مجزرة دير ياسين.. هل يتذكرها السيسي عرّاب اتفاق القرن؟

في 9 أبريل 1948 غرقت دير ياسين غرب القدس في بحر من الدم بمذبحة بشعة نفذتها عصابات صهيونية بخذلان من الانتداب البريطاني في حينه، في ذلك الوقت هاجمت العصابات الصهيونية القرية فجرا وذبحت حتى الظهيرة 100 فلسطيني من سكان دير ياسين.

وقعت المذبحة على مرأى ومسمع من قوات الانتداب البريطاني، فمدير مكتب الشرطة البريطانية في المدينة لم يكن يبعد سوى كيلومترات عن البلدة، وحين طلب منه السكان التحرك قال إن هذا ليس من شأنه، وفق إفادة مؤلف أطلس فلسطين سليمان أبو ستة.
وبعد سبعين عامًا على المجزرة جاء انقلاب في مصر بعد ثورة، وعلى رأس ذلك الانقلاب سفيه هو أقرب للصهاينة منهم للمصريين، تزعم حتى الآن “الحفاظ على أمن المواطن الإسرائيلي”، ذلك المواطن حفيد القتلة مرتكبي مجزرة دير ياسين، وعلى الرغم من التنازلات الفلسطينية الجوهرية، التي قدمت منذ اتفاقية أوسلو، بدا أن تنازل “اتفاق القرن” هذه المرة نهائي ويدهس في طريقه كل تسوية سابقة، بموافقة خليجية تتصدرها سعودية بن سلمان.

وقد استخدم تعبير تسوية على نطاق واسع لتمرير تلك التنازلات بعد أعوام من مجزرة دير ياسين، التى لم يقابلها أى تنازلات من الجانب الصهيوني، وظلت الحقوق الفلسطينية تتآكل من مرحلة لأخرى؛ فهل وصلنا الآن إلى التسليم الكامل، علنا ورسميا، بـ”سلام بلا أرض” حسب نبوءة المفكر الفلسطيني الراحل “إدوارد سعيد”، عقب اتفاقية “أوسلو” منتصف تسعينيات القرن الماضي؟

 

العسكر والمذبحة

كان هناك دوما من هو مستعد في العالم العربي للتنازل، وجاء الدور على السفيه قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي، الذي صدر للعرب همسات السلام دون فحص، وأوهمهم انه يرى في مخالب الصقور الصهيونية أجنحة حمام، فيما يؤكد الشرطي السابق زمن الانتداب جيرالد جرين أن البريطانيين خذلوا السكان العرب بدل حمايتهم، وذلك بعد أوامر عليا بعدم التدخل في ما يجري على الإطلاق، بينما يؤكد رئيس مركز الشرق الأوسط ببريطانيا أن البريطانيين كانوا مسرورين لهذه النهاية ويتفرجون على ما يجري دون أن يحركوا ساكنا.

ويُحيي أبناء الشعب الفلسطيني اليوم الاثنين، الذكرى الـسبعون لمذبحة دير ياسين التي ارتكبتها جمعات صهيونية في التاسع من أبريل عام 1948 بحق أهالي القرية الواقعة غرب مدينة القدس المحتلة، وأسفرت عن سقوط عدد كبير من أهلها قدرتهم مصادر عربية وفلسطينية بين 250 إلى360 شهيدًا فلسطينيًا من النساء والأطفال والشيوخ.

وتتزامن هذه الذكرى مع المجزرة التي يرتكبها جيش الاحتلال الاسرائيلي ضد المشاركين في مسيرة العودة الكبرى إحياءً ليوم الأرض منذ الثلاثين من مارس المنصرم على حدود قطاع غزة والضفة مع الأراضي المحتلة عام 1948.واستشهد منذ انطلاق المسيرة حوالي 30 شهيدًا وأصيب أكثر من 2500 أخرين باستهداف الاحتلال لمخيمات العودة بالرصاص الحي وقنابل الغاز.

