زوجة الرئيس مرسى.. 40 عاما من النضال الصامت

في نوفمبر 1978، كانت اللحظة الأولى الرسمية لعقد قرآنها على هذا الشاب المصري التي لم تكن تدرك بعد إنه سيكون حديث بلادها ومفترق طرق لحياة كانت تكتب خطاها أن تسير فوق أشواك أزمات لنحو 40 عاما.

نجلاء على محمود، (56 عاما) التي تغزل نحو 4 عقود سنوات من عمرها بين غربة مع زوجها الشاب محمد مرسي، الذي كان في منحة تعليمية بالولايات المتحدة الأمريكية، وكان رسول الزواج آنذاك صلة قرابة ليست بعيدة.

لم تسلم من الغربة وعادت لوطنها مصر، وعاشت تجربة أخرى بين مسؤولية أسرية صارت فيها منفردة أحيانا كثيرة مع توقيف زوجها الذي كان يعرف بانتمائه لجماعة الإخوان المسلمين، أو توقيف أبناء لها في تسعينيات القرن الماضي، إثر مواقف لهم معارضة لنظام الرئيس المخلوع حسني مبارك، آنذاك.

وتأتي ثورة يناير 2011 عليها لتكتب لها فصولا أخرى في قصة تحمل مسؤولية بيتها وأبناءها كأم مصرية، وفي الوقت ذاته تسعى خلف زوجها داعمة إياه في مؤتمرات تخاطب جماهير تحشد لفوز زوجها بأول استحقاق رئاسي آنذاك.

وبعد فوز زوجها كأول رئيس مدني منتخب ديمقراطيا بمصرفي 2013، بدت كما هي الأم المصرية التي تنأى بنفسها عن لقب سيدة مصر الأولى، وتحاول أن تبقى بعيدا عن أضواء الإعلام أحيانا كثيرة، في ظل هجمات إعلامية ضارية شهدها الزوج.

** مسؤولية جديدة

لم يمر عاما إلا وعادت إلى أدراج مهمتها في مواجهة الأزمات، فزوجها تم الانقلاب عليه من قبل جنرالات الجيش، لكنها لم تتوقف وساندت حقه وهو بعيد عن ناظريها، وبقيت ترعى الأبناء والأحفاد.

ومنذ ذلك العام ولنحو 5 سنوات، فرضت على نفسها، أجواء من التحمل كحال عمرها في عقودها الأربعة، تزور زوجها في محبسه مرتين في الأعوام الخمسة، لا أكثر من ذلك ولا أقل.

تسمع الزوجة نجلاء محمود، أحكام متفرقة تلاحق زوجها في قضايا ترفض وقائعها وسياقاتها مؤمنة بزوجها تكتب له عبر صفحتها بموقع التواصل الاجتماعي عادة ما يشجعه على “الثبات على المبادئ”

لا ترد تلك السيدة التي لها من أنصار زوجها الكثير، وفق تفاعلات مع تدويناتها، على أي اتهامات يرددها مؤيدون للنظام حول الأفكار والتوجهات، فعادة كانت تتوارى خلف صمت ومشاركات اجتماعية واسعة لأنصار زوجها.

تتلقى نجلاء على محمود، زوجة “مرسي”، حبس نجلها الأصغر عبد الله عاما، ثم توقيف نجلها أسامة الأبرز إعلاميا، وحبسه على ذمة قضية ملفقة متداولة بمحكمة مصرية، ولا يعرف لها رأيا يسلم بالأمر الواقع ويستسلم لوقائعه.

إذ عادة ما ترفض نجلاء محمود ما يتردد بحق ذويها من اتهامات، رغم ما تسير عليه من أشواك زرعت في طريق زوجها أول رئيس مدني بالبلاد.

غاب عنها الزوج “محمد مرسي” إثر مواقف متعلقة بمواقفها معارضا ينتمي لجماعة الإخوان أو رئيسا يرفض قرار الانقلاب على شرعيته، لكن القدر منحها في حياتها اثنيين من الأحفاد يحملان الاسم ذاته “محمد مرسي”، أطلقهما نجليها أسامة وأحمد تخليدا لذكري والده.

