العمل الصالح .. في أيام العشر

الْحَمْدُ لله الْعَزِيزِ الغفار، الواحد القهار، مُكَوِّرِ الليل على النهار، تَذْكِرَةً لأُولِي القلوب والأبصار، أحمده أبلغ حَمْدٍ وأزكاه وأشمله وأنماه، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، وحبيبه وخليله الهادي إلى الصراط المستقيم وإلى الدين القويم وبعد،،،

فقد جعل الله سبحانه وتعالى لبعض الشهور فضلاً على بعض كما قال تعالى… مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ... (التوبة: من الآية 36). وقال تعالى الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ… (البقرة: من الآية 197)، كما جعل بعض الأيام والليالي أَفْضَلَ من بعضٍ، وجعل ليلة القدر خيرًا من ألف شهر، وأقسم بالعشر وهي عَشْرُ ذي الحجة على قول أكثر أهل العلم من المفسرين.

وما هذه المواسم الفاضلة إلا ليستعيد المؤمنُ هِمَّتَهُ نحو فعل الخيرات وترك المنكرات، فالسعيدُ مَنِ اغتنم مواسمَ الشهور والأيام والساعات وتَقَرَّبَ فيها إلى مولاه ليحظى بسعادة دنياه وأُخْرَاهُ.

الْعَشْرُ الْأُوَلُ من ذي الحجة هي أفضل الأيام:

أخرج البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «ما العمل في أيام العشر أفضل من العمل في هذه، قالوا: ولا الجهاد؟ قال: ولا الجهاد إلا رجل خرج يخاطر بنفسه وماله فلم يرجع بشيء»، ولفظ رواية أبي داود و الترمذي وابن ماجه وأحمد أشهر على ألسنة الخطباء عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «ما من أيام الْعَمَلُ الصَّالِحُ فيها أَحَبُّ إلى الله من هذه الأيام»(سنن أبي داود) يعني أيام العشر،قالوا: يا رسول الله، ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: «ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء»(سنن أبي داود)، إنه لَحَثٌّ كَرِيمٌ من نبينا صلي الله عليه وسلم نحو التزود من الصالحات في أيام العشر في كلمات تبعث الْهِمَّةَ في قلوب الغافلين والرَّغْبَةَ في إحسان العمل والاجتهاد وبذل الوسع في طاعة ربنا سبحانه حيث يقول: «ما من أيامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فيها أَحَبُّ إلى الله من هذه الأيام»(سنن أبي داود).

ألا تدعونا هذه الكلمات مَعَاشِرَ المؤمنين إلى المسارعة إلى مغفرة من ربنا وجنة عَرْضُهَا السماواتُ والأرضُ !! ألا تدعونا هذه الكلمات إلى المسابقة إلى جنة عرضها كعرض السماء والأرض!!! ألا تدعونا هذه الكلماتُ نحو التنافس مع المتنافسين في الصلوات وحضور الجماعات وإخراج الزكوات وقراءة القرآن والنفقة في سبيل الله والحرص على حِلَقِ الْعِلْمِ ومجالس الوعظ، والاجتهاد في الدعاء، وكثرة التسبيح والتكبير وذبح النسك في عيد الأضحى، مخلصًا في كل ذلك عَمَلَكَ لله رب العالمين، قال تعالى: {لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ…} (الحج: من الآية 37) إن العبد في الدنيا لَيَتَزَلَّفُ إلى سيده بما يحبه ليحظى بقربه ومِنَحِهِ وعطائه، وكذلك كل عامل مع رئيسه في عمله، فكيف لا نَتَزَلَّفُ ونَتَقَرَّبُ إلى الله بالصالحات في أيام يُحِبُّهَا ويحب العمل الصالح فيها أكثر من بقية الأيام، فسبحانه إنه لا يطلب ذلك منا لاحتياجه لعبيده فسبحانه لا تضره معصيةُ العاصين ولا تنفعهُ طاعةُ الطائعين، ولكن كل ذلك لِيَعُودَ إلينا نَفْعُهُ وثَوَابُهُ كما أخبر سبحانه في الحديث القدسي في آخره: «… يا عبادي إنما هي أعمالكم أُحْصِيهَا لكم ثم أُوَفِّيكُمْ إياها فَمَنْ وجد خيرًا فَلْيَحْمَدِ اللهَ ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه»(صحيح مسلم).

