هل تشهد السعودية ثورة على “الوهابية” في ظل حكم ابن سلمان؟

نشرت صحيفة “الموندو” الإسبانية تقريرا، تطرقت من خلاله إلى الإصلاحات والتحولات التي تعيشها المملكة العربية السعودية على يد طبقة سياسية مختلفة، يرأسها ولي العهد، الأمير محمد بن سلمان.

وقالت الصحيفة، في تقريرها، إن “السعودية، مهد الوهابية، التي أسست لظهور أيديولوجية التطرف العالمي، انطلاقا من أسامة بن لادن وصولا إلى أبي بكر البغدادي، تتطلّع نحو نهج جديد أكثر اعتدالا، وفي هذا السياق، صرح ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان أن السعودية تريد التخلص من الفكر الوهابي والعودة إلى تطبيق مبادئ الإسلام المعتدل، المنفتحة على العالم والأديان الأخرى”.

وأضافت: “الجدير بالذكر أن هذه الدعوة المفاجئة وغير المسبوقة للاعتدال في صلب النظام الملكي السعودي، قد وقع بلورتها في الإمارات العربية المتحدة، وذلك من منطلق علاقة الصداقة التي تجمع بين الأمير محمد بن سلمان وولي عهد أبو ظبي، محمد بن زايد”.

ونقلت الصحيفة على لسان علي راشد النعيمي، مدير “مركز هداية” لمكافحة التطرف العنيف في أبو ظبي، أن “المملكة السعودية تعاني من مشكلة جوهرية على مستوى أيديولوجيتها، في المقابل، وفي السنوات الأخيرة، بادر قادتها بوضع إستراتيجية لمواجهة التحديات والتصدي للعنف في البلاد”.

وأوضحت الصحيفة أن ابن سلمان قد استغل المؤتمر الاستثماري الذي عقد مؤخرا، لتسليط الضوء على مختلف نواياه الغامضة فيما يتعلق بسياساته المستقبلية، في الوقت ذاته، يعد ابن سلمان المسؤول عن التخطيط لبرنامج الإصلاح السعودي الطموح المعروف بمشروع “رؤية السعودية 2030” الذي يهدف إلى عدم الاعتماد بشكل كلي على النفط.

وتابعت الصحيفة: “ضمن مؤتمر مستقبل الاستثمار، صرح ابن سلمان، أن حوالي 70 بالمائة من السعوديين تقل أعمارهم عن الثلاثين سنة، لذلك لن نضيع 30 سنة أخرى من حياتنا في التعامل مع الأفكار المتطرفة، وبالتالي، سنعمل على تدميرها إلى الأبد”.

وفي وقت لاحق، أورد ابن سلمان لصحيفة الغارديان البريطانية قائلا: “نحن دولة من مجموعة العشرين، التي تلعب دورا محوريا في الاقتصاد العالمي، بناء على ذلك، يعد التقدم بالسعودية نحو الأفضل وسيلة ناجعة لمساعدة المنطقة وتحويل العالم، نأمل في الحصول على دعم الجميع فيما يتعلق بمساعينا”.

وأضافت الصحيفة أن ثورة ابن سلمان المزعومة ضد مذهب يعود تاريخ إنشائه إلى القرن الثامن عشر من قبل رجل الدين محمد بن عبد الوهاب، قد كانت موضع ترحيب من قبل الكثيرين، وإلى حد الآن، لم تواجه هذه البادرة سوى معارضة محدودة في المملكة، حيث عمد الملك سلمان، فضلا عن ابنه، إلى تضييق الخناق على كل من يظهر نزعة معارضة.

وأوردت الصحيفة على لسان غانم نسيبة، الأستاذ الزائر في كلية كينجز في لندن، أنه “من المحتمل أن يكون هذا التحول بمثابة التغيير السياسي الأكثر أهمية منذ تأسيس المملكة السعودية”.

وفي الأثناء، يتوافق هذا التحول مع الإصلاحات السياسية والاجتماعية الجارية، على غرار تعزيز مكانة المرأة والسير نحو التحرر الاقتصادي.

وأبرزت الصحيفة أن ابن سلمان مصر على تنفيذ تحويرات جذرية، خلافا لسلفه. وقد أكد ابن سلمان أن “ما حدث في العقود الثلاثة الماضية لا يعكس الصورة الحقيقية للسعودية”.

كما أن ما حدث في المنطقة خلال تلك الفترة الزمنية لا يجسد جوهر منطقة الشرق الأوسط. والآن حان الوقت للعودة إلى المسار الصحيح وتحديث البلاد وتطويرها بشكل فعلي.

ولفتت الصحيفة إلى حادثة في سنة 1979 قائلة: “قامت مجموعة من الإسلاميين بقيادة جهيمان العتيبي بالاعتداء والاستيلاء على الحرم المكي، احتجاجا على “تغريب” المجتمع السعودي.

وقد استغلت المملكة هذه الحادثة حتى تحطم جميع الآمال فيما يتعلق بإمكانية التغيير والتسامح مع أي حركة معارضة.

آنذاك، تلاشت الموسيقى من التلفزيون وأُغلقت دور السينما وتوقفت الصحف عن نشر صور النساء، واستمرت هذه المحظورات إلى حد اليوم دون تغيير يذكر، وقد أجبر ذلك السعوديين الأقل تأثرا بالأفكار الوهابية على السفر إلى مدن أخرى مثل دبي والقاهرة والعواصم الغربية لإشباع حاجاتهم الترفيهية”.

وأفادت الصحيفة أن التحول الاجتماعي، الذي اقترن أيضا بتحوير نموذج الإنتاج والخصخصة الجزئية لشركة أرامكو العملاقة للنفط، يعد برنامجا محفوفا بالمخاطر وتحيط به العديد من التساؤلات. وفي هذا الصدد، صرح الأستاذ غانم نسيبة أن “هذا المشروع سيواجه مقاومة من قبل القطاعات التقليدية في المملكة، خاصة وأنها تتعايش في منتهى التوافق مع النمط المتوارث والمعتاد. وقد يلجأ البعض منهم أيضا إلى ممارسة العنف لمقاومة هذا التغيير”.

وأقرت الصحيفة بأنه في بلد لا يرخّص إقامة أماكن عبادة لغير المسلمين، ويقلل من أهمية الأقلية الشيعية، ويقوم بإعدامات علنية إلى اليوم، ستكون حقوق الإنسان وإرساء الديمقراطية من أبرز المشاكل التي تجاهلها مشروع “الثورة” الاقتصادية المعلن.

وفي الختام، أوردت الصحيفة أنه منذ شهر أيلول/ سبتمبر الماضي تم اعتقال عشرات الناشطين ورجال الدين والصحفيين وحتى أعضاء من العائلة المالكة بسبب معارضتهم للسياسة الخارجية المثيرة للجدل التي أعلن عنها الأمير ابن سلمان، إلى جانب تنديدهم بالقصف في اليمن والحصار الإقليمي المفروض على قطر.

وقد أكدت سارة ليا، المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش أن “هذه الاعتقالات هي خير دليل على أن ابن سلمان ليس لديه أي مصلحة في تحسين سجل بلاده على مستوى حرية التعبير وحكم القانون”.

x

‎قد يُعجبك أيضاً

السيسي يُطعم المصريين الخبز المصاب بـ”الإرجوت” السام لإرضاء الروس!

رصد تقرير استقصائي لموقع “أريج” كيف يُطعم السيسي المصريين الخبز المصاب بفطر قمح “الإرجوت” لإرضاء ...