ثورة دي ولا انقلاب؟

د. عز الدين الكومي:

 

مرت الذكرى الرابعة للانقلاب العسكري الدموي على أول تجربة ديمقراطية عاشتها البلاد، كإحدى ثمار ثورة يناير 2011، هذه التجربة الوليدة التي أنتجت أول رئيس منتخب من الشعب، وصياغة دستور للبلاد، وبرلمان حر بغرفتيه، لكن النظام العسكري الدكتاتوري الذي جثم على صدر البلاد طَوال ستة عقود سرعان ما انقلب على هذه التجربة، ليعيد البلاد إلى القمع والبطش والقهر والفقر والجوع !!
لكن اللافت للنظر مع مرور الذكرى الرابعة أن المرء يلحظ وكأن العالم بدأ يشعر بوخز الضمير، بعد التستر على هذا النظام وعلى جرائمه التي طالت حتى غير المصريين !!
فقد نشرت صحيفة “الموندو” الإسبانية تقريراً لها بعنوان : “بعد أربع سنوات من الانقلاب: مصر تخرب على يد السيسي” !! وقد قالت الصحيفة في تقريرها: إنه في خضم الوضع الكارثي على الصعيدين الاقتصادي والسياسي، سلم نظام السيسي جزيرتي البحر الأحمر تيران وصنافير إلى المملكة العربية السعودية المبجلة، في مقابل ذلك أنفقت المملكة ملايين الدولارات من أجل تجنب إفلاس بلاد الفراعنة، كما نقلت الصحيفة تصريح المحامي إبراهيم متولي، المهتم بتوثيق عمليات الاختفاء في أروقة أمن الدولة، الذي أقر بأن “هذا الأسلوب شائع في مصر، ففي بداية الأمر، تعمل السلطات على إخفاء أثر المساجين، ثم تزعم أنهم إرهابيون لقوا حتفهم في حادثة إطلاق نار، وفي بعض الحالات، يظهر المختفون فجأة، وتسند لهم تهمة ارتكاب جريمة وقعت بعد إلقاء القبض عليهم، كما يروج لقصص غريبة تفوق الخيال”.
كما أن وكالة الأنباء الأردنية “بترا” بدورها وفي مفاجأة غير متوقعة قالت: إن الثالث من يوليو انقلاب عسكري بقيادة السيسي !!
ويعتبر تصريح وكالة الأنباء الأردنية (بترا) والذي فاجأت به الجميع في أجندة الأحداث التي وقعت في مثل هذا اليوم من الأعوام الماضية بوصف ما جرى في مصر في 3 يوليو/تموز 2013 بانقلاب عسكري نفذه وزير الدفاع المصري «عبد الفتاح السيسي» (آنذاك).
وقالت بترا: إن وزير الدفاع نفذ انقلابا عسكريا على «محمد مرسي» أول رئيس منتخب بعد ثورة 25 يناير مؤيدا من شيخ الأزهر المعين، وبابا الكنيسة، وبعض أحزاب المعارضة، وقام بتعيين رئيس المحكمة الدستورية «عدلي منصور» رئيسا مؤقتا للبلاد. إلا إنه وبعد ساعات من نشر الخبر، قامت الوكالة بإزالته نهائيا وعطلت صفحة (حدث في مثل هذا اليوم.
كما صرح رئيس وزراء الكيان الصهيوني “نتن ياهو” قائلا: شاركنا في الانقلاب على الرئيس مرسي، ولقد حاولنا مرارا أن نتواصل مع السلطة الحاكمة في مصر عام 2012، ولكننا فوجئنا أن هذه السلطة ترانا كأعداء لها، وأن (إسرائيل) احتل بلد عربي شقيق». ولذلك كان لا بد لنا من التخلص من هذه السلطة التي لا تريد سلاما، خصوصا بعدما أعلنه الرئيس مرسي وأوضح لنا نيته في أنه يريد أن يتخلص من دولة (إسرائيل).