دموية الصهاينة

وعن مذبحة دير ياسين، فقد شنّ الهجوم على القرية في ذلك العام جماعتان صهيونيتان إرهابيتان هما “الأرغون” التي كان يتزعمها مناحيم بيغن (الذي انتخب رئيسا لوزراء إسرائيل 1977-1983)، ومجموعة “شتيرن” التي كان يترأسها إسحق شامير (الذي انتخب رئيسًا لوزراء إسرائيل 1983-1992 بتقطع)، بدعم من قوات البالماخ.

ونفذت الجماعتان المجزرة بهدف إخراج أهلها منها للاستيلاء عليها، وقد جاء تنفيذها بعد أسبوعين من توقيع معاهدة سلام طلبها رؤساء المستوطنات اليهودية المجاورة ووافق عليها أهالي قرية دير ياسين.

وشنّ عناصر (الأرغون وشتيرن) الهجوم على دير ياسين قرابة الساعة الثالثة فجراً، وتوقع المهاجمون أن يفزع الأهالي من الهجوم ويبادروا إلى الفرار من القرية، وهو السبب الرئيسي من الهجوم، كي يتسنّى لليهود الاستيلاء على القرية.

وانقضّ المهاجمون اليهود تسبقهم سيارة مصفّحة على القرية وفوجئ المهاجمون بنيران القرويين التي لم تكن في الحسبان وسقط من اليهود 4 من القتلى و32 جرحى.

وطلب بعد ذلك المهاجمون المساعدة من قيادة “الهاجاناه” في القدس والتي بدورها بعثت بالتعزيزات، وتمكّن المهاجمون من استعادة جرحاهم وفتح الأعيرة النارية على أهل القرية دون تمييز بين رجل أو طفل أو امرأة.

أبشع أنواع التعذيب

ولم تكتف العناصر اليهودية المسلحة من إراقة الدماء في القرية، بل أخذوا عدداً من القرويين الأحياء بالسيارات واستعرضوهم في شوارع الأحياء اليهودية وسط هتافات اليهود، ثم العودة بالضحايا إلى قرية دير ياسين وتم انتهاك جميع المواثيق والأعراف الدولية حيث جرت أبشع أنواع التعذيب.

واقتيد نحو 25 من رجال القرية داخل حافلات وطافوا بهم شوارع القدس كما كانت تفعل الجيوش الرومانية قديما، ثم أعدموهم رميا بالرصاص.وروى شهود عيان وصحفيون عاصروا المذبحة: “إنه شيء تأنف الوحوش نفسها ارتكابه لقد أتو بفتاة واغتصبوها بحضور أهلها، ثم انتهوا منها وبدأوا تعذيبها فقطعوا نهديها ثم ألقوا بها في النار “.

وفي عام 1948، اتفق الكثير من الصحفيين الذين تمكّنوا من تغطية مذبحة دير ياسين أن عدد القتلى وصل إلى 254 من القرويين.وبعد نحو عام من ارتكاب المجزرة، أقامت قوات الاحتلال احتفالات بالقرية المنكوبة حضرها أعضاء الحكومة الإسرائيلية، وحاخامات اليهود، لتخليد سقوط دير ياسين في أيدي الاحتلال.

وكانت المذبحة عاملاً مهمّاً في الهجرة الفلسطينية إلى مناطق أُخرى من فلسطين والبلدان العربية المجاورة لما سببته المذبحة من حالة رعب عند المدنيين، ولعلّها الشعرة التي قسمت ظهر البعير في إشعال الحرب العربية الإسرائيلية في عام 1948.

x

‎قد يُعجبك أيضاً

في الذكرى التاسعة للثورة.. مواقع التواصل تغرد «ثورة الغضب 25»

في الخامس والعشرين من يناير كل عام، يحيي المصريون ذكرى ثورتهم الخالدة التي أطاحت برأس ...