صحف سويسرية: انتخابات السيسي مسرحية من فصل واحد

اتفقت صحف سويسرية على أن زفة الانتخابات الرئاسية التي شهدتها مصر هذا الأسبوع كانت مجرد “مسرحية هزلية” مثيرة للسخرية، في ظل غياب المنافسة وأجواء القمع المُصاحبة للانتخابات ومحاولات الحشد رغم أن نجاح قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي معروف سلفا.

وقالت صحيفة “لوتسرنر تسايتونج”: “لم ير رئيس الانقلاب عبد الفتاح السيسي حاجة لعقد أي مؤتمرات انتخابية لشرح برنامجه، بل اكتفى الموالون بتنظيم حفلات صاخبة في الشوارع”، ومرور رجال الشرطة وأمن الدولة على مئات المحال التجارية في الأسابيع الأخيرة ووزعوا نسخا من ملصقات حملة السيسي الإنتخابية”.

وأضافت أنه على الرغم من الفوز المؤكد للسيسي فهناك حملة ترويع غير مسبوقة ضد الصحافة المحلية والأجنبية، في الوقت الذي أكد السيسي خلال خطاب تلفزيوني أن أي انتقاد للجيش أو الشرطة خيانة عظمى، أما من يمتنع عن التصويت في الانتخابات فإنه يعرض أمن الأمة للخطر.

انتخابات مزعومة

فيما قالت صحيفة “تاجس أنتسايجر”: “هذه الانتخابات المزعومة هي أكثر الأمور التي حققها ديكتاتورنا إثارة للسخرية: الوضع خارج عن السيطرة، الحياة في مصر تزداد سوءا كل يوم. الوضع أسوأ حالاً من مبارك وهذا بالطبع لا يعني أنني أتمنى عودة مبارك. لا أريد أن أختار بين الطاعون والكوليرا”.

ونقلت عن عاطف بطرس، باحث أكاديمي: “تشن الحكومة حملات اعتقالات جماعية للمشتبه فيهم ، الكثير من المعتقلين يبدأون في تبني الفكر المتطرف في السجون. أي أنه يتم زرع الإرهاب تحت ذريعة مكافحة الإرهاب. هذا النظام لا يُحارب الإرهاب بل ينتج الإرهابيين. المسيحيون في مصر ما يزالون هدفاً للهجمات الإرهابية. لذا من المفارقة أن معظم الأقباط يؤيّدون النظام. إنهم يرون السيسي كحاميهم ومنقذهم من العنف الإسلامي. وراء هذه الفكرة تقف الكنيسة كمؤسسة تحشد الأقباط. الكنيسة تدعم الديكتاتورية العسكرية بدلا من أن تناضل من أجل الديمقراطية وحقوق الأقباط كمواطنين. كل الأنظمة حاولت استغلال المسيحيين.”

مسرحية ببطل واحد

وأكدت صحيفة “نويه تسورخر تسايتونج”، إن الانتخابات الرئاسية هي مسرحية ببطل واحد. يبدو أن عقارب الساعة عادت إلى عهد الفرعون حسني مبارك. مبارك دعا الشعب المصري خلال الثلاثين سنة من حكمه أربع مرات، ولم يُسمح سوى مرة واحدة لمرشح معارض بمنازلته. بعد الإطاحة بمبارك في عام 2011، عقدت أول انتخابات حرة في تاريخ مصر.

أما الصحف السويسرية الناطقة بالفرنسية، فاقتصرت في تغطيتها لمسرحية الانتخبات على نشر مقتطفات من برقيات وكالات الأنباء العالمية أو مقالات قليلة لمراسلين موجودين بمصر. في عددها الصادر يوم السبت 24 مارس 2018، نشرت صحيفة “لوتون” تحت عنوان “مهزلة انتخاباتٍ في مصر” تقريرا بعث به إيريك دو لافاران وناديا بلاتري من القاهرة رسم صورة عن أجواء السخط وانزياح الأوهام في بلد أصبحت الحياة اليومية فيه مشُوبة بـ “الإفقار والقمع” تحت حكم الجنرال السيسي.

غلق القوس الثوري!