كما أن صحيفة الواشنطن بوست نشرت تقريرا لها بعنوان: “هكذا استغل الجنرالات احتجاجات 30 يونيو ” أوضحت من خلاله كيفية استغلال جنرالات مصر احتجاجات الشوارع لتنظيم انقلاب” وأنه قبل أربع سنوات ظهر الجنرال عبد الفتاح السيسي على التلفاز معلنا إيقاف العمل بالدستور وعزل محمد مرسي، أول رئيس منتخب ديمقراطيا من منصبه، ووعد بأن يظل الجيش خارج السياسة في فترة ما بعد مرسي. وأشارت الصحيفة إلى كيفية دعم العسكر لحركة تمرد باعتبارها شعبية الجذور . وقالت: إن تسريبات صوتية مسربة كشفت أن قيادة تمرد كانت تسحب أموالا من حساب مصرفي بإشراف جنرالات، يتم تمويله من خلال دولة الإمارات. وأوضحت الصحيفة كيفية تطور علاقة الجنرالات خلال السنوات الأربع الماضية بالإعلام، بداية بعلاقة التفاهم والتوحد الشديد بين الإعلاميين ورؤساء التحرير الموالين للسلطة بالنظام ورأسه، مرورًا بإطلاق التحذيرات والتهديدات بين الحين والآخر، وصولًا للمصادرة والمنع والحجب، الذي طال الجميع بمن فيهم الموالون !! وأن مصر في ظل النظام الانقلابي حلت على رأس “القائمة السوداء”، التي أعدتها منظمة مراسلون بلا حدود، لحرية الصحافة في الدول، والتي تضم الدول التي يُعتبر فيها وضع الصحافة “خطيراً للغاية”، بعدما تراجعت مصر من المرتبة 159 إلى المترتبة 161 من بين 180 دولة على مستوى العالم في حرية الصحافة لعام 2017، كما أن مصر أصبحت من ضمن 21 دولة على مستوى العالم تعد الأسوأ في حرية الصحافة وتأتي على رأس القائمة السوداء التي أعدتها المنظمة بشأن حرية الصحافة.
وبعيداً عن تحليلات الصحف فإن الواقع يشهد بأن مصر تعيش أوضاعاً سيئة فى ظل النظام الانقلابي؛ فبعيد الانقلاب سقط آلاف الضحايا، وتم اعتقال عشرات الآلاف من الرافضين للانقلاب، وتهجير أهالي سيناء قسرياً، والذى يعتبر جرائم ضد الإنسانية، وتدهور الوضع الاقتصادي، وتوقفت السياحة وتراجعت إيرادات قناة السويس، وانهار الجنيه أمام الدولار، وكانت قاصمة الظهر، رفع أسعار المشتقات البترولية، وقد تردت الأوضاع الاقتصادية، لدرجة أن كل مولود يولد فى مصر، مدين بثلاثين ألف جنيه!! وتدهور التعليم واحتلت مصر المركز قبل الأخير في مؤشر جودة التعليم، كما احتلت المرتبة 142 عالميا من بين 144 دولة، كأكثر الدول عجزا في الموازنة العامة للدولة. كما احتلت المرتبة 119 ضمن 144 دولة عالميا في التنافسية . واحتلت المركز 130 في قائمة أكثر الحكومات تبذيرا، والمرتبة 121 في جودة خدمات الشبكات الكهربائية. واحتلت مصر المرتبة 140 من بين 144 دولة في مؤشر كفاءة سوق العمل لعام 2014 – 2015، واحتلت المرتبة 112 في استقرار بيئة الأعمال من 189 دولة حول العالم.
والسؤال المطروح على كل من أيد الانقلاب، ورقص على أنغام بشرة خير، وتسلم الأيادي:
“ثورة دي ولا انقلاب؟؟

x

‎قد يُعجبك أيضاً

هزيمة مؤقتة

محمد عبدالقدوس الأوضاع في بلادي بعد تسع سنوات من ثورتنا المجيدة تدخل في دنيا العجائب.. ...