الغوغاء والدهماء والرعاع.. الخطر القادم!

السعيد الخميسي :

* الغوغاء والدهماء والرعاع .. خطر يهدد استقرار وأمن وسلامة وتقدم أي وطن إذا اجتمعوا . والغوغاء فى اللغة هى الصوت والجلبة والكثير المختلط من سفلة الناس . ويقال : الغوغاء فى الطبيعة هم صغار الجراد . أما الدهماء فهم عوام الناس , ويقال رجل من الدهماء , أي مشعوذ يتلاعب بعقول الناس . ويقال أيضا ليلة دهماء , أى ليلة حالكة السواد . أما الرعاع فهو مفرد رعاعة وهم سفلة الناس وجهلتهم وسفهاؤهم . عن أبى هريرة رضى الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : سياتى على الناس سنوات خداعات يصدق فيها الكاذب ويكذب فيها الصادق ويؤتمن فيها الخائن ويخون فيها الأمين وينطق فيها الرويبضة . قيل وما الروبيضة..؟ قال : الرجل التافه يتكلم فى أمر العامة . إنهم التافهون حقا من غوغاء ودهماء ورعاع لان المعروف عندهم ما عرفوا, والمنكر عندهم ما أنكروا, اتخذوا أهواءهم إلها من دون الله , وجهلهم علماً, لا يتوقفون برهة؛ ولا يراجعون فكرة , ولا ينصرون حقا ولا يدحضون باطلا . هم عون كل ظالم وسند كل باغ فى الأرض .

* يقول الإمام على كرم الله وجهه : ” الناس ثلاثة : عالم ربانى , ومتعلم على سبيل نجاة , وهمج رعاع غوغاء أتباع كل ناعق , يميلون مع كل ريح , لم يستضيئوا بنور العلم , ولم يلجؤا إلى ركن وثيق . ” والهمج هم حمقى الناس . وأصل الكلمة من الهمج جمع همجية وهو ذباب صغير كالبعوض يسقط على وجوه الغنم والدواب وأعينها . فشبه همج الناس به . ولقد سئل الإمام على من هم الغوغاء ..؟ قال : ” هم قوم إذا تجمعوا ضروا وإذا تفرقوا نفعوا. قيل له : علمنا مضرة اجتماعهم فما منفعة تفرقهم قال : يذهب كل واحد منهم إلى مهنته فينتفع بهم الناس .” إنهم التائهون فى أودية الضلال والغواية , لايؤمنون بنص , ولايؤتمنون على عرض أو شرف , يسيرون فى كل المواكب , ويأكلون على كل الموائد . لقد فقدوا ابسط الصفات التي تفصل الإنسان عن عالم الحيوان . مثلهم كمثل الجراد الذي جاء ذكره كمعنى للغوغاء. إن الجراد إذا نزل بأرض خضراء حولها إلى أرض جرداء قحلاء . كذلك الغوغاء والدهماء والرعاع والرويبضة إذا اجتمعوا , كان خطرهم عظيما ولاسيما وإن عقولهم مبرمجة ومغسولة بغسول الجهل والغباء وعدم الوعى .

* يقول خالد بن صفوان: ” الناس ثلاث طبقات، طبقة علماء، وطبقة خطباء، وطبقة أدباء، ورجرجة بين ذلك يغلون الأسعار، ويضيقون الأسواق، ويكدرون المياه .” وللأسف الشديد فإن الغوغاء اليوم ليسوا هم الجهلة فقط والأغبياء وسقط المتاع والرعاع فقط . بل ما يؤلم أشد الألم أن منهم شرائح تنتمى لما يسمى ” النخبة ” و بعض تلك النخب لم ينتفعوا بعلم تعلموه , أو بثقافة اكتسبوها , أو أخلاق سمعوا عنها . فمنهم من هو منتكس العقيدة , متدني الأخلاق , ملوث الفكر , مشوه العقل , ينعق مع كل ناعق , وينوح مع كل نائح , كالثكلى المستأجرة التى تنوح مقابل المال ,فهذا يعتبر وباء على المجتمع الذي يعيش فيه .الغوغاء هم الذين قتلوا الأنبياء , وهدموا الكعبة , هم الذين قالوا لموسى عليه السلام ” اجعل لنا إلها كما لهم آلهة ” . فرغم العبر والمعجزات الى رأوها رأى العين على يدي نبيّ الله موسى, فلم تزجرهم تلك الآيات، ولم تعظهم تلك العبر والبينات . وطلبوا من نبى الله موسى كلما مروا على أقوام يعبدون الأصنام , أن يجعل لهم أصناما وتماثيل يعبدونها من دون الله . فلم ينتفعوا بعلم أو عقل أو حتى نبى يسير معهم ..!

