“الشرطة في خدمة العدل!”.. ليس شعارًا بل حقيقة وجدها مطاريد السيسي في الخارج

يذهب العديد من الحقوقيين والسياسيين إلى تأكيد أن نظام قائد الانقلاب السفيه عبد الفتاح السيسي “القمعي” بدأ من حيث انتهى نظام المخلوع حسني مبارك “الأمني”، الذي مثّل مقتل الشابين خالد سعيد وسيد بلال في مراكز الشرطة في الإسكندرية المسمارين الأخيرين في فترة حكمه الذي امتد نحو ثلاثة عقود.

حالات التعذيب الممنهجة والقتل خارج إطار القانون عادت بقوة وأشد عنفا منذ الانقلاب العسكري في الثالث من يوليو عام 2013، وثارت التساؤلات حول دور السفيه السيسي، في زيادة مشاعر الكراهية لدى المصريين تجاه الجيش والشرطة، وخاصة بعد حديثه عن عدم سماحه بإهانتهما وعقاب أي مصري يرتكب تلك الجريمة التي أوصلها لحد الخيانة العظمى.

ذلك التساؤل ظهر مصحوبًا بحالة من الغضب لتفرقة السفيه السيسي بين الشعب ومؤسساته الوطنية، كونه أظهر الشعب بوضع المسيء للمؤسستين الوطنيتين، وكشف عن انحياز واضح من رأس السلطة على حساب معظم المصريين، ما يؤجج مشاعر الكراهية الشعبية.

هارب من الظلم

تلك الكراهية التي عبر عنها أحد المطاردين من السفيه السيسي في الخارج، ويدعى “حسام المطعمي”، الذي ذكر أنه طرد من الإمارات بسبب موقفه من الانقلاب العسكري في مصر. وفي الثالث من يوليو 2013، انقلب وزير الدفاع في ذلك الوقت السفيه السيسي على أول رئيس مدني منتخب في تاريخ مصر محمد مرسي، وأعلن عزله، واحتجزه في مكان غير معلوم، وعطّل العمل بالدستور، وصدرت أوامر باعتقال المئات من أعضاء جماعة الإخوان المسلمين أحيلوا لاحقا إلى المحاكمة، وصدرت أحكام بإعدام العديد منهم.

وأنفقت وزارة الداخلية في عام 2013 ربع مليار جنيه كمكافآت للضباط والجنود التابعين لها عقب مذبحة فض اعتصامي رابعة والنهضة، بينما يروي “حسام” موقفا صادمًا له في إحدى البلاد الأجنبية التي هاجر لها بعد خروجه من الإمارات، يقول: “قمت باستخراج رخصة قيادة سيارة، ومن ثم قررت استئجار سيارة بغرض العمل عليها سائقا لأحد التطبيقات المنتشرة حاليا في العالم بأسره، وفي اليوم الأول لعملي كسائق وكان ذلك في نهايات الشهر الفضيل، بدأت مباشرة عملي الجديد بعد تأدية صلاة العشاء والتراويح على أمل أن أعود قبل الفجر لتناول السحور ثم الصلاة والنوم وهكذا”.

ويحكي “حسام” أن مواطنة من هذه الدولة ركبت معه السيارة ثم تشاجرت معه، مدعية أنه أراد التحرش بها واختطافها، يقول: “في أقل من دقيقتين أحاطت بنا 4 سيارات شرطة دفع رباعي، نزل منها 8 رجال شرطة تنطلق من أعينهم الشرر، أصابت جسدي قشعريرة وبدأت في التفكير كيف سأدافع عن نفسي أمام تلك الفتاة، هي من مواطني البلد وأنا غريب بإقامة مؤقتة”.

مضيفا: “قلت يا لبؤسك أيها الفتى، تهرب من الظلم في بلادك وبلاد العرب حتى يأتيك الظلم بشكل آخر على طبق من فضة، فكرت كيف سأترك السيارة الجديدة إذا تم اعتقالي وكيف سأسدد تكاليف تأجيرها، وفكرت كيف سأتواصل مع أهلي وأصدقائي لأخبرهم بموقفي، وكيف سأتمكن من توكيل محام وأنا لا أملك المال اللازم لذلك، من سينفق على أولادي الصغار وأسرتي خلال مدة اعتقالي وفكرت كيف سأمضي شهر رمضان وربما العيد في الاعتقال لحين انتهاء التحقيق في أمري”.