الصيام في هذه الأيام:

لا شك أن الصيام من أفضل الأعمال الصالحة التي يقدمها العبد لربه حيث يقول ربنا في الحديث القدسي: «الصوم لي وأنا أجزي به..»(صحيح البخاري)، فمعظمُ هذا العملِ الصالِحِ أَخْفَى الله جزاءه على العباد لِيُكَافِئَهُمْ به على قدر إخلاصهم فيه له، فالصومُ من أَجَلِّ الْقُرُبَاتِ إلى الله تعالى فكيف إذا وافق فِعْلُها العشر من ذي الحجة.

يقول ابنُ حَجَرٍ رحمه الله في الفتح في شرح حديث: «ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله» واستدل به على فضل صيام عشر ذي الحجة لاندراج الصوم في العمل، واستشكل بتحريم الصوم يوم العيد، وأُجِيبُ بأنه محمولٌ على الغالب ولا يردُّ ذلك ما رواه أبو داود عن عائشة قالت: «ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم صائمًا الْعَشْرَ قط»(سنن أبي داود) لاحتمال أن يكون ذلك لكونه كان يترك العمل وهو يحب أن يعمله خشية أن يُفْرَضَ على أُمَّتِهِ، كما رواه الشيخان في حديث عائشة. والذي يظهر أن السبب في امتياز عَشْرِ ذي الحجة لمكان اجتماع أمهات العبادة فيه، وهي الصلاة والصيام والصدقة والحج، ولا يتأتى ذلك في غيره» انتهى.

والذي يؤيد كَلَامَ ابْنِ حَجَرٍ رحمه الله تعالى الْحَدِيثُ الذي رواه أبو داود كذلك عن هنيدة بن خالد، عن امرأته، عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: «كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يصوم تسع ذي الحجة، ويوم عاشوراء وثلاثة أيام في كل شهر أو أول اثنين من الشهر والخميس»(سنن أبي داود).

الإكثار من التسبيح والتحميد والتكبير في هذه الأيام:

أخرج الطبراني في الكبير عن ابن عباس مرفوعًا: «ما من أيام أعظم عند الله ولا أحب إلى الله الْعَمَلُ فيهن من أيام العشر، فأكثروا فيهن من التسبيح والتحميد والتهليل والتكبير»، وترجم البخاري في الفتح قال: «كان ابن عمر وأبو هريرة يخرجان إلى السوق في أيام العشر ويكبران ويكبر الناس بتكبيرهما». يقول ربنا سبحانه في قرآنه … {وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ} (العنكبوت: من الآية 45)، ويقول آمرًا عِبَادَهُ بقوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً * وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً} (الأحزاب 42: 41)، وقال سبحانه: {… أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} (الرعد: من الآية 28)، فَذِكْرُ الله تعالى له من العوائد الكبيرة والفوائِدِ العظيمة على العبد في الدنيا والآخرة ما يجعله لَاهِجًا بذكره في الْغُدُوِّ والآصال، وفي كل وقت وحين.

ورد في الصحيح عن أبي الدرداء رضي الله عنه موقوفًا يقول: «ألا أُخْبِرُكُمْ بِخَيْرِ أعمالكم، وأرفعها في درجاتكم، وأزكاها عند مليككم، وخير لكم من إعطاء الذهب والْوَرِقِ وخَيْرٌ لكم من أن تَلْقَوْا عَدُوَّكُمْ فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعناقكم؟ قالوا: بلي، «قال: ذِكْرُ الله تعالى»(موطأ مالك)، وقال أبو عبد الرحمن مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ رضي الله عنه: «ما عَمِلَ ابْنُ آدم مِنْ عَمَلٍ أنجى له من عذاب الله من ذِكْرِ الله»(موطأ مالك).

