{ فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ }

 

قال تعالى ( أُولَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ مِنْ ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَنِ خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا (58) فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا (59) وما ورد فى تفسير الصحابة لمعنى أضاعوا الصلاة فيها كما جاء فى تفسير
الحافظ ابن كثير فقال عنها رحمه الله لما ذكر تعالى حزْبَ السعداء، وهم الأنبياء، عليهم السلام، ومن اتبعهم، من القائمين بحدود الله وأوامره، المؤدين فرائض الله، التاركين لزواجره -ذكر أنه
{ خَلَفَ مِنْ بَعْدِهم خَلْفٌ } أي: قرون أخر، { أَضَاعُوا الصَّلاةَ } -وإذا أضاعوها فهم لما سواها من الواجبات أضيع؛ لأنها عماد الدين وقوامه، وخير أعمال العباد-وأقبلوا على شهوات الدنيا وملاذها، ورضوا بالحياة الدنيا واطمأنوا بها، فهؤلاء سيلقون غيا، أي: خَسَارًا يوم القيامة. وقد اختلفوا في المراد بإضاعة الصلاة هاهنا، فقال قائلون: المراد بإضاعتها تَرْكُها بالكلية، قاله محمد بن كعب القُرَظي، وابن زيد بن أسلم، والسدي، واختاره ابن جرير. ولهذا ذهب من ذهب من السلف والخلف والأئمة كما هو المشهور عن الإمام أحمد، وقول عن الشافعي إلى تكفير تارك الصلاة، للحديث: “ بين العبد وبين الشرك تَركُ الصلاة” رواه مسلم عن جابر ، والحديث الآخر: “العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر” رواه النسائى والترمذى وقال عنه حسن صحيح وليس هذا محل بسط هذه المسألة.وقال الأوزاعى عن موسى بن سليمان، عن القاسم بن مُخَيمرة في قوله: { فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ } ، قال: إنما أضاعوا المواقيت، ولو كان تركًا كان كفرًا. وقال وكيع، عن المسعودي، عن القاسم بن عبد الرحمن، والحسن بن سعد، عن ابن مسعود أنه قيل له: إن الله يكثر ذكر الصلاة في القرآن: { الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ } و { عَلَى صَلاتِهِمْ دَائِمُونَ } و { عَلَى صَلاتِهِمْ يُحَافِظُونَ } ؟ قال ابن مسعود: على مواقيتها. قالوا: ما كنا نرى ذلك إلا على الترك؟ قال: ذاك الكفر. قال مسروق: لا يحافظ أحد على الصلوات الخمس، فيكتب من الغافلين، وفي إفراطهن الهلكة، وإفراطهن: إضاعتهن عن وقتهن. وقال الأوزاعي، عن إبراهيم بن يزيد أن عمر بن عبد العزيز قرأ: { فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا } ، ثم قال: لم تكن إضاعتهم تركها، ولكن أضاعوا الوقت ا ه
وفى سورة المدثر قال تعالى عن مشهد من مشاهد يوم القيامة للانذاروالاعتبار ووجوب التعجيل بالتوبة الى الله والفرار فيقول تعالى ( كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ (38) إِلَّا أَصْحَابَ الْيَمِينِ (39) فِي جَنَّاتٍ يَتَسَاءَلُونَ (40) عَنِ الْمُجْرِمِينَ (41) مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ (42) قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ (43) وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ (44) وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ (45) وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ (46) حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ (47) قال عنها ابن كثير رحمه الله يقول تعالى مخبرًا أن: { كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ } أي: معتقلة بعملها يوم القيامة، قاله ابن عباس وغيره: { إِلا أَصْحَابَ الْيَمِينِ } فإنهم { فِي جَنَّاتٍ يَتَسَاءَلُونَ عَنِ الْمُجْرِمِينَ } أي: يسألون المجرمين وهم في الغرفات وأولئك في الدركات قائلين لهم: { مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ } أي: ما عبدنا ربنا ولا أحسنا إلى خلقه من جنسنا،{ وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ } أي: نتكلم فيما لا نعلم. وقال قتادة: كلما غوي غاو غوينا معه { وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ } يعني: الموت. كقوله: { وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ } [الحجر: 99] وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما مات عثمان بن مظعون فى بداية الهجرة لأهله : “أما هو -يعني عثمان بن مظعون-فقد جاءه اليقين من ربه”.
قال الله تعالى: { فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ } أي: من كان متصفا بهذه الصفات فإنه لا تنفعه يوم القيامة شفاعة شافع فيه؛ لأن الشفاعة إنما تنجع إذا كان المحل قابلا فأما من وافى الله كافرا يوم القيامة فإنه له النار لا محالة، خالدا فيها.ا ه
