نشرت صحيفة “لاكروا” الفرنسية تقريرا تحدثت فيه عن مدى تأثر دول الحصار على رأسها المملكة العربية السعودية بالحظر الذي فرضته على قطر.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته “عربي21″، إن وزراء خارجية مصر، والسعودية، والبحرين، والإمارات العربية المتحدة اجتمعوا يوم الأربعاء، 5 تموز/ يوليو لتحديد الموقف الذي سيتخذونه ضد قطر على خلفية رفضها الموافقة على قائمة المطالب الـ13.
وذكرت الصحيفة أن هذه الأزمة اندلعت، دون سابق إنذار يوم 5 حزيران/ يونيو، عندما أعلنت المملكة العربية السعودية إنهاء علاقاتها الدبلوماسية مع قطر. على إثر هذا الإعلان، سارت العديد من الدول في المنطقة على خطى السعودية، على غرار الإمارات، ومصر، واليمن، والبحرين. وتجدر الإشارة إلى أن قطع العلاقات الدبلوماسية مع قطر رافقه فرض حصار اقتصادي عليها.
وأشارت الصحيفة إلى أن الرياض وحلفاءها بدأوا العد التنازلي يوم 23 حزيران/ يونيو، من خلال تحديد مهلة زمنية انتهت برفض دولة قطر الاستجابة لمطالب الدول المقاطعة. ووفقا للخبراء، يبدو أن المهلة التي منحتها السعودية لقطر تعد بمثابة تهرّب من اتخاذ أي إجراءات أخرى ضدها.
وذكرت الصحيفة أن الدوحة، اعتبرت قائمة المطالب الـ13 “غير واقعية وغير مقبولة”، لأنها تتدخل في البعض من القضايا المتعلقة بسيادتها الوطنية (مثل إغلاق قناة الجزيرة). ونتيجة لذلك، يعتقد الخبراء، أن الرياض تهدف إلى نسف أي طريق تؤدي إلى إيجاد مخرج لهذه الأزمة. وبناء عليه، اجتمع وزراء خارجية دول الحصار، يوم الأربعاء في القاهرة، لتحديد ردّهم على رفض قطر لمطالبهم واتخاذ القرار الحاسم حيال ذلك.
والجدير بالذكر أنه، يوم أمس، وعلى هامش هذا الاجتماع، دعا وزير الخارجية القطري، محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، إلى “الحوار” مؤكدا أن بلاده “مستعدة للمشاركة في عملية تفاوض تكون في إطار واضح يضمن السيادة القطرية”. ولكن، لم تستجب أي من المملكة العربية السعودية وحلفائها لهذه الدعوة حتى يوم الأربعاء 5 تموز/ يوليو.
وأضافت الصحيفة أن المملكة العربية السعودية أعلنت عن الأسباب التي دفعتها إلى قطع علاقاتها مع قطر، لعل أبرزها تمويل قطر للجماعات الإرهابية المزعومة؛ مثل جماعة الإخوان المسلمين، وتقاربها السياسي من دولة إيران “الشيعية”، العدو اللدود للمملكة السنية “الوهابية”.
من جهة أخرى، توجد أسباب غير معلنة جعلت المملكة تعتبر قطر دولة منافسة لها في المنطقة، وهي ضغينة تعود جذورها إلى سنة 1995. فضلا عن ذلك، يملك ولي العهد الشاب، محمد بن سلمان، الذي يدير في الوقت الراهن شؤون المملكة ويرغب في فرض سيطرته على كامل المنطقة، نظرة قاتمة تجاه القطريين.
وذكرت الصحيفة أن مساندة قطر للثورات العربية، التي شهدتها مصر، وليبيا، واليمن، وتونس، ودعمها للثوار؛ كان سببا في إثارة غضب المملكة التي كانت تدعم بقاء الأنظمة الدكتاتورية على رأس السلطة في هذه البلدان. علاوة على ذلك، تملك قطر موارد تساعدها على تعزيز استقلاليتها، منها العائدات الضخمة للغاز الطبيعي المسال، فضلا عن امتلاك أداة دعائية ضخمة، وهي قناة الجزيرة التي تبث باللغتين العربية والإنجليزية في أكثر من 100 دولة، والتي تعتبرها السعودية مصدر قوتها الناعمة.
وبالتالي، إن كانت قطر تعاني من تداعيات الحصار الاقتصادي المفروض عليها، فإن ذلك سيطال أيضا المملكة وحلفاءها الذين سيقعون في الفخ الذي نصبوه لها. فلا يخفى عن أحد أن هناك علاقات تجارية كبيرة تربط هذه البلدان ببعضها، ولا سيما دولة الإمارات العربية المتحدة، التي تستورد كميات كبيرة من الغاز الطبيعي من قطر، فضلا عن المملكة العربية السعودية. لذلك، من المحتمل أن هذه الأزمة سوف تساهم في إثارة بعض الخلافات الداخلية وستلقي بظلالها على هذه الأقطار.
وفي الختام، بينت الصحيفة أن امتلاك قطر “لجهاز استثمار” يعد ثاني أضخم صندوق ثروة سيادي في العالم، أتاح لها فرصة فتح استثمارات ضخمة في العديد من البلدان، بما في ذلك في فرنسا، وألمانيا والمملكة المتحدة، ويمكن الدوحة نسبيا من تخطي هذه المحنة في ظل الحصار المفروض عليها.