سياسة بير السلم!

د. عز الدين الكومي:

 

في حوار مع صحيفة رأي اليوم الداعمة للنظام الانقلابي، يرى الانقلابي “حسن نافعة” أحد أفراد نخبة العار فى مصر، أن سيناريو الانقلاب العسكري وارد بعد تجاوز النظام الحالي كل الخطوط الحمراء، ولا أدري ما هي الخطوط الحمراء عند حسن نافعة بعد إراقة دم الشباب في رابعة والنهضة، والحرس الجمهوري والتحرير، واقتحام المساجد بالأحذية، وهو ما لم يفعله نابليون بونابرت، واقتحام نقابة الصحفيين، وانتهاك كافة الحقوق والحريات، وتجويع الشعب وإذلاله، والقتل خارج إطار القانون، والذي أصبح يتم بصورة شبه يومية، وأحكام الإعدام، التي يصدرها قضاة جهنم ويبصم عليها مفتى الدم؟؟!!

لكن حسن نافعة اكتشف أخيراً وبدون مقدمات اكتشافاً ربما يؤهله لجائزة نوبل في النفاق، نخبة تحت الطلب، لكن إذا كان اللواء عبد العاطي قدم لمصر جهاز الكفتة لعلاج فيرس “سي”؛ فإن حسن نافعة قدم لمصر جهاز علاج فيرس النخبة، الذي أصاب عددا من الانتهازيين السياسيين ممن دعموا الانقلاب العسكري، ظنا منهم أن العسكر مقاولو انقلابات عسكرية، ينفذون الانقلاب ثم يسلمون الحكم، لنخبة العار على المفتاح !!

وقال: إن السياسة اليوم تمارس على طريقة ” بير السلم”.. وإسرائيل هي اللاعب الأساسي في قضية “تيران” و”صنافير”.. و جائزة محمد بن سلمان مسمومة لهذه الأسباب، جذوة المقاومة في العالم العربي لم تنطفئ، في محاولة يائسة لإحياء رفات القومجية البالية من الأجداث !!

لذلك راح يعدد السناريوهات المتوقعة، قائلا : إن مصر تقف الآن أمام سيناريوهات عدة: منها سيناريو الهبة الشعبية التي قد تأخذ هذه المرة شكل ثورة الجياع والغضب, لكنها إن حدثت ستفاقم الأوضاع وتزيدها سوءا، ثم عاد وتراجع عن هذا السيناريو، لا لأنه اكتشف أن الجياع لا يقومون بثورات، وأن آخرهم المطالبة برغيف خبز غير صالح للاستعمال الآدمي، وبأقماح مسرطنة، أو لأنه لا يريد الاعتراف بالحقيقة المرة، وهي أن القوة الفاعلة لتحريك الشارع مابين شهيد ومعتقل ومطارد؛ لكن لأن الهبة الشعبية التي تخيلها فى عالمه الافتراضي لن تحل أي شيء، وانتقل مباشرة إلى احتمالية الانقلاب العسكري من داخل المؤسسة العسكرية نفسها ليس ببعيد، حيث رأى قادة بارزون من داخلها من أمثال” مجدي حتاتة، شفيق، عنان”، أن ما يحدث تجاوز كل الخطوط الوطنية الحمراء!! مع أن نظرية الاحتمالات التي أدخلنا فيها  جاءت في وقت لا يسمح فيه بانقلابات عسكرية، لأن جيش كامب ديفيد مشغول بمناورات الخميرة الحية، لسلاح الصاجات والعجوة وإنهاء كافة الطلبيات من الناعم والغريبة فى الموعد المحدد!!

ولكن بعد يقينه بأن هذه السيناريوهات مجرد أمنيات وأحلام يقظة راح يبحث عن سيناريو ثالث لعله يكون فيه الحل الناجع، وقد اعتبره الأهم، وهو نجاح نخبة العار، في تنظيم نفسها لخوض انتخابات الرئاسة القادمة، و فرض الشروط اللازمة على النظام لضمان نزاهتها!! وللأسف الشديد، فإن “نافعة” يعرف بأن الحديث عن انتخابات هزلية هو مضيعة للوقت ليس إلا، وفقط مطلوب من النخبة المنبطحة، تقديم محلل بعد أن حل صباحي ثالثا بعد الأصوات الباطلة فى الهزلية  السابقة، ولا أدري ما موقف “نافعة” بعد القانون الذي أصدره برلمان العسكر، بإلغاء الإشراف القضائي على الانتخابات ؟؟ والذي جعل عبد العال يقول: إشراف القضاء على الانتخابات مزعج جدا، والقضاء أشرف على الانتخابات قبل كده وبرضه اتزورت، وساعتئذ سيقوم بالإشراف على الانتخابات أمناء الشرطة وضباط كامب ديفيد!!

أما اكتشاف “نافعة” الآخر فهو أن هناك أصابع إسرائيلية خفية في قضية بيع الجزيرتين، وحذر من أنه إذا قام قائد الانقلاب بتسليم تيران وصنافير للسعودية، دون غطاء قانوني من المحكمة الدستورية العليا، وتم رفع العلم السعودي فوق الجزيرتين، فإن الشعب المصري سيتعامل معه باعتباره رجلا فرّط في التراب الوطني، وسيصبح سقوط نظامه مسألة وقت، ولا يمكن أن يكون صمت المصريين دليلا على رضائهم بما حدث، أو تسليمهم بالأمر الواقع المرير، فكيف وقد صدق قائد الانقلاب بالفعل على قرار البرلمان ببيع الجزيرتين، والشعب مازال يدندن تسلم الأيادي !!

والطريف أن “حسن نافعة” لم يكتشف الأصابع الصهيونية التي تعبث بالأمن القومي إلا بعد بيع الجزيرتين للسعودية، وأين كانت هذه الفراسة من حصار غزة، وخنق أهلها جراء الحصار، وإغراقها بمياه البحر، واعترافات توفيق عكاشة بالتنسيق مع نتن ياهو، لتسويق الانقلاب لدى الأمريكان، واللقاءات الصهيونية التي لم تتوقف منذ الانقلاب العسكري، باعتراف الصهاينة أنفسهم، واعتراف وزير صهيوني، بالاتفاق مع قائد الانقلاب بأن تكون سيناء وطنا بديلا للفلسطينيين، وتسريبات وزير خارجية الانقلاب، الذي بثته قناة “مكملين” بين وزير خارجية الانقلاب والمحامي الشخصي لرئيس الوزراء الصهيوني، حيث يراجع وزير خارجية الانقلاب مع “إسحق مولخو” اتفاقية بيع الجزيرتين للسعودية، وموافقة مصر على مقترح “إسحق مولخو” بأن القاهرة لن توافق على أي تعديل على الاتفاقية دون الموافقة المسبقة للصهاينة، وإن النظام الانقلابي مستمر في تنفيذ الاتفاقية بغض النظر عن قرار القضاء الشامخ!!

وأظن أن “نافعة” من أنصار لا تعقيب على أحكام القضاء الشامخ، لكنه نجح في اكتشاف الأصابع الصهيونية، وصوابع زينب، وصوابع كفتة اللواء عبد العاطي، وكلها صوابع !!

x

‎قد يُعجبك أيضاً

هزيمة مؤقتة

محمد عبدالقدوس الأوضاع في بلادي بعد تسع سنوات من ثورتنا المجيدة تدخل في دنيا العجائب.. ...