وَلْتَلْحَظْ أيها المسلم الكريمُ الْمُوَافَقَةَ التي بين تفضيل العمل الصالح في أيام العشر من ذي الحجة على الجهاد في سبيل الله، وبين علو مرتبة الذِّكْرِ فوق أن يَلْقَى الإنسانُ العدوَّ فيَضْرِبَ عُنُقَهُ في سبيل الله فلعل سِرَّ فَضْلِ هذه الأيام لاشتمالها على الإكثار من التسبيح والتهليل والتكبير والتلبية فيها كما ورد في الحديث آنفًا.

المفاضلة بين العشر الأواخر من رمضان وعشر ذي الحجة:

ذكر ابن القيم في كتابه العظيم زاد المعاد لَطِيفَةً عظيمةّ «يقول: فإن قُلْتَ: أَيُّ العَشْرَيْنِ أَفْضَلُ؟ عَشْرُ ذِي الْحِجَّةِ، أو الْعَشْرُ الأخيرُ من رمضان»؟ قُلْتُ: الصوابُ فيه أن يقال: ليالي العشر الأخير من رمضان أَفْضَلُ من ليالي عشر ذي الحجة، وأيام عشر ذي الحجة أفضل من أيام عشر رمضان وبهذا التفضيل يزولُ الاشتباه، ويدل عليه أن لياليَ الْعَشْرِ من رمضان إنما فُضِّلَتْ باعتبار ليلة القدر، وهي من الليالي، وعشر ذي الحجة إنما فُضِّلَ بِاعْتِبَارِ أيامه، إذ فِيهِ يَوْمُ النحر، ويوم عرفة، ويوم التروية» انتهى بتصرف.

التشبه بالحجيج:

لما كان الله سبحانه وتعالى قد وضع في نفوس المؤمنين حنينًا إلى مشاهدة بيته الحرام، وليس كل أحد قادرًا على مشاهدته في كل عام ففرض سبحانه على المستطيع الحجَّ مرة واحدة في عمره، وجعل موسم العشر مشتركًا بين السائرين والقاعدين، فمن عجز عن الحج في كل عام قدر في العشر على عمل يعمله في بيته يكون أفضل من الجهاد الذي هو أفضل من الحج.

فتشبهوا يا معاشر المؤمنين بالحجيج في أعمالهم في الطاعة والذِّكْرِ والأضحية، وَمَنْ نَوَى الأضحية منكم فلا يحلق ولا يُقَلِّمْ أظفاره تشبهًا بالْمُحْرِمِ، فعن أم سلمة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إذا رَأَيْتُمْ هِلَالَ ذِي الْحِجَّةِ وَأَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يُضَحِّيَ فَلْيُمْسِكْ عَنْ شَعْرِهِ وَأَظْفَارِهِ»، وفي رواية أخري: «مَنْ كَاَن له ذِبْحٌ يَذْبَحُهُ، فإذا أَهَلَّ هِلَالُ ذِي الْحِجَّةِ فَلَا يَأْخُذَنَّ مِنْ شَعْرِهِ وَأَظْفَارِهِ حَتَّى يُضَحِّي» (صحيح مسلم).

بعض فضائل العشر في القرآن الكريم:

أولاً: أقسم الله به جُمْلَةً وببعضه خصوصًا فقال: {وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرٍ} (الفجر2: 1)، قيل: إنه أُرِيدَ به فَجْرُ أول يومٍ من عشر ذي الحجة، وقيل: بل أُرِيدَ به فَجْرُ آخِرِ يَوْمٍ منه، والليالي الْعَشْرُ هي عَشْرُ ذي الحجة، هذا الصحيحُ الذي عليه الْجُمْهُورُ من السلف وغيرهم وهو الصحيح عن ابن عباس رضي الله عنهما.

ثانيًا: أنه خَاتِمَةُ الأشهر المعلومات، أَشْهُرِ الحج التي قال الله فيها {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ...} (البقرة: من الآية197)، وهي شوال، وذو القعدة، وعشر من ذي الحجة، رُوِيَ ذلك عن عُمَرَ، وابْنِهِ عبد الله، وعَلِيٍّ وابن مسعود، وابن عباس، وابن الزبير وغيرهم وهو قول أكثر التابعين ومذهب الشافعي وأحمد وأبي حنيفة.

