من هم الإسلاميون؟

بقلم: عامر شماخ

 

منذ أن شببنا عن الطوق والعسكر وأشياعهم من العلمانيين والليبراليين والمرتزقة الحزبيين، يصدرون إلينا فكرة نشوز التيار الإسلامى، وعنفه وإرهابه، وخروجه عن المألوف، ومعاداته للوطنية.. وهى بإجمالها تهم باطلة، كاذبة زيفها المبطلون على هذا التيار العريض ليحولوا بينه وبين شعوبنا التى تهواه، ولا يتم هذا التزييف إلا بسلطة غاشمة باطشة، لا ترعى إنسانية، ولا تعرف آدمية، فضلاً عن إعلام يتحرى الكذب، وفساد متعمد لشراء الذمم، وقضاء مسيس يدوس على القانون والدستور، ومؤسسات أخرى هابطة..

 

والحقيقة أن هذا التيار هو لسان حال الدين والوطن، لا ينكر ذلك إلا مكابر، وقدر هذا التيار أن خصمه منزوع الأخلاق والضمير، يشنِّع عليه ليل نهار، ويرميه بما ليس فيه. وإذا بحثت عن الخيانة والعمالة والفشل والقسوة؛ فلن تجدها إلا فى هذا الخصم، كما أن من قدر هذا التيار أن الحرب عليه مفتوحة من الجميع، والدنيا كلها صارت حزبًا واحدًا ضده؛ لإطفاء نور الله الذى يدعو إلىه، ولتكون فتنة، وليكون الدين تحريفًا وتزويرًا على الله، ووساوس ما أنزل الله بها من سلطان… لكن هذا كله لن يكون إن شاء الله.

 

لو راجعت التاريخ الحقيقى لبلادنا وما طرأ عليها، وما نقص منها وما زاد؛ لن يخطئ بصرك رؤية هذا التيار منافحًا عن الدين والوطن، مدافعًا عن الهوية، مقاتلاًِ مستبسلاً للمحتلين والغزاة، عقبة فى طريق المتربصين والفاسدين والانتهازيين، ولا يزال جيلاًً بعد جيل مسالمًا لأبناء وطنه، ناصحًا لهم، باذلاً الجهد والمال لنشر الوعى، ودرء الخطر فما وهن لما أصابه فى سبيل الله، وما ضعف وما استكان..
رأيناهم منذ مطلع القرن الفائت يتصدون لمن أرادوا تغيير هويتنا، وتلطيخ سمعتنا، فمنعوهم من إتمام هذه الجريمة التى تعدد الجناة فيها، وتنوعت وسائلهم وقد مُولوا بالعدد والعتاد، أما أصحابنا فجاهدوا وصبروا، فلم ييأسوا، ولم يقنطوا رغم قسوة المواجهات، وشراسة الخصم، ثم تطورت المواجهات فصارت أكثر عنفًا ودموية فلم نر فى الساحة إلا هؤلاء الإسلاميين، الذين لم يتركوا ثغرة إلا حموها، ولا بيضة إلا حفظوها لا ينافسهم فى ذلك تيار آخر أو جماعة من الجماعات..

 

لقد أخرجوا الإنجليز من القاهرة، ثم من القناة، وكذلك فعلوا مع المحتلين -مع اختلاف جنسياتهم- فى باقى الدول، وما كان لهؤلاء أن يخرجوا لولا هؤلاء المجاهدون، الذين تسلحوا بالإيمان، وأعدوا ما استطاعوا من قوة، فكان تحرر البلاد والعباد على أيديهم، ثم زرعت البذرة الحرام في قلب وطننا العربى، كيان الصهاينة، فبادروا إليه يقذفونه من كل جانب، ويعرقلون خططه، ويفسدون استراتيجياته، ولولا خيانات وعمالة من جيوش وعروش عربية لأزيلت الدولة اللقيطة منذ زمن؛ لكنه قدر الله لينكشف هؤلاء العملاء، وليميز الله الخبيث من الطيب، وليظل طابور الشهداء يمر كل يوم، يدفع بمن يحملهم إلا الجنة، ويذكر الناظرين إليه بعظمة هذا الدين، وعلو قيمته، وفضله على العالمين.

 

إنك لو وصفت الإسلامى الذى يرميه المجرمون بما ليس فيه لقلت: هو الإنسان، الخلوق، العطوف، الرحيم، الرءوف، المحب للبشر على طوائفهم ومذاهبهم وألوانهم وألسنتهم، المنقذ من الضلال، الساعى إلى الخير، الناشر للفضيلة، المحب للعلم، الراغب فى التقدم، والميسر على الناس، الزاهد فى الدنيا، ومما فى أيدى الناس، الصابر ، القانت، الثابت، عف اللسان، رقيق الجنان، الحكيم، الكريم، الوقور، الحيى… إلخ تلك الصفات العظيمة والسمات الجميلة التى لا يمكن حصرها، ولسنا فى مجال المقارنة كى نذكر صفات الآخرين الذين خلوا من الأخلاق، وحلت عليهم صفات الأنعام وطبائع الأبالسة..

 

ولن تسلم بلادنا إلا يوم أن يقود هؤلاء الإسلاميون، وهو لا بد آت؛ فإن الله جعل الريادة فى الصالحين من عباده؛ فبها يسعد الناس، ويسود الأمن، ويعم الخير، وينزوى الفساد، ويزول الاستبداد، وينعم الخلق بالحرية، والكرامة، وعزة الأنفس..

 

أما ما نراه الآن فهو أضغاث أحلام، وخليط أفكار مشوشة، وأشباه رجال تسلطوا علينا فارتقوا مرتقى صعبًا، ووقفوا موقفًا ليس لهم، وتجرءوا وانتفخوا انتفاخ الفأر أمام جبل شاهق، فلو طارت حصاة منه لقتلته، لكنه الناموس الذي يحكم الكون، فإن أمر الله قدر مقدور، وأن هناك ساعة لا يستقدمون عنها ولا يستئخرون.. ويقولون متى هو، قل عسى أن يكون قريبًا.

x

‎قد يُعجبك أيضاً

هزيمة مؤقتة

محمد عبدالقدوس الأوضاع في بلادي بعد تسع سنوات من ثورتنا المجيدة تدخل في دنيا العجائب.. ...