بعد تراجع شعبية النظام المصري بشكل ملموس بعد قرارات زيادة أسعار المشتقات البترولية والكهرباء، والتي زادت حالة التضخم المرتفعة أصلا اشتعالا، ابتعد الجنرال عن الظهور العام بعض الوقت، ثم عاد للظهور بمناسبة افتتاح قاعدة عسكرية، وأعقبها بتنظيم مؤتمر شبابي تعود النظام حشد مئات الشباب المضمون ولاؤهم لحضوره.
ليتحول الشباب بالمؤتمر إلى أشبه بديكور للمشهد الذي يستهدف توصيل رسالة معينة للمجتمع، بأن قرارات الإصلاح الاقتصادي التي انعكست سلبا على حياتهم اليومية كانت ضرورية، وأنه سيعقبها تحسن بأحوالهم بعد فترة، وأن عليهم المزيد من الصبر والتحمل بالفترة الحالية.
وحتى يتم السيطرة على الموقف تحول مشهد أسئلة الشباب المباشرة بالمؤتمرات الشبابية السابقة والتي سببت حرجا للمسؤولين ببعضها، لأسئلة مكتوبة يتم الاختيار فيما بينها لعرض بعضها.
ليصبح الشكل الغالب هو اختيار بعضهم للجلوس بجانب الجنرال، وما بين مقاعد المسؤولين بالصفوف الأولى لإضفاء الطابع الشبابي على الصورة، على أن يكتفوا بالجلوس والتصفيق مقابل الفسحة والإقامة المجانية والظهور بالكادرات التلفزيونية.
غياب قضايا الشباب بالتوصيات
ولهذا غابت قضايا الشباب عن المؤتمر الأخير، وهو ما كشفت عنه قرارات المؤتمر التي تناولت مطالب مجتمعية بعدد من محافظات الدلتا، ومن بين 11 قرارا للمؤتمر كان القرار الوحيد المتعلق بالشباب، يخص دعم الدولة لمنتدى حوار شباب العالم الذي سيقام بشرم الشيخ بنوفمبر القادم.
وغابت قضية الشباب المحبوسين، ولم يتم الوعد بالإفراج عن دفعات أخرى منهم بالفترة القادمة، رغم أن ما تم الإفراج عنهم كان: 82 شخصا بالدفعة الأولى بنوفمبر الماضي، و203 أشخاص بمارس الماضي، وغير معروف عدد من تم الإفراج عنهم من الشباب من بين 502 شخصا تم الإفراج عنهم بيونيو الماضي، كان من بينهم مسجونون جنائيون بل وتاجرة مخدرات.
ولم يتم التطرق للجدول الزمني لتنفيذ قرارات المؤتمرات السابقة مثل مشروع محو الأمية، أو موعد توزيع أراضي مشروع المليون ونصف الفدان على الشباب الذي تم الوعد به من قبل، أو زيادة أسعار الإسكان الاجتماعي مؤخرا، أو الدفع بالشباب لتولي المناصب القيادية.
حتى وعود إقامة دوري رياضي للمدارس والجامعات وإحياء دور قصور الثقافة، التي خرجت عن الاحتفال بيوم الشباب بيناير من العام الماضي لم يتم تناولها، أيضا التوصية بمنح البنوك قروض بفائدة 5 % للمشروعات الصغيرة، والتي لم تنفذها البنوك سوى للمشروعات القائمة دون المشروعات الجديدة.
كما تفادى المؤتمر التعرض للتوصية التي خرجت عن مؤتمر الشباب بأسوان بيناير الماضي بالقضاء على أزمة ارتفاع الأسعار، رغم زيادتها عما كانت عليه بذلك الوقت.
وبالطبع لم يتناول المؤتمر عدم تحقق ما وعد به وزير التخطيط في ديسمبر 2014 من إقامة شركة لتوظيف الشباب، تحت اسم مشروع أيادي برأسمال 10 مليارات جنيه بالتعاون مع وزارتي التنمية المحلية والصناعة واتحاد الصناعات واتحاد الغرف التجارية لتوفير نصف مليون فرصة عمل خلال ثلاث سنوات.
18 سيارة لنقل السلع المبردة
كذلك عدم تحقق ما وعد به الجنرال خلال حملته للترشح للرئاسة بتوفير سيارات للشباب لبيع الخضر والفاكهة عليها لتوفير فرص عمل لهم، حيث أن ما تحقق في هذا المشروع الذي تبناه صندوق تحيا مصر الذي أسسه الجنرال من التبرعات، هو 18 سيارة فقط للسلع المبردة حتى يونيو الماضي، وفرت 54 فرصة عمل فقط بمعدل ثلاث فرص عمل للسيارة.
أيضا ارتفاع فائدة مبادرة مشروعك التي تتباها وزارة التنمية المحلية لتوفير قروض للشباب من البنوك، حيث تصل الفائدة إلى 28 % إذ تعتبر الوزارة أنها أفضل حالا من فائدة القروض بجمعيات التمويل للمشروعات والتي تصل إلى ما بين 30 – 32%.
ولم يحسم المؤتمر اللغط بين ما تذكره التصريحات الرسمية عن توفير المشروعات القومية لنحو 4 ملايين فرصة عمل للشباب منذ يونيو 2014 ،وهي المشروعات التي تشرف على معظمها الهيئة الهندسية بالجيش، وبين ما يبينه الواقع من اعتماد كثير من شركات الجيش على المجندين بتشغليها، فمحطات تزويد السيارات بالوقود يديرها المجندون.
وبوابات تحصيل الرسوم على الطرق ما بين المحافظات يديرها مجندون أو عاملون سابقون بالجيش، ومنافذ بيع السلع للجمهور يقوم بالعمل بها مجندون.
وهكذا تظل أحوال الشباب الاقتصادية ملبدة بالمشاكل والتي تعبر عنها بيانات الجهاز المركز للإحصاء الحكومية، والتي تشير إلى أن نسبة 79 % من العاطلين من الشباب، وأن نسبة 92 % من العاطلين من حملة المؤهلات المتوسطة والعليا، وأن نسبة البطالة بين الشباب من سن 20 إلى 24 سنة تصل إلى 32 %، وتزيد نسبة البطالة بين الشباب من سن 25-29 سنة إلى 39 %.
ممدوح الولي