حق «زبيدة» فى رقبة شعبنا الساكت

أفزعتنا حادثة الفتاة زبيدة التى كشفتها (البى بى سى)؛ ليس لأنها أول حادثة اغتصاب علمنا بوقوعها على يد المجرمين الذين انقلبوا على الشرعية عام 2013، فقد اغتصبوا عشرات الفتيات والسيدات؛ لكن الفزع للتفاصيل التى أذيعت؛ ولأنها أول حالة يتم الحديث عنها علانية وفى وسيلة أجنبية أضجت مضاجع العملاء بائعى الوطن.

ومن بين التفاصيل أن المسكينة تم اعتقالها ثلاث مرات، وفى كل مرة تتعرض لصنوف العذاب والانتهاك، كأنه قد كُتب عليها أن تتحمل هموم الأولين والآخرين، لا لذنب جنته إلا أن تقول ربى الله؛ ولأنها خرجت تدافع عن حقها وحق شعبها فى العيش بحرية وكرامة، أملا فى وطن خال من الاستبداد والفقر والجهل والمرض..

ومن الأخبار المتواترة أنه بعد اعتقالها الأول هى ووالدتها وبعد خروجها من سجن القناطر، خضعت لعملية إجهاض من حمل بلغ ثلاثة أشهر على يد إحدى الطبيبات التى حكت أنها كانت -أى زبيدة- فى حالة من الضياع النفسى والانهيار الحاد، دخلت على إثره إحدى المصحات النفسية لمدة ثلاثة أشهر، وما إن خرجت منها حتى ثم اعتقالها من جديد؛ فأى آدميين هؤلاء الذين يعذبون الناس بهذه الصورة؟ وأى دين أو ملة تسمح بهذا الإجرام التى تأنف الأنعام من ارتكابه؟ إن هم إلا العسكر أصحاب الملل الفاسدة والضمائر الخربة الذين ضيعونا وخربوا البلاد، ولا يزالون يسلمونها إلى أوليائهم قطعة بعد أخرى..

تلك حادثة واحدة أذيع بعض تفاصيلها؛ فكم زبيدة تم انتهاكها؟ وما تفاصيل ذلك؟ ومن قام بهذه الجرائم؟ ومن أمر بها؟ وما وقعُ ذلك على البنت وأهلها؟.. هذا ما ستكشفه الأيام، والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون. سيأتى اليوم -وهو قريب- ليمثل الجناة أمام أصحاب الحقوق؛ ليقتصوا منهم، ولن يفلت مجرم واحد من عقاب الدنيا، وعقاب الآخرة أشد وأنكى..

والقصاص لن يقع على أفراد عصابة العسكر ومن يعاونهم وحدهم، بل هو واقع -لا ريب- على الشعب بأكمله، وقد رأينا أمارات ذلك رأى العين؛ من فقر ومرض وبلاءات دخلت كل بيت من بيوت المصريين؛ ذلك أن كثيرين باركوا هذا الإجرام، وكثيرين سكتوا عن إنكار الظلم كالشيطان الأخرس، وهؤلاء وأولئك محال أن يفلتوا من عقاب الله؛ فما من دم سال بغير حق، وما من عرض انتهك إلا وعليهم كفل منه؛ كلٌ حسب فعله ونيته..

فما انتهكت زبيدة إلا بعد خروج الملايين المأجورين أو المغيبين الجهال يهتفون باسم العسكر، يوالونهم ويحرضونهم على القتل والترويع، وما تجرأ المجرمون على تعذيبها وإهانتها إلا بعد سكوت الشعب وسلبيته أمام انتهاكات يشيب لها الولدان، بل تبريرهم للفاعلين أفعالهم، وسواء علم هؤلاء المأجورون أو المغيبون أن الأمور ستصل إلى هذا الحد أو لم يعلموا؛ فعليهم أوزار ما فُعل بنا وببلادنا، فما تفرعن الفرعون إلا باستخفاف شعبه وطاعتهم إياه، والله لا يهدى القوم الفاسقين، وهو لا يظلم الناس شيئًا ولكن الناس أنفسهم يظلمون..

إننى بقدر غمى وكربى على تلك الأخت الضحية، بقدر غبطتى لها؛ فلعلها تكون ضربة قاصمة لتلك العصابة؛ فمن ثم لن تعدم أجرها عند الله، وإنى على ثقة أنها نالت من دعوات الصالحين ما يشفع لها ويزكيها عند رب العالمين، أما من أجرموا فى حقها فقد نالوا من الدعاء ما يفسد عليهم دنياهم وآخرتهم.. وإذا كان النصر لا يأتى إلا بتضحيات، والشعوب لا تنجو إلا بكفاح ونضال، فلعل تلك الطاهرة قد وضعها الله فى سجل من باع نفسه لله نظير ما عنده، ولعلها تُذكر فى تاريخ المصريين باعتبارها واحدة ممن واجهن هؤلاء الأقزام وضحت بأعز ما تملك فكتب لها الذكر الحسن، وكتب على من آذوها الشؤم والذل.

x

‎قد يُعجبك أيضاً

هزيمة مؤقتة

محمد عبدالقدوس الأوضاع في بلادي بعد تسع سنوات من ثورتنا المجيدة تدخل في دنيا العجائب.. ...