هذه مهمة “معهد ميمري” الإسرائيلي.. عين تل ابيب على العرب

سلط الكاتب الإسرائيلي، يشاي فريدمان، بصحيفة “مكور ريشون” الضوء على معهد ميمري المهتم بمتابعة ما تنشره وسائل الإعلام الفلسطينية والعربية، وترجمتها ونقلها لدوائر صنع القرار في إسرائيل ودوائر صنع القرار حول العالم.

وأضاف في تحقيق مطول ترجمته “عربي21” أن “هذا المعهد MEMRI Middle East Media Research Institute- أسسه الجنرال يغآل كرمون قبل عشرين عاما في 1998، بهدف كشف ما يشهده العالم العربي من ترديد للمصطلحات المعادية للسامية، وتعزيز العنف، فضلا عن إبراز الأصوات المعتدلة، وأصبح لاحقا أحد أهم مراكز البحث المهمة والمؤثرة حول العالم لمتابعة الإعلام العربي”.

الرصد والترجمة

يقول كرمون، الذي عمل مستشارا لشئون مكافحة “الإرهاب” بمكتب رئيسي الحكومة السابقين إسحاق شامير وإسحاق رابين، أواخر الثمانينات وأوائل التسعينات، أن “المعهد عمل فيه بداية تأسيسه خمسة موظفين فقط بشكل تطوعي، ويعمل فيه اليوم 75 موظفا بأجور مجزية”.

وأوضح أنه “إضافة لمقره الرئيس في العاصمة الأمريكية واشنطن، فللمعهد فروع في: القدس المحتلة، تل أبيب، لندن، روما، برلين، طوكيو، حتى أنه افتتح لمدة قصيرة فرعا له في بغداد العاصمة العراقية، ويمكن العثور فيه على موظفين عرب، وإيرانيين، وبالطبع فلسطينيين، وميزانيته بالأساس من صناديق التمويل الأمريكية المقربة من المحافظين، تصل 5-6 ملايين دولار سنويا”.

يضيف كرمون أن “المعهد منذ تأسيسه يقوم بمتابعة ورصد كل ما يصدر عن الإعلام في الدول العربية والإسلامية: قنوات تلفزيونية، صحف مطبوعة، مواقع انترنيت، وتوثيق أي خطاب أو حديث معادي للسامية، جميع البرامج التي تبثها القنوات التلفزيونية العربية والإسلامية خاضعة للرصد والتوثيق: برامج دينية ثقافية وفنية وترفيهية، تكشف عن طبيعة النقاش السائد في المجتمعات العربية والإسلامية”.

كما أن المعهد “يرصد المنشورات والتقارير باللغات: العربية، الفارسية، الأفغانية، الباكستانية، والتركية، ويترجمها المعهد إلى اللغات الغربية، ومؤخرا عقب دخول روسيا إلى خط الصراعات في الشرق الأوسط، بدأ المعهد يتابع وسائل الإعلام الروسية”.

وينقل كرمون عن المستشرق العالمي برنارد لويس الذي توفي قبل أسابيع فقط، قوله إن “معرفته بالشرق الأوسط والإعلام العربي يمكن تقسيمها لمرحلتين: قبل تأسيس معهد ميمري، وبعد تأسيسه، لأن هناك سبعمائة جامعة وكلية وأكاديمية حول العالم تستخدم تقارير المعهد في أعمالها الأكاديمية، وكذلك تعمل الأجهزة الأمنية في العديد من دول العالم التي تستعين بما ننشره لمكافحة الإرهاب”.

وأوضح أن “الإعلام العربي يتعامل معنا كمعهد مشبوه ومريب، وهناك من يعتبرنا أحد أجنحة جهاز الموساد، مع أننا لسنا كذلك، ولدينا شبكة علاقات مع العديد من أوساط ليبرالية وإصلاحية في الدول العربية”.

العمل الاستخباري

كرمون 72 عاما من مواليد رومانيا، تعلم اللغة العربية بوقت مبكر من حياته، مما سهل عليه شق طريقه نحو هذا العمل الذي يستغرق منه كل وقته، وينخرط في جهاز الاستخبارات الإسرائيلية، حيث وصل درجة جنرال، ومنصب مستشار الشئون العربية في الإدارة المدنية بالضفة الغربية وقطاع غزة، ثم مساعدا لرئيسها.

