عبد المأمور وعبد الباذنجان

د. عز الدين الكومي:
عجيب أن يحيا المرء في بلد مواطنوه أربعة: عبد، أو مأمور، أو عبد مأمور، أو عبد المأمور! أليس ذلك عجيباً؟ إنها بلاد الاربعة !!

أنا عبد المأمور ، جملة خاطئه توحى ، بالعبوديه لغير الله تعالى ، وهذا لايجوز بحال من الأحوال فالناس جميعا عبيد الله الواحد الأحد ، الذى لاشريك له .

فقد يفعل أحدهم فعلًا مخالفًا للشرع، فإذا أنكرت عليه ، فيبادرك بقوله: “أنا عبد المأمور”، وهذا لايليق ولايصح ، لأن جميع الخلق عبيد لله ، كما قال تعالى: ﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ﴾ (الذاريات: 56)
وما نراه اليوم من أفعال  شائنة، يمارسها كل صاحب مسؤلية ، كالجنود المدججين بالسلاح ، الذين يمارسون أعمال البلطجة  والقهر والسلب والنهب ، وفرض الإتاوات وسفك الدماء ، وتعذيب الأبرياء ، فإذا سألت أحداً منهم  لم تفعل ذلك ،قال: أنا عبد المأمور، فإذا قلت له أنت عبد المأمور ، فأين المأمور ؟

أشار لك إلى معالى الباشا ، وإذا نجحت فى الوصول لمعالى الباشا ، فتواضع ليسمعك ، وهو يتأفف ، فقلت له لماذا تسمح  معاليك بهذه الأفعال المسيئة ، التى يقوم بها جلاوزتك ؟ قال لك : هذه أوامر عليا وأنا عبد المأمور ، إذا كنتم جميعا عبيد المأمور،  فأين هو المأمور ؟ أشار إلي صاحب الرتب العالية ، وعلى الرغم من صعوبة الوصول إليه ، والمخاطر التى تحدق بكل من يفكر فى الوصول إليه ، وعندما تسأله عن هذا الذى يحدث، يفاجئك بأن هذه سياسة دولة، وأنا عبد المأمور ، حتى أنت عبد المأمور ، هل بقى أحد من عبيد المأمور ؟، يقول : المأمور فى مكتبه، وأخيراً سنقابل المأمور ، إنه الزعيم ، والقائد  الأعلى ، حامى الديار ،لعلنا نجد عنده
،جواباً شافياً ، عما من سفك الدماء وقتل وسحل الشباب ، المطالبين بالحرية ، والديمقراطية وحقوق الإنسان ، على يد خير أجناد الأرض، الذين تركوا حماية الحدود والثغور، وتفرغوا لصناعة ، الناعم والغريبة والمكرونة ، وهى المهمة التى حددها لهم الدستور، ولماذا يقتلوننا ، بالسلاح الذى ندفع ثمنه من قوتنا وقوت أولادنا ؟

وكانت المفاجأة أن هز رأسه قائلا ، دعك من هذا إنهم أهل الشر ، وأنا أيضاً عبد المأمور!!

إذا أين المأمور الآمر،  الذى يأمر العبيد فينفذوا أوامره ، و كيف السبيل إليه ، وهو يجلس فى برجه العاجى ، والوصول إليه ليس بالشيئ الهين ، وبعد محاولات مضنية ، وصلنا إليه واستمع لشكوانا ككل العبيد الذين التقيناهم ، لكنه قال أيضا : أنه عبد المأمور ، وهو  الرئيس الأعلى ، وبيده الأمر والنهى ، لكنه عبد المأمور الممسك برقعة الشطرنج ، وعليها الأحجار!!

لكن تنفيذ الأمر للرئيس أو ولي الأمر إنما يكون في طاعة الله لقول النبي صلى الله عليه وسلم  :” إنما الطاعة في معروف ” فإن كانت في معصية الله فلا تجوز الطاعة شرعا ، كما لو أمر رئيس مصلحة ، بعض مرءوسيه بأخذ رشوة له ، أو طلب منهم شهادة زور ، فكل ذلك لا يجوز ، وعليه الامتناع عن تنفيذ هذا الأمر ولا يقول أنا عبد المأمور لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق  .

فهؤلاء كما قال الإمام أحمد بن حنبل ، حينما كان سجيناً ، سأله السجان عن صحة الأحاديث التي وردت في أعوان الظالمين فقال له: الأحاديث صحيحة ،

فقال له السجان: وهل أنا من أعوان الظالمين؟
فقال له: لا لست من أعوان الظالمين، إنما أعوان الظالمين من يخيط لك ثوبك ، ومن يطهو لك طعامك ومن يساعدك في كذا وكذا، أما أنت فمن الظالمين أنفسهم !!

فإذا تجاوزنا عبيد المأمور، إلى إعلام الباذنجان ، كما وصفه أحمد مطر :

إعلامنا معتدل……
كحبل بهلوان!……..
و كافر ….لكنه…. في منتهى الإيمان!……….
انظر إلى افتتاحه الإرسال ….بالقرآن…
ماذا إذن…
لو ملء الفراغ بينهما بسيرة …….الشيطان؟!
منحرف؟!
حاشاه….
كلا….ما به عيب سوى عبادة الاوثان…
و الذل و الاذعان
و الكذب و البهتان …
و حجب كل كلمة ….
أو صورة …
أو همسة ….
تحترم الانسان!!!.

فقد قالوا: إن أميراً قال لخادمه يوماً: نفسي تشتهي أكلة باذنجان .. فقال الخادم: الباذنجان ، بارك الله في الباذنجان هو سيد المأكولات ، لحم بلا شحم ، سمك بلا حسك ، يؤكل مقلياً ، ويؤكل مشوياً ، ويؤكل محشياً ، ويؤكل مخللاً، ويؤكل مكدوساً… فقال الأمير : ولكني أكلت منه قبل أيام فنالني منه ألم في معدتي . فقال الخادم : الباذنجان؟؟!! لعنة الله على الباذنجان.!! فإنه ثقيل، غليظ، نفاخ ، أسود الوجه!! فقال له الأمير : ويحك.. تمدح الشيء وتذمه في وقت واحد ؟!! فقال الخادم : يا مولاي أنا خادم للأمير ولست خادماً للباذنجان ، إذا قال الأمير نعم ، قلت له نعم ، وإذا قال لا.. قلت لا !!

وكم ابتليت أمتنا بعبيد المأمور ، وإعلام الباذنجان الذين يقدسون الطاغية ، ويعبدونه من دون الإله!!

 

x

‎قد يُعجبك أيضاً

هزيمة مؤقتة

محمد عبدالقدوس الأوضاع في بلادي بعد تسع سنوات من ثورتنا المجيدة تدخل في دنيا العجائب.. ...