بقلم : مجدي مغيرة
منذ أول لقاء له على شاشات الفضائيات المصرية ظهرت علامات الفهلوة على محيا طبيب الفلاسفة وفيلسوف الأطباء ، القائد “الدكر” الذي انتظرته الجماهير ، وحلم به الشعب ليكون منقذا له من الأزمات التي حاقت به من كل جانب .
فقد تفاجأ المتابعون له بأول اقتراح له لحل مشكلة الكهرباء ، وذلك باستعمال اللمبات الموفرة ؛ مما سبَّبَ صدمة كبيرة لأحد كبار مؤيديه المصريين المقيمين في أمريكا ، وأعلن عن خيبة أمله على شاشات التلفاز في لقاء له على قناة الجزيرة .
ثم توالت الفتوحات الفنكوشية بالإعلان عن اختراع جهاز جديد يعالج الإيدز وفيرس سي ، دعا له الصحافة المحلية والعالمية ، وكان المؤتمر فضيحة من العيار الثقيل ، لكن رأينا العجب العجاب في إصرار إعلامه وإصرار مؤيديه على الاحتفال بالاختراع العظيم الذي فشلت مخابرات الدول العظمى في الحصول على أسراره .
ثم أعلن الرجل عن حاجته لمليار جنيه ( على جنْب ) لا تدخل في ميزانية الدولة ، وقد أجبروا الموظفين في الحكومة وفي القطاع العام ، وفي الشركات الخاصة بدفع راتب يوم من راتبهم الشهري للصندوق الذي أنشأه خصيصا لذلك ، وأعلن – كذبا وزورا – أنه سيتبرع لذاك الصندوق بنصف ثروته ، تشجيعا للمصريين على التبرع .
ثم أعلن عن التفريعة الجديدة لقناة السويس التي ستدر على مصر 100مليار جنيه سنويا ، وفتح باب المساهمة للمصريين الذين أسرع الكثير منهم بسحب إيداعاتهم من البنوك من أجل المساهمة بها لحفر قناة السويس الجديدة طمعا في نسبة الفوائد المرتفعة التي سيحصلون عليها .
ثم أعلن عن المؤتمر الاقتصادي الذي سيجلب 160 مليار دولار لمصر من خلال الاستثمارات من مختلف دول العالم ، ثم انفض مولد المؤتمر دون حمص أو حتى قرون الخروب .
الآن نرى الوضع الاقتصادي يتهاوى بسرعة البرق ، وتتوالى اللكمات على وجه الجنيه الذي كان يوما ما سيدا من سادات العملات في العالم ، ويشعر الجميع بالكارثة تحيق بهم من كل جانب ، لكن دون أن يفكروا في وضع حد للمهزلة التي ستجرف الجميع وهي تسير في طريقها نحو الهاوية.
ثم يزداد بطش الشرطة ، ويمتد أذاها إلى الجميع بمن فيهم من رقص للسيسي يوما ما ، ولمن أيَّد انقلابه يوما ما ، ولمن أظهر الشماتة في قتلى الإخوان يوما ما ، ولمن ساهم في اعتقال الإخوان ومؤيديهم يوما ما .
ثم نرى أجنحة الانقلاب وهي تتصارع على الغنائم ، وكل فريق يحاول أن يستأثر لنفسه ولأتباعه بأكبر قدر منها ، ويسقط صرعى ذلك رجالٌ طغوا وبغوا وظنوا أنهم من يقدر المقادير ، وأن الأيام قد انقادت لمشيئتهم ، وأن الزمان قد أصبح جنديا من جنودهم ، وأن الدنيا تأتمر بأمرهم وليس بأمر جبار السموات والأرض .
البعض يدبر ويخطط عسى أن يكون له الأمر والنهي ، أو على الأقل يخرج بغنيمة تقيه ذل السؤال إذا ذهب عنه السلطان .
والبعض الآخر يأمل أن يخرج من مؤسسات الدولة من يؤدي دور الفارس النبيل الذي يأتي راكبا جواداً أبيض ؛ لينتشل البلاد والعباد مما حاق بهم ، ويعيد إليهم شيئا من الرمق ، وشيئا من الأمن والأمان .
لكن ينبغي على كل المخلصين والحريصين والغيورين أن ينتبهوا لأمور تجاهلوها من قبل وهي :
لا أمل في أي حل جديد يجعل للعسكر نصيبا في إدارة شئون البلاد .
لا أمل أن يصلح المفسدون من أنفسهم ، فمن امتلأت بطونهم من الحرام لن يستسيغوا العيش الحلال .
لا أمل فيمن شارك في سفك الدماء ، وفيمن شارك في الانقلاب على الديمقراطية التي ارتضيناها حكما بين الجميع .
لا أمل فيمن يريد إقصاء فريق كبير من الشعب إرضاء لأحقاده .
لا حل أمامنا إلا بالقصاص ممن سفك الدماء ، وتطهير المؤسسات ممن أفسدها وجعلها وسيلة لإشباع رغباته وإرواء عطشه للمال والسلطة .
الحل هو أن تكون البلاد للجميع دون إقصاء .
والاحتكام إلى القانون دون محاباة .
والحرية للجميع دون تمييز .
فهل ذلك أمر ميسور أم أضغاث أحلام ؟
الجميع ينتظر الآن ما ستأتي به مقادير الله تبارك وتعالى .