بقلم: د. عز الدين الكومي
يعول البعض كثيرًا على البرلمان الأوربي، بخصوص قضايا انتهاكات حقوق الإنسان في مصر، في ظل النظام الانقلابي، فقد قال بهي الدين حسن، مدير مركز القاهرة لحقوق الإنسان، في شهادته أمام لجنة حقوق الإنسان بالبرلمان الأوروبي ببروكسل: إن وضع حقوق الإنسان في مصر مُزْرٍ، خاصة فيما يتعلق بسيادة القانون واحترام الدستور ومبدأ الفصل بين السلطات، ومحاربة الفساد والعنف السياسي والإرهاب، وتطرق لفشل سياسات قائد النظام الانقلابي في مجابهة الإرهاب في سيناء وغيرها، وعجز الحكومة عن حماية المواطنين.
وقال: إن هذا الفشل يرجع بالأساس لتعامل النظام الانقلابي مع هذا الملف باعتباره مجرد مظلة لتمرير أجندة سياسية أخرى، ودلل على ذلك بسوابق خطيرة من بينها الاقتحام الأمني لنقابة الصحفيين، وتضييق الخناق الأمني علي كافة أشكال الأنشطة الشبابية، بما فيها الرياضية والثقافية، والسعي للقضاء علي حركة حقوق الإنسان بمصر – و التحرش الأمني بالحقوقيين المصريين داخل مصر وفي أوروبا!.
وطالب البرلمان الأوربي بإصدار قرار يساند جهود المصريين الساعية لوقف جرائم حقوق الإنسان الجسيمة المتعاقبة، منذ ثورة يناير ٢٠١١ – التي سعت لتحويل مصر لدولة عصرية يسود فيها حكم القانون، ويتمتع مواطنوها بالحرية والمساواة، ومحاسبة المسئولين عن جرائم انتهاك حقوق الإنسان، مثل جريمة قتل وتعذيب الشاب الإيطالي جيوليو ريجيني، وضحايا مذبحتي ماسبيرو ورابعة العدوية!.
لكن للأسف الشديد فإن الإتحاد الأوروبي هو من شارك في الانقلاب على التجربة الديمقراطية، عبر ممثلة السياسة الخارجية بالاتحاد كاترين أشتون، وبرنارد ليون المبعوث الأوربي، بشرعنة المجازر التي اقترفها العسكر، فضلاً عن مطالبتهم للمعارضين للانقلاب العسكري بضرورة القبول بالأمر الواقع، والاعتراف بالانقلاب العسكري!.
وقد اعترف بذلك محمد البرادعي الذي قال فى ندوة لمعهد الجامعة الأوربية: إنه في يوليو 2013 كان عليّ أن أكون جزءًا من المعارضة، لكن ما حدث بعد ذلك كان عكس ما وقّعْت (أو وافقت) عليه وهو انتخابات رئاسية مبكرة، وخروج مشرف للسيد مرسي، وافقت على الوصول لنهج شامل يكون الإخوان والإسلاميون جزءا منه! ولقد وقّعْت (أو وافقت) على خطةٍ عمِلَ عليها صديقي (مبعوث الاتحاد الأوروبي لدول جنوب المتوسط) برنارد ليون الذي يحاول أن يفعل نفس الشيء فى ليبيا، إلا أنه بعد ذلك تم إلقاء كل هذا من النافذة، بدأ العنف يسيطر وبمجرد أن يسيطر العنف ليس هناك مكان لشخص مثلي!.
أليس البرلمان الأوربي الذي يكيل بمكيالين هو من طالب المفوضية الأوروبية وحكومات أعضاء الاتحاد، بتجميد مفاوضات انضمام تركيا مؤقتاً، بسبب الإجراءات الأمنية التي اتخذتها الحكومة التركية عقب محاولة الانقلاب الفاشلة؟
أليس البرلمان الأوربي هو مَن أدان الإجراءات التركية التي قام بها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بعد عملية الانقلاب الفاشل، متمثلة في التلويح بإعادة عقوبة الإعدام، والقيام باعتقال وإقالة من ثبت تورطهم من الجيش والشرطة والقضاء؟
حتى قال مارك بيريني، سفير الاتحاد الأوروبي في تركيا: إن إعادة تفعيل عقوبة الإعدام، وإعفاء آلاف الضباط والقضاة والموظفين، هي قرارات لا يمكن اتخاذها بهذه السرعة حتى من قبل أكبر المؤسسات!.
وأين كان البرلمان الأوربي من أحكام الإعدام الجماعية التي أصدرها القضاء الشامخ ومازال، ويصدق عليها مفتي الدم؟
وأين هو البرلمان الأوربي من التصفية الجسدية والقتل خارج إطار القانون بصورة شبه يومية؟
وأين هو البرلمان الأوربي من حملات التحريض والكراهية التي يقوم بها الإعلام الانقلابي وأذرعه الإعلامية، بتوجيه من مدير مكتب قائد الانقلاب، اللواء عباس كامل؟
وأين هو البرلمان الأوربي من مصادرة أموال أفراد جماعة الإخوان المسلمين، والتي هي عبارة عن مستشفيات وجمعيات خيرية تخدم الآلاف من الفقراء والمعوزين؟
وأين هو البرلمان الأوربي مما حدث من مجازر منذ الانقلاب العسكري وحتى اليوم، والتي ترقى إلى جرائم ضد الإنسانية ؟؟
وأخيرًا.. أين هو البرلمان الأوربي المزعوم من التهجير القسري لأهالي سيناء بدون ذنب أو جريرة، سوى إفراغ سيناء من أهلها لصالح الكيان الصهيوني؟!
أليس هو البرلمان الأوربي الذي اعتبر نتيجة الاستفتاء على التعديلات الدستورية، ضربة قاصمة للديمقراطية في تركيا! ما حدا بالرئيس التركي أن يخاطب رئيس هذا البرلمان بقوله: انظر إليّ أيها الوقح من أنت ؟ أنت لا شيء سوى رئيس برلمان هناك، من أنت؟ منذ متى لديك السلطة لتقرر باسم تركيا؟ الشعب التركي يتخذ قراراته بنفسه، ويقطع حبله السري بنفسه! .
والواقع أن النفاق الأوربي ظهر جليا، في استقبال قائد الانقلاب فى عدد من العواصم الأوربية، وعلى رأسها باريس ولندن، وظهر بصور أوضح في غض الطرف عن قضية تعذيب الشاب ريجيني، المتورط فيها المخابرات الحربية وأمن الدولة فى مصر!