فى صراع الحكام وشعوبنا العربية

بقلم: عامر شماخ

 

لا يكابر اليوم إلا جاهل، فى أن حكامنا (الأشاوس!!) هم وكلاء الصهاينة والأمريكان فى المنطقة، وأنهم جاءوا إلى الحكم -جميعًا- بطرق غير شرعية؛ لاستهداف تلك الشعوب من أكثر من جهة؛ لعل الدين هى أولى تلك الجهات..
دلونى على حاكم عربى واحد يعمل بقرار ذاتى، ويسعى لمصلحة بلده، ولا يضع نصب عينيه رضا وغضب آلهة الغرب والصهاينة عليه؛ من أجل ذلك لا نعجب من منطقة يكفى خيرها أمم العالم أجمع – ورغم ذلك فإنها تمد يدها بالسؤال لأعدائها، ويُطعم أبناؤها من صناديق القمامة.

وإذا كان الغرب قد نجح فى «تجنيد» هؤلاء، وضمن وجود نواب لهم، وقطاع كبير من الشعوب يدورون فى فلك مصالحهم -فإنما فعل ذلك مع طائفة خلت قلوبها من التوحيد، واستأنست لقوى الأرض، وظنت أن النجاح والفلاح فى حرب الدين؛ فكان منطلقها استئصال كل ما له صلة بالإسلام، وتجفيف منابعه، وملاحقة منتسبيه ودعاته، وتسليم الجيل للذى يليه هذا الإرث من الكراهية والتمييز؛ وفى النهاية كان الحصاد: عصابة فى كل بلد عربى تستولى على السلطة، وتسخر جميع إمكانات هذا البلد أو ذاك لحماية هذه السلطة والمنتفعين بها، وهكذا دواليك: صراع فج وعنيف أو فظيع ومكبوت بين سلطة غاضبة غاشمة، أيًا كان شكلها: جمهورية أو ملكية، وشعب يجاهد كى يتحرر؛ ليحصل على أقل القليل من مستحقاته التى عرفتها مواثيق حقوق الإنسان، وخلال هذا الصراع يقتل الآلاف، ويجوع الملايين، وتتراجع البلاد حتى يُضرب بها المثل فى التخلف والضياع.

لم يطلب الشعب السورى مثلا أكثر من (ديمقراطية) يحصل من خلالها على أدنى معطيات الحرية السياسية، فقوبل ذلك -كما رأينا وسمعنا- بقتل مليون مواطن، وتهجير نصف الشعب خارج بلده، وتخريب العامر، وبين هذه الكوارث وتلك ارتكبت انتهاكات وفظائع يندى لها جبين الإنسانية. والأعجب أن يجد قاتل شعبه تأييد حكام العرب؛ فمنهم من يمده بالسلاح على مرأى العالم، ومنهم من يدعمه بالدبلوماسية، وما وجدنا واحدًا من هؤلاء الأشاوس قال له استغفر لذنبك؛ على طريقة زوج من همت بيوسف عليه السلام- بل كلهم يؤيدونه؛ إذ إنهم جميعًا هم هذا القاتل نفسه، وإن تسربلوا بسرابيل أخرى زائفة.

كما لم يطلب الشعب المصرى أكثر مما طلب الشعب السورى، فكان جزاؤه تحويل مصر الكبرى إلى «معسكر» وممارسة شتى أنواع العذاب عليه، من قبل ساديين غير أسوياء، حتى صار البلد أفقر بلاد الدنيا وأتعسها، ولو سألت مصريًا الآن: ما حلمك؟ لأجابك على الفور: مغادرة بلدى إلى أى بلد آخر.

وهكذا كل بلاد العالم العربى، لا تخرج محنتها التى جعلتها فى ذيل الأمم عن حاكم تابع، يدير هذا البلد على طريقة العصابات، متسلحًا بسلاح جيش هذا البلد، محتكرًا خيراتها لنفسه وأقاربه وحاشيته، ولا يرى هذا الحاكم أن لهذا الشعب أو ذاك حقوقًا تجاهه، بل البلد بلده، والثروات ثرواته، والمعارض مكانه السجن، والمدد من الغرب، والكل متواطئ معه؛ فإن هرم هذا الحاكم أو شاخ يستبدلون آخر به، لا يقل عمالة وبشاعة عنه.

والحق أن شعوبنا مجاهدة لدفع هذا الوباء. قد يعترض معترض قائلا: بل الشعوب هى التى مكنت هؤلاء الحكام وجرأتهم عليها، وأقول: بل قطاع من هذه الشعوب وليست كلها، وأؤكد أن صمود هذه الشعوب -وليس شرطًا أن يكون هذا الصمود ثوريًا- هو الذى أخر أن تتحول بلادنا إلى النصرانية أو اليهودية على يد هؤلاء الملاعين، أو أن تخرج من دينها ألى مذاهب بهيمية أخرى، إنما الدين المتأصل فى هذه الشعوب، وتلاحم أفرادها دونًا عن بقية الأمم، هو ما يجعل هناك صراعًا مكتومًا بين الطرفين؛ الحكام يجاهدون لإرضاء أسيادهم لمحو هوية الأمة، والشعوب تستمسك بدينها وأعرافها كى لا تزل كما زل الحكام، والغرب يغذى «الأشاوس»، ويأمرهم وينهاهم، والشعوب تقاوم لئلا تضيع، بل منها طائفة تقاوم كى تنتصر، والأيام بين الطرفين.

وفى اعتقادى أن أهل الباطل لن يدوموا ولن يدوم باطلهم؛ فهؤلاء نبتة حرام متطفلة، ومهما بلغ شأوهم فهم إلى زوال، أقول قولى هذا مما رأيناه أثناء وبعد ثورات الربيع العربى، وكيف ولوا مدبرين، وكيف تخلى عنهم الغرب والشرق، وما هى إلا حلقة واحدة تنكسر فى جهة، تنكسر لها سائر الحلقات.. والأمر كله لله.

 

x

‎قد يُعجبك أيضاً

هزيمة مؤقتة

محمد عبدالقدوس الأوضاع في بلادي بعد تسع سنوات من ثورتنا المجيدة تدخل في دنيا العجائب.. ...