يوم الخامس والعشرين من يناير حاز عنوان الثورة المصرية بفضل السبق، لكن لكل ثورة يومها الفاصل في تاريخها، يغير مسارها فترتفع به أو تنخفض.
لكن هناك يومان ارتفعت بهما أسهم الثورة المصرية، يتنافسان على هذه المنزلة، الأول كان يوم الثامن والعشرين من يناير، وقد أطلق عليه “جمعة الغضب”، والآخر هو الثاني من شهر فبراير، وقد عرف إعلاميا بموقعة الجمل، وفي واقع الأمر فلا يمكن أن يستأثر أحد اليومين بهذه المنزلة عن الآخر.
الأول.. كسرت فيه الثورة الواجهة الأمنية الرسمية للنظام وهو جهاز الشرطة، والثاني.. لجأ النظام فيه للجهاز غير الرسمي من جيش البلطجية المصنوع على عين المخابرات لإرهاب الثوار، فكانت الثورة أقوى، وبهذا فقد تساوى اليومان في فضلهما على الثورة.
كانت شمس هذا اليوم مشرقة على عكس فبراير القاسي في برده على المتظاهرين، بعد يوم حافل دعا المتظاهرون فيه لأول مليونية ضد المخلوع مبارك، فخرج عليهم ليلا بخطاب عاطفي توعد بعدم الترشح ثانية، متهما قوى سياسية بالتحريض على العنف، لكن الأبرز في خطابه كان المقدمة لما حدث صبيحة هذا الخطاب، حيث خير مبارك الشعب المصري بين الاستقرار وهو بطريقة وجوده في الحكم، وبين الفوضى وهي استمرار التظاهرات ضده.
في الثانية ظهرا، تراجعت الصورة إلى مشهد يشبه حروب الجاهلية الأولى، يقتحم فيه جيش البلطجية بخيله وجماله ميدان التحرير مقر اعتصام الثوار، لا يريدون مشاركتهم في الميدان، بل يريدون طردهم منه بالقوة، كان جيش البلطجية هو الملاذ الأخير لنظام مبارك بعد أن تظاهر الجيش بالحياد أمام الشعب، وحتى لا يصطدم بشعب اجتمع على ثلاثة مطالب، متجاوزا في هذه المرحلة كل خلاف أيديولوجي أو سياسي.
فشلت محاولة قتل الثورة الأخيرة، والتي اكتشف فيما بعد أنها كانت بمباركة الجيش الذي ادعى الحياد وقتها، ومع فشل المحاولة أيقن الجيش ومعه مبارك أن شعبا بهذه الروح لا تصلح لرده عن ثورته القوة الخشنة، فلجأت الثورة المضادة لأساليب أخرى ربما انتصرت في بعضها على الثورة، لكن المؤكد أن الثورة لن تموت، وجولاتها مع الثورة المضادة مستمرة حتى تحرز الثورة نصرا مبينا.