الموقف الأخلاقي لقطر

يبدو أن دول الحصار ماضية في مخططها للنيل من بلد عربي جار هو قطر الذي كان للتو جزءا فاعلا من التحالف العربي في اليمن.

أكثر ما يثير الاشمئزاز هو هذا الإصرار على وصف قطر بأنها بلد يدعم الإرهاب.

لا يحق للدول الأربع هذه أن تتحدث من موقع الوصي على سلوك المنطقة، ولا يمكن الحديث عن الإرهاب بمنطق الغرب الذي يرى في الإرهاب أنه إسلامي ويهدد النموذج الغربي في الحياة ويهدد بتقويض البيئة الديمقراطية التي ينعم بها الغرب، وهذه حقيقة لا يستطيع إنكارها  إلا جاحد.

كل الذي تصنعه بلدان الحصار أنها تكرس المنطق الأهوج لترامب الذي يرى الإرهاب إسلاميا فقط، وهو منطق لم يسبقه إليه أي زعيم غربي من قبل.

ما التهديد الذي تشكله قطر لبلد مثل السعودية الذي يرهن كل أحداثه الكبرى والمصيرية للفتوى التي باتت تفصل على مقاس ولي الأمر.

وما التهديد الذي تشكله قطر على بلد مثل الإمارات التي تحولت إلى فندق كبير جدا ومحطة استراحة للجيوش الغربية، وسلسلة لا حصر لها من السجون وأعمال القمع والانتهاكات والاصطفافات الفجة مع الأنظمة القمعية في الجمهوريات العربية.

الإمارات الْيَوْمَ  بلد يدار بطريقة غامضة ويتحكم به شخص مهووس بالسلطة هو محمد بن زايد، وضعته التراتبية الخاصة بانتقال السلطة في موقع الموتور الذي وضع يده على كل مفاصل السلطة، لكنها لم تنتقل بعد إليه، ما اضطره إلى إظهار  أخيه في هيئة مثيرة للشفقة.

حين أجبر الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي على قطع علاقته مع دولة قطر، تجلت ملامح المخطط الذي رسمته  وأبو ظبي في ظل تفهم واضح من جانب الرياض، وبالتعاون الكامل مع ترامب وحفنة من المتعصبين المسيحيين واليهود في إدارته الذين ضاقوا ذرعا بمساحة الحرية التي تتيحها قناة الجزيرة ومن بقعة الضوء التي تشع من قطر  في منطقة مظلمة ومليئة بالسجون السرية.

هناك مخطط لإعادة تصميم المنطقة، بإشراف هذا الجيل المتعصب من السياسيين الذين حملهم ترامب من حلبة المصارعة إلى البيت الأبيض.

هذا الفريق المتصل وجدانيا بالحكومة اليهودية في تل أبيب، لا يهتم بالديمقراطية، فهو يبارك تماما ما يقوم به محمد بن زايد وبالسجون السرية التي يديرها ليس فقط في الإمارات بل أنشأ منها الكثير في اليمن.

وهذا الفريق لا يعبأ بدكتاتورية السيسي التي قوضت أحلام المصريين في الحرية والديمقراطية.

المصريون في عهد السيسي ينامون ليضحوا على تطورات سيئة تطال حياتهم.

لا يوجد نظام ديمقراطي في مصر.

أما في السعودية فان ميزتها الوحيدة أنها لا تزال تدير عملية انتقال السلطة بجبروت يَصْعب مقاومته، لكنه بدأ على ما يبدو يراكم تلالا من الإحن حول مغانم السلطة في هذا البلد الغني بثرواته النفطية.
يدين اليمنيون لقطر بموقفها الأخلاقي في حرب صيف 94.

هذا الموقف الذي  عبر عن التزام قطر المبدئي تجاه الوحدة اليمنية.

بالتأكيد المخلوع صالح الذي يطمح للعودة إلى السلطة، لن يتذكر موقف قطر لأن عينه على أبو ظبي حيث يعيش نجله الموعود من بن زايد بالعودة إلى تلة الخراب الكبيرة في اليمن ليتسلم السلطة كما يخطط بن زايد وغرفة  عملياته التي يديرها وتضم حفنة من الشخصيات المنبوذة.

لن تستطيع أبو ظبي تمرير مخططها السيء لتقسيم اليمن وإجهاض تجربته في التغيير وقناة الجزيرة  لا تزال تبث من الدوحة، لذا ضغطت على عواصم الحصار الأخرى لجعل مسألة إغلاق شبكة الجزيرة العملاقة  إحدى أهم  أولوياتها.

لقد دفع اليمن ثمنا باهضا  منذ بدء تدخل التحالف العربي، ويتوقع أن تنتهي مهمة التحالف بالكيفية التي يتطلع إليها اليمنيون لا بالشكل الذي يريده محمد بن زايد.

لذا نتوقع نحن اليمنيين بأن يفشل مخطط تقسيم اليمن، والفضل هنا يعود إلى دولة قطر ودورها. كيف لا الم تدفع قطر كل هذه الأثمان لأجل مواقفها المبدئية.

لقد بات من الصعب على دول الحصار المضي في تحقيق أهدافها على جسد قطر وكرامتها واستقلال قرارها الوطني.

سقط رهان التطويع بعد أن تبين أن الوقوف ضد قطر قد كشف المخططات السيئة التي تستهدف اليمن والمنطقة وقضاياها الكبرى وفِي مقدمتها القضية الفلسطينية.

سيتعين على الإمارات وأبو ظبي إنفاق المزيد من المليارات لتغطية التكاليف الباهظة التي تتطلبها عملية وصول محمد بن زايد إلى سدة الرئاسة في أبو ظبي.

وحين يتحقق ذلك سيبقى اليمنيون ممتنون للموقف الأخلاقي لقطر تجاههم، وسيبقى العالم يرقب اللحظة التي يعطي فيها الشيخ تميم شارة البدء لانطلاق بطولة كأس العالم 2022.

ياسين التميمي
x

‎قد يُعجبك أيضاً

هزيمة مؤقتة

محمد عبدالقدوس الأوضاع في بلادي بعد تسع سنوات من ثورتنا المجيدة تدخل في دنيا العجائب.. ...