تفاصيل صادمة لدراسة أوروبية حديثة.. التغير المناخي يهدد مصر بمجاعة

حذَّرت دراسة حديثة نشرتها دورية «نيتشر كلايمت تشينج»، في عدد أكتوبر الجاري 2018م، من تعرض مصر لتهديدات تتعلق بالأمن الغذائي ربما تفضي إلى مجاعة، على خلفية المخاطر الشديدة وغير المسبوقة التي تتعرض لها منطقة حوض البحر المتوسط من معدلات متسارعة في التغيرات المناخية، مثل ارتفاع الحرارة والتغيرات في استخدام الأرض، والتلوث، وتراجع التنوع البيولوجي.

الدراسة أعدها فريق دولي من الباحثين بأقسام الجغرافيا والبيئة بعدد من الجامعات الأوروبية، إضافة إلى باحثين من جامعات إسرائيلية ومغربية. وتوضح أن متوسط درجات الحرارة في منطقة حوض المتوسط ارتفع بالفعل بمقدار 1.4 درجة مئوية منذ حقبة ما قبل الصناعة، وهو ما يمثل ارتفاعًا بمقدار 0.4 درجة مئوية عن المتوسط العالمي للارتفاع في درجات الحرارة، ما أدى إلى تفاقم المشكلات البيئية في المنطقة.

الدلتا في خطر

وتوضح الدراسة أن تسارُع معدلات ذوبان الكتل الجليدية في القارة الشمالية المتجمدة «أنتاركتيكا» وجزيرة غرينلاند، ومناطق أخرى في الشمال، سيتسبب في تجاوز الارتفاع في مستوى سطح البحر بشكل غير متوقع.

وبحسب الدراسة، تعاني المناطق المطلة على ساحل البحر المتوسط في مصر من تسرّب مياه البحر المالحة إلى طبقات التربة، وسيزيد هذا التسرب مع استمرار ارتفاع مستوى سطح البحر. وتقول إن حوالي 30% من الأراضي الزراعية المصرية في الدلتا تأثرت بسبب تزايد معدلات الملوحة في التربة. كما تأثرت 60% من المناطق الزراعية في شمال ووسط الدلتا، و20% من مناطق جنوب الدلتا بسبب الملوحة. وتحذر من أن التدهور البيئي يدفع بالسكان المصريين المتنامية أعدادهم سنويا نحو نطاق يزداد ضيقًا باستمرار.

كانت دراسة مسحية أجرتها الجمعية الجيولوجية الأمريكية، نشرت نتائجها في شهر مايو 2017، قد حذرت من أن قرابة 20 إلى 40 كم من ساحل الدلتا المصرية ستتعرض للغمر بفعل مياه البحر المتوسط بحلول نهاية القرن الحالي، مما يهدد الأمن الغذائي في مصر.

كما تتعرض الدلتا لعمليات هبوط بمعدل 3 إلى 5 ملليمترات سنويا، خاصة بعد إنشاء السد العالي في ستينيات القرن الماضي، ما تسبب في حجز كميات ضخمة من الطمي الذي كان يسهم في بناء الدلتا، مما يهدد الأمن الغذائي في مصر.

ورغم أن الدراسة لا تركز على دولة بعينها، فإن فولفغانغ كرامر Wolfgang Cramer، الأستاذ بجامعة «إكس مارسيليا» الفرنسية والباحث الرئيسي في الدراسة، يقول في تصريحات صحفية: إن مصر تتمتع بوضعية خاصة كون مناخها جافًا جدًا، إضافة إلى الانخفاض البطيء في دلتا النيل، وهو ما يهدد الأمن الغذائي في مصر وموائل السكان على حد سواء. ويضيف أن الظروف المناخية في دول شمال إفريقيا العربية المطلة على المتوسط يجعلها أيضًا مهددة ولو بدرجة أقل من مصر.

نتائج مخيفة

ووفقًا لنتائج الدراسة، فإنه بالتزامن مع تزايد اعتماد دول جنوب المتوسط (شمال إفريقيا) على الغذاء المعتمد على منتجات اللحوم، فإن هذه الدول تواجه مخاطر زيادة حاجتها إلى الاستيراد لتلبية العجز المتوقع في الغذاء. كما ستتعرض مصائد الأسماك في دول جنوب المتوسط لمخاطر ارتفاع نسبة حموضة مياه البحر، والصيد الجائر، بالإضافة إلى مخاطر التغير المناخي الأخرى. وطبقا لنتائج الدراسة، فإن مصر يتوقع أن تواجه نقصًا حادًّا في إنتاجية المحاصيل الزراعية بحلول عام 2050، إذ سينخفض إنتاج مصر من محاصيل البقوليات بنسبة 40%. وتتوقع الدراسة أن تنخفض إنتاجية عباد الشمس في أوروبا بنسبة 12%، وينخفض إنتاج محاصيل الدرنيات في دول جنوب أوروبا (شمال المتوسط) بنسبة 14%.

