الدولة القاتلة

بقلم: يحيى عقيل

 

تم القبض عليه وسط أولاده وهو نائم واقتادوه إلى مقر أمن الدولة.. كل تفكير زوجته أنه في المعتقل وتنتظر اليوم الذي سيعرض فيه على النيابة، واتفقت مع محامٍ واستشارت أصحاب التجارب واقترضت الأموال من زملاء العمل وحكت ذلك لجاراتها ولأصدقائها، وشارك الكثير من أهل الحي معها متطوعا في تجميع المبلغ اللازم لذلك، وما زالت تنتظر والمحامي يسأل في أقسام الشرطة والسجون المركزية ومقرات الاحتجاز، بينما هي كذلك إذ أصدر المتحدث العسكري بيانا مقتضبا أرفق معه مجموعة من الصور عن مجموعة من الإرهابيين الطغاة القتلة وكيف استطاعت القوات البواسل أن تقضي عليهم؛ فإذا بصورة زوجها وسط الصور كيف؟ ولماذا؟ هل هناك إنسان يفعل ذلك؟!

 

هل هناك ضمير يقبل بكل هذا الإجرام والتزوير؟ ويطير الخبر في أنحاء الحي، الرجل الذي قبض عليه من وسط أولاده تمت تصفيته، ويفتري البيان الرسمي عليه زورا أنه كان يقاوم السلطات!!

 

النتيجة في هذا الحي وفي هذه الأسرة سقطت صورة الدولة ومؤسساتها وسمعتها، فإذا تكرر ذلك في محافظة بطولها وعرضها سقطت هذه الدولة وإلى حين، لكن السؤال هنا، هل يتم ذلك عن عمد، أم أن الدولة بمؤسساتها ورجالاتها لا تدرك خطر أن تسقط مصداقية دولة في عيون أبنائها، وهي لا تدرك خطورة أن تفقد تعاطف الناس مع جنودها وضباطها، وأن يتحولوا في نظر المواطن من أسباب حماية ومصدر فخر إلى كونهم مجرمين قتلة؟

 

أظن أن التكرار وسذاجة الإخراج للصور التي تخرج أنها دائما تعقب عمليات لمسلحين يقتلون ويأسرون ويسلبون وينهبون، تؤكد أنها عن عمد وأن هذه الدولة لم تعد تهتم بانتماء الناس إليها ولا نظرتهم إلى جيشها وشرطتها ومؤسساتها.

 

ويعيش الناس في رعب عقب كل عملية للمسلحين، خاصة أهل المعتقلين والمختفين قسريا.. فتقع الحادثة تلو الأخرى لتؤكد ما ذهب الناس إليه ابتداء أنها مؤامرة، وأنهم يذبحون كبضاعة تقدم تجني الحكومة ثمنها، هنا تسقط الدولة في نظر أبنائها وتضعف رابطة الانتماء إليها، وتسقط الدولة في نفوس أبنائها ويبقى أن تسقط فعليا.

x

‎قد يُعجبك أيضاً

هزيمة مؤقتة

محمد عبدالقدوس الأوضاع في بلادي بعد تسع سنوات من ثورتنا المجيدة تدخل في دنيا العجائب.. ...