ثالثًا: أنه الأيام المعلومات التي شرع الله ذِكْرَهُ فيها على ما رزق من بهيمة الأنعام قال الله تعالى: {وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ * لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ} (الحج: 28)، وجمهور العلماء على أن هذه الأيام المعلومات هي عشر ذي الحجة، منهم ابن عمر وابن عباس والحسن وعطاء ومجاهد وعكرمة وقتادة والنخعى، وهو قول أبي حنيفة والشافعي وأحمد في المشهور عنه.

آثار ضعيفة ينبغي الاحترازُ من روايتها:

عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ما من أيام أَحَبُّ إلى الله أن يُتَعَبَّدَ له فيها من عشر ذي الحجة يعدل صيام كل يوم منها بسنة، وكل ليلة منها بقيام ليلة القدر».أخرجه الترمذي (ج3 / ح 758 / كتاب الصوم)، قال أبو عيسي: هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث مسعود بن واصل عن النهاس بن فهم، وقد تكلم يحيى بن سعيد في نهاس بن فهم من قِبَلِ حِفْظِهِ» انتهى (ج3 / 131)، وقال ابن رجب: النهاس بن فهم ضعفوه (لطائف المعارف 521).

وعن راشد بن سعد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «صيام كل يوم من أيام العشر كصيام شهر»، قال ابنُ رجب هذا حديث مُرْسَلٌ ضعيف الإسناد (لطائف المعارف 522)، وعن أنس بن مالك قال: «كان يُقَالُ في أيام العشر بكل يوم أَلْفُ يوم، ويوم عرفة عشرة آلاف»، قال الحاكم: هذا من المسانيد التي لا يُذْكَرُ سَنَدُهَا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا يغتر أحدنا بقول القائل: يُعْمَلُ بالأحاديث الضعيفة في فضائل الأعمال ولا حَرَجَ من ذكرها.

والحق أن العلماء الذين جَوَّزُوا هذا اشترطوا شروطًا لا تتوفر في هذا الذي يُشَاعُ وَيُذَاعُ من الأخبار، فقد نص الحافظ بن حجر فيما نقله عنه السخاوي في «القول البديع» ص 195 على أن شرط العمل بالحديث الضعيف ثلاثة:

الأول: وهو أن يكون الضعف غَيْرَ شديد، فيخرج مَنِ انْفَرَدَ من الكذابين والمتهمين، وَمَنْ فَحُشَ غلطه.

والثاني: أن يكون مندرجًا تحت أصل عام، فيخرج ما يخترع بحيث لا يكون له أصل أصلاً.

الثالث: أن لا يعتقد عند العمل به ثُبُوتَهُ للنبي صلي الله عليه وسلم لِئَلَّا ينْسُبَ إلى النبي صلى الله عليه وسلم ما لم يقله.

ولا تنطبق هذه الشروط على كثير من الأحاديث التي تم ذكر بعضها، فإن منها ما هو موضوع لا يحل ذكره إلا على سبيل التحذير منه ومن روايته، ومنها ما هو شديد الضعف لِفُحْشِ غَلَطِ رَاوِيهِ، ومنها ما لا يندرج تحت أصل عام، بل هو مُنَاقِضٌ له وللأدلة الصحيحة وللأسف الشديد أن كثيرًا من الْخُطَبَاءِ والوعاظ يَرْوُونَ مثل هذه الأحاديث وكأنها من الصحاح التي لا شائبة فيها، فمن أين للسامع أن يتبين له ضَعْفُهَا حتى لا يعتقد عند العمل بها ثبوتها، ولا نَنْسَى أن ما عندنا من الصحيح يُغْنِينَا غِناءً كبيرًا عن الأحاديث الواهية والموضوعة والضعيفة.

هذا وبالله التوفيق، وصلِّ اللهُمَّ على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم.

 

x

‎قد يُعجبك أيضاً

لا مَلجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلّا إِلَيهِ

خمسة توكل!قال الإمام القشيري:“لما صدَق منهم الالتجاء تداركهم بالشِّفاء، وأسقط عنهم البلاء، وكذلك الحقُّ يكوّر ...