسكر!

تقول الناشطة السياسية مليكة حرب: “بيقولك من حق المواطن يعبد الله أو لا يعبده.. يعني كتر خيره سمح للمواطن إنه يبقى له وجهة نظر في الله نفسه ما بين إيمان أو كفر عادي.. إنما إبداء مواطن لوجهة نظره في شرعيته هو كرئيس من عدمها على السجن على طول”.

وجلبت تصريحات السفيه سخرية واسعة كما هو معتاد، وقال أحد النشطاء: “يا معشر قريش أبو لهب أقر لكم أن تعبدوا ما تشاءون”، بينما شدد السفيه السيسي في تصريحاته على أن “أي حادث يسقط فيه مصريون يؤلم الجميع”، مؤكدا أن “من حق المواطن المصري أن يعبد ما يشاء أو لا يعبد، والدولة ستحافظ عليه”، مضيفا “لو عندنا يهود سنبني لهم دور عبادة لأن دا حق المواطن يعبد كما يشاء أو لا يعبد، دا موضوع لا نتدخل فيه”.

ولنفترض أن المواطن- كما يقول السفيه السيسي- من حقه أن يعبد ما يشاء، علمًا أن هذه تقع أيضا ضمن نطاق الدستور ومسئولية الحاكم، ولكن والسؤال موجه للسفيه وعصابة الانقلاب: لماذا لا ينتخب المواطن من يشاء؟ في الثالث من يوليو 2013 انقلب وزير الدفاع في ذلك الوقت السفيه السيسي على أول رئيس مدني منتخب في تاريخ مصر محمد مرسي، وأعلن عزله، واحتجزه في مكان غير معلوم، وعطّل العمل بالدستور، وصدرت أوامر باعتقال المئات من أعضاء جماعة الإخوان المسلمين أحيلوا لاحقا إلى المحاكمة، وصدرت أحكام بإعدام العديد منهم.

في قصيدة للشاعر السوري نزار قباني سمّاها “مورفين”، شرح فيها طبيعة الوعود التي يطلقها الديكتاتور من عينة السفيه السيسي للشعب مستخدما أدواته، من نساء وكتاب وإعلاميين ومشايخ باعوا ضمائرهم، وكل ظنهم بفعلتهم هذه “أنهم يحسنون صنعا”، لكن لماذا سمى نزار هذه القصيدة بـ”مورفين”؟ ربما فيها بعض مواصفات المورفين من الناحية العضوية، فمادة المورفين كما أخبرتنا شبكة “ويكيبيديا”: “هي مسكّن ألم قوي من فئة الأفيونيات، تعمل بشكلٍ مباشرٍ على الجهازِ العصبي المركزي لتقليل الشعور بالألم، يمكن استخدامها لكل من الألم الحاد والألم المزمن”، وهذا يخلق نوعًا من التطابق بين الوعد والأفيون، حيث إن كليهما يُهدئ ثورة الشعب والجسد ويخفف من آلامه.

الحمار الإيطالي

مسرحية 30 يونيو التي جاء السفيه السيسي على ظهرها، مولتها دولٌ لا ترغب بصعود جماعة الإخوان المسلمين إلى سدة الحكم، ولعب دور البطولة فيها رجل نال ثقة رئيس الجمهورية، لكنه غدر به، وأجلس على جانبيه كومبارس المسرحية من رجال دين وسياسة، مسلمين ومسيحيين متمثلين في الأزهر والكنيسة وحزب الزور السلفي الأمنجي.

استخدم سفيه المسرحية الأكاذيب في تبرير فعلته، بأنه يريد بذلك حفظ الوطن والمواطن، ووعدهم بغد أفضل إن هم قالوا له “نعم”، وأن سفينة مصر ستصل إلى بر الأمان، وأطلق العنان فيها لسحرة فرعون الذين اعتلوا المنابر ولعبوا أدوارا كبيرة في قلب الحقائق وتأليب الناس، ووزعوا وعودًا زائفة على الملايين التي عطلوا فيها الحواس؛ بأن اخرجوا ضد مرسي وغدا سيثمر الشجر، وتعاونوا مع إبليس في ترويج نظرية أن “كل الآفات جاءت لمصر من بوابة الإخوان المسلمين”.

والمتأمل بموضوعية في وضع مصر منذ أن جثم العسكر على صدرها، يبكيه حالها في كل النواحي، فلم يجلب الانقلاب لمصر إلا الخراب بكل أنواعه ومقاييسه، وهنا تأتي آية قرآنية شاهدة وتقول “وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَّجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَبْكَمُ لَا يَقْدِرُ على شَيْءٍ وَهُوَ كَلٌّ على مَوْلَاهُ أَيْنَمَا يُوَجِّههُّ لَا يَأْتِ بِخَيْرٍ. هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَن يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَهُوَ على صِرَاطٍ مُّسْتَقِيم”.. من المؤكد أنهما لا يستويان.

والسؤال: هل كان المشارك في مسرحية 30 يونيو ينظر للوعود على أنها عشب طازج ويعتقد أنه سيصل لها كما كان يظن الحمار الإيطالي؟ والآن بعد مرور خمس سنوات على المسرحية، هل وجد المصريون ما وعدهم به السفيه السيسي وإعلامه حقا؟ أم أن السفيه والإعلام قالوا لهم مثلما قال الشيطان للإنسان الذي اتبعه: “وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ إِلَّا أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنفُسَكُم”؟.

x

‎قد يُعجبك أيضاً

في الذكرى التاسعة للثورة.. مواقع التواصل تغرد «ثورة الغضب 25»

في الخامس والعشرين من يناير كل عام، يحيي المصريون ذكرى ثورتهم الخالدة التي أطاحت برأس ...