لماذا ينحاز فيسبوك للقمع ويغرد مع انقلاب العسكر؟

“وداعًا فيسبوك.. وشكرا على حُسن التعاون!”.. أدّت مواقع التواصل الاجتماعي دورا بارزا في الثورات التي عمّت عددا من البلدان العربية، قبل سبع سنوات، قبل أن تتحوّل لاحقا إلى ساحة تجتمع فيها الشعوب لخوض معارك افتراضية لا تنتهي، تاركين لخصومهم ساحة المعركة الحقيقية بلا منافس، وإن كان هناك من يجزم بأن هذه المواقع ما زالت توفّر مساحة كبيرة لمواجهة الديكتاتوريات مثل الانقلاب العسكري في مصر، والضغط عليها حتى تسقط، إلا أن ما حدث كان العكس, إذ تعرض فريق عمل “مشروع إحياء تراث الإمام حسن البنا” على موقع فيسبوك لحذف حساباتهم الشخصية، وحذف الصفحة التي اقترب عدد معجبيها من نصف المليون.

فرغم ما كشفته فضيحة إدارة الفيس بوك الأخيرة من تسريب بيانات المستخدمين، إلا أنها أيضا تتواطَأ لحذف صفحات مؤيدي الشرعية ورافضي الانقلاب، وقبل ذلك إغلاق صفحة وكالة الصحافة الفلسطينية “صفا”، وهو دليل على عنصرية هذه الشركة وانصياعها لأوامر الطغاة؛ استجابة لرغبات الأنظمة وإرضاءً لمكتبها في تل أبيب ودبي.

تقول الناشطة إيمان السيد: “من فترة قصيرة لاحظت منشورات عن إغلاق صفحات دون غيرها على فيسبوك.. لا تنتهك الشروط العامة للاستخدام”، وتتساءل بدهشة واستغراب: “أين الحياد المفترض في منصة مخصصة للجميع؟”.

خارج السرب

وتواجه حسابات نشطاء وسياسيين مصريين وصفحاتهم على فيسبوك حملة شرسة من الحظر والإغلاق بدعوى التحريض على الإرهاب والعنف، تلك الحملة بلغت ذروتها بعد إغلاق صفحة الإمام الشهيد حسن البنا، إذ رأت المنصة الاجتماعية أن كل من ينشر سيرة حياة الرجل الذي أطلق الجهاد والمقاومة ضد المحتل الصهيوني في فلسطين، وأسس جماعة الإخوان المسلمين، يساند شخصية إرهابية، ولا يجب وجوده على فيسبوك!.

وارتفعت في الفترة الأخيرة حملة “فيسبوك” ضد الصفحات التي تغرد خارج السرب الصهيوأمريكي، وخصوصاً التي تخص نشطاء وسياسيين ودعاة إسلاميين، فضلاً عن الحسابات الشخصية التي تنشر صورا أو كتابات تتعلق بمقاومة المحتل الصهيوني أو فضح المخططات التآمرية في المنطقة العربية، وفي القلب منها فلسطين.

وفي نهاية 2016، اتفقت حكومة الاحتلال الإسرائيلي مع إدارة “فيسبوك”، على التعاون في مواجهة ما تصفه بـ”التحريض على الإرهاب”، حيث قدمت حكومة الاحتلال 158 طلبًا لشطب مضامين في “فيسبوك” و”يوتيوب”، وقالت وزيرة القضاء آييلت شاكيد، في تصريحات سابقة: إن شبكة “فيسبوك” قبلت 95% من التوجهات الإسرائيلية لها، وقامت بشطب مضامين “تحريضية”، فيما قبلت “يوتيوب” 80% من التوجهات الصهيونية.

سياسات القمع

وحذّر الناشطون والخبراء من أن مواقع التواصل وعلى رأسها فيسبوك، التي تحوّلت من أدوات ترفيه افتراضية إلى وسائل تغيير حقيقية في مصر وغيرها من البلدان العربية، تتعرّض اليوم لحملة شرسة لتكميم أفواهها وإرهاب مُرتاديها، من خلال سَن العديد من التشريعات المقيّدة واعتقال العشرات من النشطاء البارزين والتصريح بأنها صارت تحت الرقابة المشدّدة لـ”سلطات الانقلاب”.

يقول الناشط فارس المصري: “تلفزيون قناة وطن يستنكر إغلاق إدارة موقع فيسبوك، بأوامر من سلطات الانقلاب، صفحة القناة على الموقع، رغم وجود 4 ملايين متابع للصفحة، متهمة فيسبوك بالتحول إلى أداة قمع للحريات بيد الطغاة”.

الثورة المصرية كانت التجلّي الأبرز لدور مواقع التواصل في تحويل الفكرة الفردية إلى فكر جماعي، وتعريف المواطنين بأن ثمة من يريد أن يفعل شيئاً لتعديل مسار البلاد السياسي، قبل أن تسهم هذه الوسائل في تحريك الجماهير وتعريفهم بالخطط، ووضعهم في قلب الحدث، شأنها في ذلك شأن كبريات وسائل الإعلام، إن لم يكن أكثر.

وما يزال المصريون يذكرون صفحة “كلنا خالد سعيد”، التي أنشأها نشطاء قبيل ثورة أطاحت بالمخلوع مبارك، بعدها اعتقل نشطاء على الفيس بوك ليلة يناير 2011، والتي كانت نقطة البداية والداعي الأول للتظاهر ضد ممارسات الشرطة في يوم عيدها، الذي تحوّل فيما بعد إلى يوم ثورة عارمة ضد العسكر.

x

‎قد يُعجبك أيضاً

السيسي يُطعم المصريين الخبز المصاب بـ”الإرجوت” السام لإرضاء الروس!

رصد تقرير استقصائي لموقع “أريج” كيف يُطعم السيسي المصريين الخبز المصاب بفطر قمح “الإرجوت” لإرضاء ...