* وإذا أردت أن ترى الغوغائية والهمجية والسرقة والنهب واستحلال الدماء فى أزهي صورها وأفضل زمانها , فانظر إلى الغوغائيين , الظالمين , المعتدين , قتلة التقى النقى العفيف الطاهر أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه , يقول ابن تيمية ” والذين خرجوا على عثمان هم طائفة من أوباش الناس ” . وبذلك يضيف لفظا آخر وصفة أخرى غير ماسبق ذكره من ألفاظ , ألا هو لفظ ” الأوباش ” وهم فى الحقيقة مجموعة مارقة من الجهلة والدهماء والرعاع فى مصر والبصرة والكوفة .. دخلوا عليه رضى الله عنه وهو يقرا فى سورة طه دون خطأ أو تعتعة , بعدما أمر عثمان رضى الله عنه المدافعين عنه بالانصراف من الدار , وكان وقتذاك صائماً، فإذا برجل من المحاصرين يدخل عليه، ولما رآه عثمان قال له: بيني وبينك كتاب الله، فخرج الرجل، ودخل آخر أسود البشرة، مصري الجنسية يُقال له: الموت الأسود، ، فخنقه والمصحف بين يديه، وفار الدم على المصحف الذي كان يحتضنه . ولما تم قتله أحلّوا ماله، ونهبوا بيته كله ، وعاثوا فيه فساداً، ثم اقتحموا بيت المال ونهبوا كل ما فيه. أرأيت غوغائية وجهل وإجرام أكبر من هذا..؟

* إن هولاء الغوغاء والدهماء والرعاع سواء من جهلة وسفلة القوم أو حتى من بعض النخب الفاشلة الفاشية , ومن بعض الكتاب المتحولين , ومن بعض المفكرين المذبذبين , وبعض أصحاب الرأى المترددين , وبعض المثقفين الحيارى المتحولين تحول الليل والنهار , يمثلون الشوكة في خاصرة الأمة ويتميزون بالتعنت الفكري وعدم قبول الحقيقة مهما كانت . فضلا عن سعيهم بكل ما أتوا من قوة ومن رباط الخيل فى تضليل الرأى العام وتسطيح العقول وخلط الحق بالباطل , والصدق بالكذب وماهو يقينى بما هو ظنى . فماذا أنت قائل فى وسائل إعلام محلية وإقليميه صورت المقاومة الفلسطينية ضد الصهاينة بأنهم رأس الفساد ومنبع الإرهاب , وأنه يجب ضربهم بالطائرات لمحوهم من على وجه الأرض حتى تخلو لهم الأرض بما رحبت . فإذا بهم اليوم يسارعون كأنهم إلى نصب يوفضون بالتقاط الصور التذكارية معهم , وهم فرحون مستبشرون بما يفعلون ..!. إنهم يركلون بأقدامهم ماغرسوه فى أدمغة الناس بكل الطرق والسبل . لامبادئ ولا ثوابت ولا قواعد ولا أصول ولا حتى فروع . إنها غوغائية الفكر , واللعب على كل الحبال , والأكل على الموائد , والسير فى كل المواكب . الصداقة والعداوة فى عالم السياسية كخطة كرة القدم تتغير بين الشوطين حسب سير المباراة . نحن فى عصر الهمجية والغوغائية السياسية بكل ماتحمله الكلمة من معنى .

x

‎قد يُعجبك أيضاً

هزيمة مؤقتة

محمد عبدالقدوس الأوضاع في بلادي بعد تسع سنوات من ثورتنا المجيدة تدخل في دنيا العجائب.. ...