وكذلك ما جاء واضحا معناه فى سورة الماعون ومعنى ويل (آداة تحذير أو كما قيل واد فى جهنم يستغيث أهل جهنم من نتن رائحته ) وهذا لمجرد أنهم يسهون عن الصلاة (يتعمدون تأخيرها حتى يخرج وقتها ) وما ورد عن التابعي الكبير عبدالله بن شقيق رضى الله عنه ( ما كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يرون شيئا تركه كفر إلا الصلاة ) وليس هذا بغريب عليهم فقد سمعوا منه صلى الله عليه وسلم كما ورد فى صحيح مسلم رحمه الله عن جابر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” بين العبد وبين الكفر ترك الصلاة وثبت مرفوعا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ( العهد الذى بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر ) كما رواه الأئمة احمد والنسائى والترمذى رحمهم الله وصححه الألبانى وهاهو أمير المؤمنين الفاروق رضى الله عنه يقولها صريحة لولاة الأمصار فى عهده مستشعرا مسؤوليته فى حراسة الدين (ان أهم أموركم عندى الصلاة فمن حافظ عليها فهو لما سواها أحفظ ومن ضيعها فهو لما سواها أكثر ضياعا ) وقالها أيضا رضى الله تعالى عنه وهو فى الرمق الأخير: (لا حظ فى الإسلام لمن ترك الصلاة ) – وفى هذا المقام والتعليق على كلمات الفاروق رضى الله عنه قال الإمام أحمد : ” فكل مستخف بالصلاة ، مستهين بها ، فهو مستخف بالإسلام مستهين به ، وإنما حظهم من الإسلام على قدر حظهم من الصلاة ، ورغبتهم في الإسلام على قدر رغبتهم في الصلاة ، فاعرف يا عببد الله ، واحذر أن تلقى الله ولا قدر للإسلام عندك ، فإن قدر الإسلام في قلبك ، كقدر الصلاة في قلبك”) ومن هنا كان تركها بلاء وعناء وشقاء وله حكم شرعى معلوم عند العلماء وان كان هناك اختلاف بينهم فيه لا خلاف ومما سبق ذكره منه كما ترى أخى الداعية نلاحظ أن دلالة النصوص هى موضع الاختلاف بين هؤلاء الأعلام – فهم أجل شأنا من أن يختلفوا رحمهم الله على نص قد ورد فمرضات الله غايتهم وطاعته بطاعة نبيه والاقتداء به مقصدهم . فقد اتفقوا رحمهم الله تعالى- من أئمة أعلام ومنارات للهداية – كما نرى فيما سلف على مسألة واختلفوا فى أخرى على النحو التالى
. فقد اتفقوا على الكفر الأكبر المخرج عن الملة لتاركها جحودا كغيرها من الشرائع المعلومة من الدين بالضرورة.كالزكاة والصيام والحج وان كان للصلاة شأن آخرليس لغيرها من الشرائع حيث أن هناك اتفاق ايضا بين جمهورهم على وجوب قتل امام المسلمين لتاركها بعد استتابته . ولكنهم اختلفوا رحمهم الله فى حكم تاركها متعمدا متكاسلا على النحو التالى :- فمنهم القائل بكفره كفرا أكبر وما يترتب عليه من أحكام وقد استدلوا على ما ذهبوا إليه بظاهرما سبق ذكره عاليه من أدلة من كتاب وسنة .
ومنهم القائل بكفره كفرا ولكنه كفرا عمليا أصغر( غير مخرج عن الملة ) وإن كان لفظ الكفر قد وردت فى نصوص الشارع السابقة إلا انه صيغة وعيد أو كفر دون كفر مثل قوله صلى الله عليه وسلم ( سباب المسلم فسوق وقتاله كفر)) أى لا مناص عندهم رحمهم الله من التأويل للمعنى المراد ورغم هذا الخلاف إلا أنه كما سبق ذكره فان جمهورهم (عدا الإمام أبو حنيفة وأصحابه رحمهم الله تعالى فلم يذهبوا الى ما ذهب اليه جل الفقهاءواتفقوا عليه) من القول بقتل الحاكم للممتنع عنها من غير جحود وان اختلفوا فى التوصيف لهذا القتل ) نعم – قد اتفقوا على وجوب قيام الحاكم المسلم ( بمقتضى مسؤوليته الأساسية فى إقامة الدين ) باستتابة الممتنع عن الصلاة فإن تاب وإلا قتل مرتدا كما ذهب إلى القائلون بكفره الكفر الأكبر ومن هؤلاء العديد من أصحاب الإمام أحمد رحمه الله تعالى أو حدا كما ذهب إلى ذلك الإمامان مالك والشافعى رحمهما الله تعالى وغيرهم من بعض أصحاب أحمد حسب الخلاف بينهم كما سبق ) وأقف هنا اخوانى متسائلا مارأيكم في هذا الرجل الذي يحذره إمام المسلمين بعد تذكيره من قتله في حالة إصراره على عدم الصلاة ومع ذلك لم يصلى واختار القتل دون ذلك ؟
وهنا سؤال جد خطير لكل خاطب أو فتاة تقدم لها خاطب ما معنى فاظفر بذات الدين تربت يداك بالله عليكم أجيبوا على ضمائركم الحية لا مجرد على استفسارى ما هى مكانة الصلاة وهذا شأنها من معايير الاختيار ومن ثم القرار بالقبول أو الرفض ؟ والى المخير بين أكثر من مرشح له علاقة بصلاح المجتمع تشريعيا أو تنفيذيا أطرح نفس السؤال أيهما تختاروقد أخبر الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم أن من علامات الساعة (اذا وسد الأمر الى غير أهله ) وذاك تضييع للأمانة بل ولمجرد الصحبة لك ولأهل بيتك ومن تعول من تصاحبون ؟؟ وهكذا فتنبهوا اخوانى- نعم أقر معكم أن الحال فى وجود امام للمسلمين يقوم بواجبه حيث للاسلام دولة والبيئة الصحية الصالحة يختلف – ومعه بلا شك حسن التوصيف لواقع الناس والتعامل معهم – عن الحال الذى قدر الله لنا أن نعيشة حيث البيئة غير المعينة على اقامة الدين فى الحياة والمعاداة للاسلام الحق من الحكام فى الأغلب ومحاربتهم للدعاة والمصلحين هى سمة الزمان ولا حول ولا قوة الا بالله

x

‎قد يُعجبك أيضاً

لا مَلجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلّا إِلَيهِ

خمسة توكل!قال الإمام القشيري:“لما صدَق منهم الالتجاء تداركهم بالشِّفاء، وأسقط عنهم البلاء، وكذلك الحقُّ يكوّر ...