طاقة أمل

وفي الوقت الذي يعاني فيه الاقتصاد المصري من ضربات موجعة إثر الانقلاب العسكري، تنفق وزارة الداخلية بالإضافة لميزانيتها الضخمة، أموالا طائلة تسهم في قمع المصريين، وهنا تأتي المفاجأة كما يرويها “حسام”، بالقول: “حاولت الفتاة التملص منهم– الشرطة- والهرب عن طريق الجري في الشارع، فقاموا بملاحقتها والإمساك بها، وفي تلك الأثناء كنت أنهيت حديثي مع الشرطي الذي تبين له من قراءة المشهد والموقف وأسلوب الفتاة صدق كلامي ونزاهة موقفي، فبادر بالاعتذار لي نيابة عن مواطني دولته وعن المدينة، وطلب مني تحديد إذا كنت أريد توجيه شكوى رسمية ضد الفتاة أم أكتفي بتعرضها للمساءلة أمامهم بتهمة البلاغ الكاذب وتكدير الأمن العام”.

يقول حسام: “أخبرته أنني مسامح في حقي وكل ما أريده هو أن أرحل من هذا المكان، فكرر اعتذاره وتركني بابتسامة راقية، وهو يقول لي مرحبا بك في بلدك، أنت لست غريبا هنا.. وهذا هو بلدك، ونحن هنا لنطبق العدل على الجميع!.. أبكاني الرجل بكلماته البسيطة الصادقة عن العدل في بلادهم”.

وختم بالقول: “انهارت أمامي كل الكوابيس المخيفة التي دارت بذهني أثناء الموقف وقبل وصولهم، راعني حقا أنه حتى لم يسألني عن إثبات الهوية أو رخصة القيادة أو أية بيانات شخصية، هالني كونه تعامل معي كإنسان وفقط، لم يعر اهتماما لاختلاف اللغة والدين، لم يتطرق مطلقا لمن أنا وماذا أعمل وكيف قدمت إلى بلادهم، لم يشخصن الأمور ويعقدها وفق خصوصية موقفي ووضعي، بل تعامل معي برقي واحترام معاملة إنسانية بحتة لتأكيد أن ما حدث معي من الراكبة هو استثناء للقاعدة يستوجب الاعتذار منه بالنيابة عنها وعن المجتمع”.

وعن مشاعره في تلك اللحظة يقول “حسام”: “قدت السيارة في طريق العودة وأنا أبكي، أبكي على العدل الذي غاب عن بلادنا، أبكي عن الإنسانية التي لا نعرفها ولا تعرفنا، أبكي على الأفكار المشوهة التي تملأ حياتنا عن الغرب وبلاد “الكفر” وعن القيم المشوهة التي نحيا بها وتفرض نفسها رسميا وشعبيا في بلادنا، فلا عدل ولا إنسانية ولا حرية في بلاد الإسلام”.

ويؤكد حسام: “لقد تأخرنا كبشر في فهم لماذا خلقنا الله وكيف نعمر الأرض وأول عمارها هو عمار الإنسان، ولقد تراجعنا كبلاد وتهاوينا كحضارة حينما تركنا مكارم الأخلاق وصارت الأهواء تحكمنا وقانون الغابة دستورنا والبقاء للأقوى شرعتنا!. أبكي وسأظل أبكي وأنا أروي ببكائي طاقة غضب من واقع مهين تحياه أمتي، سأجتهد في تحويلها إلى طاقة أمل متقدة إلى أن تشرق شمس الحرية والعدل في بلادي التي أحببتها بصدق وإخلاص مصر وسائر بلاد العرب والمسلمين!”.

x

‎قد يُعجبك أيضاً

في الذكرى التاسعة للثورة.. مواقع التواصل تغرد «ثورة الغضب 25»

في الخامس والعشرين من يناير كل عام، يحيي المصريون ذكرى ثورتهم الخالدة التي أطاحت برأس ...