ماذا نريد؟ .. نريد بلد صالح و نمو متواصل و مستديم و تقدم يليق بوطن عريق عراقة آلاف السنين .. نحلم بألفة و سعادة و مودة بين كل أطياف المجتمع في هذا الوطن و يتعدى كل الحدود إلى كل الأوطان و هذا هو طريقنا.
نريد جيل يرى الإسلام صلاة و صيام و ذكر و تبتل كما يراه أخلاق و قيم .. و يراه ثقافة و قانون و يعمل به في الكسب و الغنى .. و يراه أيضا هو الجهاد و الدعوة كما هو الدولة و الوطن .
نريد جيل يغلي صدره على كل المقدسات و يذوب قلبه على كل ضعف أو أسى .. جيل ذا قدرة فاعلة و قوة دافعة للعمل يعمل دائما على التفاعل و الشمول .. جيل يؤكد على القيم و التوازن و الاعتدال جيل بناء صاحب رؤية و إيجابية و تميز و استقلال.
جيل يؤمن أن التقدم في الاتجاه لا يضيع عمره هباء .. لا يستسلم ليأس أو ذل أو قهر .. جيل الشباب جيل النور و الأمل و المستقبل جيل النصر المنشود .. و ليعلم كل منا أننا الشباب المقصود.
و بداية أيها الشباب نضع بين أيديكم أمثلة الشباب الذي نريد ذاك الشباب الذي قامت و تقوم عليه الدعوات و تبنى عليه الحضارات و تلقى عليه التكاليف شباب العمل و الصبر و التغيير و البناء والتنمية المستدامة و ليس أنقى و أرقى من شباب القرآن و فيضه و السنة و هديه و من هؤلاء الذي نريد :
نبي الله إبراهيم الثورة
﴿قَالُوا سَمِعْنَا فَتىً يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ﴾ شاب فتي ثائر لدينه وإعزاز لمبدأه يثور عندما تنتهك حرمات الله أو تغتصب مقدساته أو تستباح دياره أو تضيع حقوق أمته لا يطيق أن يرى قومه في غفلة أو ضلالة أو جهالة بل يدعوهم بالعقل تارة و الحيلة تارة والحكمة تارة والثورة تارة والتبرؤ والاعتزال لما يفعلون تارة أخرى داعيا ربه لهدايتهم مهما رأي منهم من عنت أو ظلم أو حتى إلقاءه في النار ساعيا إلى زرع الخير في أمته و لذريته ﴿رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ ﴾.
نبي الله يوسف الحافظ العليم
﴿اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ ﴾ شباب التقوى والعفة والطهارة يأبى أن ينجرف في الشهوات و يرفض أن يرتكس في حمأة الخطيئة و الفاحشة وهو يرى في نفسه ريعان الشباب و الفتوة و نضارة الجسد و هذا سلوك شباب الأمة العفيف الطاهر أمام مغريات الفتن و الشهوات بل ينصرف إلى الغم و العمل و التميز و إلى ارتقاء أعلى المناصب لأنه يستحقها و يريدها حتى يحصنها و يكون عليها أمينا.
فتية الكهف
شباب التغيير شباب زادهم الله هدى و آتاهم تقواهم فأشهروا إيمانهم بربهم و دعوا قومهم إلى المحجة البيضاء و أرادوا تغيير قومهم و يأخذوهم إلى الله وعندما علموا أنهم سيفتنون و يريد قومهم أن يعيدوهم إلى ملتهم بعد أن نجاهم الله منها و أخرجهم من الظلمات إلى النور فأووا إلى كهف ربهم راجين نشر رحمة ربهم و يهيء لهم من أمرهم رشدا.
فتية مشكاة النبوة الفاتحين قائدي الأمم ذاك ركب النبوة الذي يفيض من عطائه الزاخر و تتبايع منه قوافل الحق تترا ذلك الشباب الذي نصروا رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أن خذله شيوخ قومه بكبرهم و جهلهم و أوصانا رسول الله بهم فقال “أوصيكم بالشباب فإنهم ارق أفئدة بعثت بالحنفية السمحة فخذلني الشيوخ و حالفني الشباب ” فكان أصحابه صلى الله عليه و سلم من الذين آمنوا و هاجروا و جاهدوا و صبروا و منهم الذين آووا و نصروا و حملوا لواء الدعوة إلى أرض الله جميعا و ضحوا في سبيلها بالغالي و النفيس وباعوا أنفسهم لله بوعده بأن لهم اللجنة و تنافسوا في ذلك تنافسا و سبقا إلى الله فكان منهم سيف الله خالد و سفير الإسلام مصعب و قراء الأنصار و الفاتح قتيبة و الناصر صلاح الدين.
أعلنوا الحرية يوم كانت يوم كانت الأمم ترسف في قيود العبودية، ونشروا التوحيد يوم كانت العقول مصفدة بأغلال الجاهلية وأقاموا العدل يوم كانت فارس والروم تُسخِّران الشعوب لمطامعها الحربية .. ، بذلوا المال في المكارم حين كان يجمعه غيرهم من المظالم ،و صانوا الأعراض والحرمات حين كان غيرهم يبيع الأمهات والأخوات.
جباههم تخضع للَّه وتعلو عمن سواه ، وقلوبهم تهوى الجمال وتنفر من كل قبيح ، وعقولهم تؤمن بالحق ، وترفض كل باطل ، وأيديهم : يد مع اللَّه ، وأخرى مع الناس ..
آمنوا بالدين ليرفعوا به الدنيا و عملوا للدنيا ليخدموا بها الدين ، وجمعوا بين الدين والدنيا ، ليكونوا في الحياة أعزاء ، وفي الآخرة من الفائزين …
حكموا الدنيا فملؤها أمنا وسلاما ، وعصفت بهم النكبات فاستقبلوها صبرا وابتساما، ومن اعتدى عليهم جعلوا الأرض فوقه أطلالاً وركاما ..
دماء الشهداء عندهم عطر الشباب والرجال ، وسهام الأعداء في صدورهم أوسمة العزة والكمال ،
إنهم – في الحقيقة – أجيال فريدة لا كالأجيال ، ورجال متميزون لا كالرجال ، وأمة رائدة لا كباقي الأمم ..فكانوا ﴿كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ﴾.
وما زالت المسيرة مستمرة و لم و لن تقف أبدا و لن تنقطع مدد هذه الثلة من ورثة الأنبياء ما دام هناك شباب يعمل و ما دام هناك دعوة تحمل و صوت ينادي ” سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله ، إمام عادل وشاب نشأ في عبادة الله ، ورجل قلبه معلق بالمساجد ، ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه ، ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال إني أخاف الله . ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه ، ورجل ذكر الله خالياً ففاضت عيناه “
و سينبري للحق قوافله من الشباب ليضربوا أروع الأمثال و ليكونوا هم أبطال الملحة القادمة و الفرسان المغاور فهم عماد كل أمة و سبيل نهضتها و سر قوتها و حامل فكرتها و رايتها ﴿إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آَمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدىً ﴾.ٍ