** بعيدا عن الأضواء

ربما من يطالع صورها في أحداث بين جماهير مؤيدة لزوجها وحفل شهير لزواج ابنها، يرى وجها خطته متاعب الزمن وأزمات الحياة، ربما يقلل من حدتها ابتسامات متقطعة لزوجة تبدو تعافر مع غيب تتمنى منه أن يعود فيها زوجها وتستقر حياتها، ومبادئ ربما تكشف عن قناعاتها التي تؤمن أحيانا كثيرة أن الدعاء مفتاح الفرج.

الدعاء والرجاء لا ينقطعان عنها في لحظة تذكرها يوم ميلاد زوجها المحبوس حاليا فتقول في تدوينة بصفحتها فيسبوك “كل عام وكل شهر وكل أسبوع وكل يوم وكل ساعة ثم دقيقة ثم ثانية وانت في أحسن صحة وأسعد حال أشهد الله انك كنت لي نعم الزوج والمعلم والأخ”

وتضيف “أدامك الله عزيزا قويا شامخا وفك اسرك سيدي والله اشتقنا إليك كثيرا ولكن بفضل الله لم نفتقدك لأنك دائما حاضر بيننا وسيتم الله فضله ويردك إلينا قريبا هذا يقيني”.

وبالدعاء أيضا تصبر نفسها في غياب نجلها أسامة، قائلا في تدوينة أخرى “كل عام وأنت أسد وبطل وصابر وثابت وراضي ربي يحفظك يا قرة عيني ويجمعنا بك ويلم شملك بأسرتك الصغيرة التي أكرمها الله باقتران اسمها باسمك”.

بعيدا عن السياسة وأزماتها، يرى مصدر مقرب من نجلاء محمود، أنها مثال لوالدة وزوجة لم تتبرم من أحوالها ولم تشك لمجتمعها همها وحزنها رغم ما تمر به من أيام قاسية لم ترحمها من مصاعب طيلة عقود أربعة، نحو توقيف زوجها وما تراه من حملات ضد أسرتها لم تحدث لزوجة رئيس من قبل.

وتحتفل الأمم المتحدة باليوم العالمي للمرأة، في يوم 8 مارس من كل عام، غير أن البلاد تحتفل يوم 16 مارس سنويا بـ”يوم المرأة المصرية”، يلحقها احتفالات شهيرة بعيد الأمومة في 21 مارس من كل عام.

ورغم قلة حوارات زوجة الرئيس مرسي التي أقل من أصابع اليد الواحدة، إلا أن المصدر ذاته في حديث للأناضول، يراها أكثر اجتماعية في أوساط عديدة في محيطها، ويضع صمتها على الاتهامات التي تواجه أسرتها في خانة “الترفع عن ذلك”

إذ يرى أن نجلاء محمود، لديها ما هو أهم وأكبر إذ تقود أسرة تحرص على أن تحافظ عليها في وقت تلعب فيها دور الأم والأب معا لأبناءها الخمسة والجد والجدة لأحفادها، فضلا عن أن نشاطها الأكبر وسط التواجد في المجتمع.

ولا يدرى كثيرون بمصر، ماذا سينتهي الحال بأسرة “مرسي”، غير أن نجلاء محمود الزوجة والأم كما يقول المصدر المقرب، تراها ستكون أفضل وإن زادت تحملا وزادت وتيرة الحملات ضدها، وتذهب إلى أبعد من ذلك إلى يقينها أن الأمور ستؤول مرة أخرى ويجتمع شمل الأسرة وتظهر حقيقة ما “كيد” لأسرة في نحو سنوات عجاف تأمل أن يكون سِمانًا عما قريب.

x

‎قد يُعجبك أيضاً

في الذكرى التاسعة للثورة.. مواقع التواصل تغرد «ثورة الغضب 25»

في الخامس والعشرين من يناير كل عام، يحيي المصريون ذكرى ثورتهم الخالدة التي أطاحت برأس ...