وفي التقرير الذي نشرته الصحيفة التي تصدر بالفرنسية في لوزان، أشار كل من دو لافاران وبلاتري إلى أن “الماريشال السابق نجح خلال أربعة أعوام من الحكم في إسكات كل الأصوات المخالفة ووضع بذلك حدا للقوس الثوري الذي انفتح في يناير 2011 على خطى الربيع التونسي”، كما نقلا عن منظمة هيومن رايتس ووتش أرقاما تفيد بأن “حوالي 60 ألف معارض سياسي يقبعون في زنزانات النظام التي تحول فيها التعذيب إلى أداة قمع دائمة”، وبأنه “سُجّل منذ عام 2013 اختفاء اكثر من 1200 شخص، اختطفوا بالتأكيد من طرف قوات الأمن”.

في نفس الصحيفة، صرحت فتاة مصرية اسمها جانيت (21 عاما) للصحفيين أنها لن تذهب – رغم الخوف من القمع – للإدلاء بصوتها وقالت إن الجو السياسي يثير “امتعاضها” مضيفة أن “السيسي احتكر المجال السياسي لفائدته. فذهابي للتصويت من عدمه لن يصلح لشيء”. من جهة أخرى، لفتت الطالبة التي تدرس في كلية الآداب إلى أن غياب الحرية والقمع يقترنان حسب رأيها بخيبة اقتصادية مؤكدة أن “شابا في سن العشرين لم يعد يرى له أي مستقبل”.

ميدان بلا لاعبين

وفي صحيفة “لاتريبون دو جنيف” نقلت على لسان أستاذ جامعي يُدرس العلوم السياسية أنه “في عهد مبارك، كانت الدعابة تتمثل في القول بأن الوضع يُشبه مقابلة في كرة القدم بين فريقين، لكن الرئيس كان اللاعب الوحيد الذي يحق له تسجيل أهداف، أما اليوم، وللقيام بنفس التشبيه، فسنقول عوضا عن ذلك إنها مقابلة ولكن بلاعب وحيد على الميدان هو السيسي”.

قمع غير مسبوق

كما نقلت عن محمد لطفي، المدير التنفيذي للمفوضية المصرية للحقوق والحريات قوله : “لم نكن ننتظر حصول هذا المستوى من القمع، ولا أن يمسّ بالخصوص هذه النوعية من الشخصيات”. “في إشارة إلى الاستبعاد الممنهج الذي قامت به السلطات في شهر يناير الماضي لجميع الشخصيات المرشحة لخوض الانتخابات الرئاسية ومن بينهم رئيس الوزراء السابق أحمد شفيق والفريق سامي عنان، رئيس الأركان للقوات المسلحة سابقا”.

وأضاف محمد لطفي أن “السلطات لم تحاول الحفاظ على المظاهر فيما يتعلق بالإنتقال إلى الديمقراطية أو بانتخابات تتسم بقدر من الحرية. إنه من المُحبط جدا رؤية انتخابات تجري في هذا السياق، حيث تتم مهاجمة المرشحين الذين كان بإمكانهم التصرف بطريقة بوجود شيء من التنافس”.

من جهة أخرى، نقلت الصحيفة على لسان دبلوماسي فرنسي يعمل في القاهرة أن “السيسي يُدير البلد كثكنة دون أن يُعير أي اهتمام للسياسية أو للدبلوماسية”، وأشارت إلى أن “كل الرؤوس التي تتجاوز تتعرض للعقاب فورا، كما أن الصحافة يجب أن ترضخ للأوامر”، ولفتت إلى أن الأسابيع الأخيرة شهدت تعرض ثمانية عشر صحافيا للاعتقال من بينهم معتز ودنان (مراسل هافينجتون بوست عربي)، الذي تم اختطافه (يوم 16 فبراير 2018) من طرف الشرطة، ثم تعذيبه بالصعق الكهربائي في مركز تابع للأمن الوطني (مباحث أمن الدولة سابقا)”، حسبما أوضح محاميه عزت غنيم الذي تعرض بدوره للإيقاف والتعنيف من طرف قوات الأمن بعد أيام قليلة من إدلائه بهذه التصريحات.

x

‎قد يُعجبك أيضاً

السيسي يُطعم المصريين الخبز المصاب بـ”الإرجوت” السام لإرضاء الروس!

رصد تقرير استقصائي لموقع “أريج” كيف يُطعم السيسي المصريين الخبز المصاب بفطر قمح “الإرجوت” لإرضاء ...