لماذا يطرح موالون للسيسي ورقة المصالحة مع الإخوان؟

أثار ما طرحه الإعلامي المقرب من نظام الانقلاب في مصر عماد الدين أديب حول فكرة المصالحة مع من اعتبرهم “المتعاطفين من الإخوان غير المتورطين في قضايا الدم والعنف” ردود فعل من واسعة في الأوساط المصرية.

ووجه إعلاميون وسياسيون وبرلمانيون تابعون لرئيس الانقلاب عبد الفتاح السيسي انتقادات واسعة، وصلت حد التهديد والتخوين لمن يتحدث في هذا الموضوع.

ما تحدث به “أديب” وغيره حول ملف المصالحة، لم يصدر إلا من مقربين من نظام السيسي، وفي المقابل لم يصدر من جماعة الإخوان دعوات مماثلة، وهو ما يطرح التساؤلات عن هدف السيسي ونظامه من طرح مثل هذه الدعوات، وهل هو جاد للدخول في مثل هذا الملف، وهل الإجراءات التي يجري اتخاذها ضد الإخوان، تشير لوجود رغبة حقيقية لدى نظام السيسي في إتمام مصالحة مع أكثر الجماعات المعارضة له.

من جانبه يؤكد المتخصص في علم الاجتماع السياسي سيف الدين المرصفاوي أن السيسي يلجأ لمثل هذه الدعوات لعدة أسباب، منها ما هو متعلق بالنظام نفسه حتي يتم التأكد من إخلاص أتباعه ومن منهم مازال علي موقفه المؤيد له، ومن يمكن أن يكون قد لين من مواقفه السياسية تجاه الإخوان.

ويضيف المرصفاوي أن من ضمن الأسباب أيضا هو ما يمكن أن نسميه بفكرة “إفراغ البالون” بين الحين والآخر، وهو أمر بشعور السيسي ونظامه بوجود حالة من الغضب داخل الشارع المصري، وحتي لا يُقلِق هذا الغضب السيسي؛ فإنه يتم تفريغه بمثل هذه الدعوات التي تشغل الرأي العام، ويقوم كل أنصاره بتسخير كل الوسائل الإعلامية والسياسية لانتقاد الفكرة غير الموجودة أصلا، وبالتالي إشغال الرأي العام عن المشاكل الأخرى.

واستدل الباحث في علم الاجتماع السياسي بحالة الغضب الجماهيري من مهزلة الانتخابات الرئاسية، وما يحدث في سيناء من عملية عسكرية دخلت شهرها الثالث ولم تظهر ملامح لنجاحها حتي الآن، وما يثار حول صفقة القرن التي يلعب فيها السيسي دورا أساسيا، والتوقعات بارتفاع آخر في الأسعار، وبالتالي ظهرت فكرة المصالحة بهذا الشكل لإلهاء الرأي العام بموضوع آخر غير هذه الموضوعات الحرجة.

ويضيف المرصفاوي أن السيسي غير راغب في المصالحة، لأنه يعلم أنها يمكن أن تقضي على استقراره السياسي، وبالتالي فهو يقوم بإحداث هذه الحالة من الرفض لترميم حائط الصد المنيع الذي يقف خلفه من أجل الاستمرار في منصبه.

ويوضح الباحث المتخصص في حركات الإسلام السياسي محمد أبو السعود أن الإجراءات التي يقوم بها السيسي تجاه الإخوان لا تشير إلي وجود رغبة لديه لإتمام مصالحة من هذا النوع، مشيرا إلي أن التوسع في أحكام الإعدام ضد الإخوان وأنصارهم خلال الأشهر الماضية قد يعتبره البعض وسيلة ضغط علي الجماعة، إلا أن الواقع يشير إلي أنها أحكام انتقامية.

ويضيف أبو السعود أن استمرار اعتقال الباحث هشام جعفر دليل علي ذلك، فجعفر كان ضمن مجموعة من الباحثين المستقلين الذين نظموا العديد من ورش العمل البحثية حول المصالحة مع الإخوان عام 2014، وهي الورش التي شارك في بعضها زياد بهاء الدين نائب رئيس الوزراء الأسبق بتنسيق مع اللواء محمد العصار عضو المجلس العسكري وقتها، وبالفعل تم التوصل لملامح محددة، إلا أنه في خطوة مفاجئة تم اعتقال جعفر وإقالة بهاء الدين، واستبعاد العصار من المجلس العسكري وتعيينه وزيرا للإنتاج الحربي.

ويوضح أبو السعود أن الإجراءات التي تحدث ضد الإخوان في السجون وخاصة القيادات الموجودة في سجن العقرب، وكذلك عزل الرئيس محمد مرسي وتنفيذ عمليات موت بطيء ضده، وأخيرا رفض محكمة النقض للطعن الذي قدمه مرشد الإخوان وآخرون في قضية غرفة عمليات رابعة وتأكيد أحكام المؤبد ضدهم؛ تؤكد أنه لا نية لدي السيسي لإتمام المصالحة.

ويضيف أن السيسي لديه قناعة بأنه خيب آمال الجماهير وخاصة المؤيدة له، وأنه في حال وجود منافس قوي ضده فإنه سيكون خارج اللعبة بأكملها، ولذلك فهو لن يسمح بأي فرصة لوجود هذا المنافس حتي لو كان ضعيفا، وهو ما تؤكده الإجراءات التي اتخذها ضد الفريق سامي عنان عندما اعتزم الترشيح في الانتخابات الرئاسية الماضية.

ويري أبو السعود أن السيسي جزء من الأزمة لأنه يتحمل مسؤولية الدماء التي سالت في رابعة والنهضة والحرس الجمهوري وما جري بعدها من عمليات قتل للمتظاهرين وتصفية خصومه السياسيين، وبالتالي فالمصالحة لن تكون معه، وهو ما يعني أنه سيكون خارج المشهد، وهو أمر غير قابل للتطبيق في ظل أنه من الشخصيات التي لن تسمح أن تحمل لقب رئيس جمهورية سابق.

x

‎قد يُعجبك أيضاً

هزيمة مؤقتة

محمد عبدالقدوس الأوضاع في بلادي بعد تسع سنوات من ثورتنا المجيدة تدخل في دنيا العجائب.. ...