الدراسة أشارت إلى تأثيرات صحية على السكان بسبب التغير المناخي والتلوث، تشمل أمراض القلب والأوعية الدموية والجهاز التنفسي. وتشير دراسة سابقة نُشرت نتائجها في مجلة الأكاديمية الوطنية للعلوم الأميركية «PNAS»، في 8 أكتوبر، إلى وجود علاقة بين ارتفاع درجات الحرارة وتدهور الصحة العقلية. وهو ما أشارت إليه دراسة سابقة نُشرت في دورية «نيتشر كلايمت تشينج» نهاية يوليو الماضي، من أن ارتفاع درجات الحرارة يُسهم في زيادة معدلات الانتحار، ويرتبط أيضًا بتدهور الصحة العقلية وارتفاع معدلات الاكتئاب.

ويرى هشام الصفتي، الباحث بقسم الميكانيكا الهيدروليكية وهندسة السواحل، في جامعة براونشفايج University of Braunschweig الألمانية، بحسب تصريحاته لصحيفة “عربي بوست”، أن على مصر تطوير حمايتها لساحل البحر المتوسط، والبناء بالتقنيات المتوافقة مع الطبيعة المستخدمة في هولندا. وتقوم هذه التقنية على حقن النظام البيئي البحري بالرواسب التي يمكن أن توفر وسيلة عضوية للساحل لبناء نفسه بشكل طبيعي مع زيادة مستويات سطح البحر. ويضيف الصفتي أنه لا غِنى أيضا عن الحلول الهندسية الصديقة للبيئة الأخرى، مثل الحواجز الصخرية والأواليس وكاسرات الأمواج.

«9» مخاطر

كان جهاز شئون البيئة، التابع لوزارة البيئة بحكومة الانقلاب، قد حذر في تقريره حول حالة البيئة، من 9 مخاطر أساسية للتغيرات المناخية تتعرض لها مصر، هي:

1 – زيادة أو انخفاض درجة الحرارة عن معدلاتها الطبيعية، حيث سجل البنك الدولى فى 2017، أن عام 2016 هو أشد الأعوام حرارة منذ بداية تسجيل درجات الحرارة، نتيجة ارتفاع درجة حرارة الأرض 1.2 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الثورة الصناعية.

2 – ارتفاع منسوب مستوى البحر وتأثيراته على المناطق الساحلية، حيث إنه من المتوقع زيادة مستوى سطح البحر 100 سنتيمتر حتى عام 2100، والذي سيؤدى إلى دخول المياه المالحة على الجوفية وتلوثها، وتملح التربة وتدهور جودة المحاصيل وفقدان الإنتاجية.

3 –  زيادة معدلات الأحداث المناخية المتطرفة، مثل “العواصف الترابية، وموجات الحرارة والسيول، وتناقص هطول الأمطار”.

4- زيادة معدلات التصحر.

5- تدهور الإنتاج الزراعى وتأثر الأمن الغذائى.

6- زيادة معدلات شح المياه، حيث تم رصد حساسية منابع النيل لتأثيرات التغيرات المناخية.

7- سيؤثر تغير المناخ على نمط الأمطار فى حوض النيل، ومعدلات البخر بالمجارى المائية، وخاصة بالأراضى الرطبة.

8- تدهور الصحة العامة، حيث تؤثر التغيرات المناخية بشكل مباشر على الصحة عند حدوث عواصف أو فيضانات، وارتفاع درجات الحرارة، وبشكل غير مباشر من خلال التغيرات الحيوية لمدى انتشار الأمراض المنقولة بواسطة الحشرات، كما أن مصر معرضة بسبب ارتفاع درجة حرارتها الزائد عن معدلاتها الطبيعية، بانتشار أمراض النواقل الحشرية مثل: الملاريا، الغدد الليمفاوية، وحمى الضنك، حمى الوادى المتصدع.

9- تدهور السياحة البيئية، حيث من المتوقع أن يؤدى ارتفاع مستوى سطح البحر إلى تآكل السواحل المصرية، وقد تتأثر الشعب المرجانية، وتؤدى الضغوط البيئية إلى زيادة ابيضاضها، كما تؤثر درجات الحرارة المرتفعة على ألوان وعمر الآثار والمنشآت التاريخية.

x

‎قد يُعجبك أيضاً

في الذكرى التاسعة للثورة.. مواقع التواصل تغرد «ثورة الغضب 25»

في الخامس والعشرين من يناير كل عام، يحيي المصريون ذكرى ثورتهم الخالدة التي أطاحت برأس ...