يقول كاتب التحقيق أن “مكتب كرمون يزدحم بتقارير المعهد، والكتب التي تتحدث عن الشرق الأوسط، ومن أهمها رسالة الدكتوراه الخاصة بالرئيس الفلسطيني محمود عباس حول العلاقات السرية بين الصهيونية والنازية، وعلى شاشة التلفاز لن تتابعون مونديال روسيا، وإنما قناة الجزيرة”.

ولفت إلى أن “العديد من موظفي المعهد، وبعضهم قادمون من الوسط الأكاديمي، يفضلون عدم إظهار صورهم أمام الكاميرا، أحدهم يوجد على طاولته نصوص من القرآن، وآخر يتابع برنامجا في تلفزيون لبناني يتحدث فيه الضيف بمفردات معادية للسامية، حيث يوجه المعهد خطابات احتجاجية لشركات الأقمار الصناعية الأوروبية على ما تبثه القنوات العربية من هذه المفردات، مرفقاً معها عينات منتقاة ومترجمة، بعض هذه القنوات تم معاقبتها بوقف بثها على هذه الأقمار فترة من الوقت، ثم بدت أكثر حذرا في برامجها اللاحقة”.

يشير كرمون أن “القفزة النوعية لـ”ميمري” كانت في الانتفاضة الثانية أواخر عام 2000، وعقب تفجيرات سبتمبر 2001 في نيويورك، اللتان تزامنتا مع ثورة الانترنيت، وباتت منشورات المعهد تحظى باهتمام ومتابعة من قبل الصحفيين ورجال الحكم في العالم الغربي تحديدا، اليوم هناك بعض المقاطع الفيلمية المترجمة للمعهد تحظى بمتابعة ملايين المشاهدات”.

التحقيق أخذ نماذج من هذه المقاطع التي تستحوذ على متابعة في موقع المعهد، بعضها من “قناة الجزيرة يظهر فيه وفاء سلطان أخصائية علم النفس الأمريكية من أصول سورية علوية تناقش عالم دين مسلم، وتوجه انتقادات حادة ضد الإسلام، هذا المقطع حظي بمتابعة 16 مليون متابع، والسبب في ذلك أنها تحدثت مع ذلك العالم بصورة متساوية، وطلبت منه السكوت في عدة مرات”.

وأشار أن “موظفي ميمري هم من كشفوا عن بعض خطابات أبو مازن المعادية للسامية، وربط فيها بين الأموال والبنوك وكراهية اليهود، وبعدها تلقى انتقادات قاسية من قبل زعماء العالم، وخطاب آخر لأحد قادة حماس صلاح البردويل يعترف أن معظم قتلى مسيرات العودة من أبناء حركته، وهذا المقطع حظي بمتابعة كبيرة على الانترنيت، وهو ذاته البردويل الذي صرح قبل عقد بأن حركته تسعى للقضاء على الكيان الصهيوني”.

التمويل والتوظيف

وأوضح أن “ميمري نشر شريط فيديو يظهر الرئيس الإيراني السابق محمود أحمدي نجاد وهو يكرم موظفي البرنامج النووي، وشريط فيديو معادي آخر يظهر أطباء إسرائيليين يستأصلون أعضاء من أجساد فلسطينيين لصالح زراعتها في أجساد أخرى”.

يعترف كرمون بأن “هناك انتقادات عديدة توجه للمعهد من قبل أوساط ليبرالية داخل إسرائيل وخارجها، بأنه يعمل لصالح أجندات المحافظين، ويتصيد للمسلمين بعض المصطلحات والعبارات المتطرفة، حتى أن البروفيسور المستشرق آساف ديفيد من منتدى التفكير الإقليمي قال إن المعهد يحاول تجسيد فرضية أن “إسرائيل عبارة عن فيلا تعيش وسط الغابة العربية””.

وختم التقرير بالقول أن “ميمري ينشر جميع الأقوال المعتدلة والمتطرفة في العالم العربي على حد سواء، لكن الأصوات المعتدلة لا تحظى بالمتابعة على شبكة الانترنيت، ومن ذلك مقال للكاتب السعودي في صحيفة عكاظ خلف الحربي الذي أشاد بالديمقراطية الإسرائيلية، ومذيع آخر في تلفزيون الفالوجة معتذرا ليهود العراق الذين غادروا البلاد، باعتبار خروجهم خطأ تاريخي يجب إصلاحه”.

x

‎قد يُعجبك أيضاً

في الذكرى التاسعة للثورة.. مواقع التواصل تغرد «ثورة الغضب 25»

في الخامس والعشرين من يناير كل عام، يحيي المصريون ذكرى ثورتهم الخالدة التي أطاحت برأس ...