قاع السقوط بقلم : مجدي مغيرة

2

بقلم : مجدي مغيرة

 

نعيش في مصر الآن زمنا رأينا فيه كثيرا من الخطوط الحمر قد تم تجاوزها :

الخطوط التي تعلمناها في مدارسنا قديما ،

والخطوط التي سمعناها من خطباء المنابر يوما ما ،

والخطوط التي قرأناها لكتاب الصحف ومؤلفي الكتب ومبدعي الروايات والقصائد والأفلام والمسلسلات .

رأينا ما كان حراما صار حلالا ، وما كان خيانة صار وطنية ، وما كان جريمة صار شرفا.

هل خطر على بال أحد من جيلنا ، الجيل الذي تربَّى على أن إسرائيل هي العدو الذي اغتصب الأرض ، وتربَّى على أن مهمته هي القضاء على ذلك الكيان الوافد إلى بلادنا وأرضنا وقدسنا

هل خطر على بال أحد من ذلك الجيل أن ذلك العدو صار حبيبا نمزق روابط الأخوة من أجله ، ونشرد أهلنا في سيناء حفاظا على أمنه ؟

هل خطر على بال أحد من جيلنا أن الرصاصات التي وفرنا ثمنها من قوتنا وقوت أولادنا ستخترق أجسادنا بدلا من انطلاقها إلى رؤوس العدو ؟

أن نكون عونا لإسرائيل ضد من يقاتلها من الفلسطينيين ، وأن نشارك في حصارهم الظالم سعيا لخنقهم وإبادتهم ؟

وأن نمنع مرضاهم من تلقي العلاج ، وطلابهم من الذهاب إلى جامعاتهم ، وأن نمنع عنهم الطعام والشراب ، كل ذلك من أجل سواد عيون إسرائيل ؟

ليس غريبا على من فعل ذلك أن يفعل ما هو أكثر مع المصريين .

ليس غريبا عليه أن يقتل المصريين ، وأن يعتقل المصريين ، وأن يلفق التهم والجرائم للمصريين ، وأن يعذب المصريين في المعتقلات تعذيبا يستعيذ بالله منه أمثالُ هتلر وموسوليني.

ليس غريبا عليه أن يدمر الاقتصاد بدعوى إصلاحه ، وأن يحطم آمال الشعب بدعوى النهوض بمستواه ، وأن يجعل مصر كلها أضحوكة العالم بدعوى أن مصر تستيقظ .

لا يكاد يمر يوم إلا وتحدث مصيبة

إن لم تكن في انخفاض سعر الجنيه ، فستكون في ارتفاع أسعار السلع والمواد الضرورية .

وإن لم تكن في انهيار الكباري والجسور ، فستكون في شبكات الصرف الصحي ، والشبكات الكهربائية .

وإن لم تكن في تلفيق التهم جزافا للناس ، فستكون في الاختفاء القسري وفي حرق بيوت المعارضين والرافضين للظلم والاستبداد .

وإن لم تكن في إقالة الشرفاء من مناصبهم المحصنة بحكم الدستور المزعوم ، فستكون في تمكين اللصوص والمحتالين من المناصب العليا والوظائف الكبرى .

لقد صار الفساد هو الأصل الذي يجب حمايته ، وصار الإصلاح هو العدو الذي يجب محاربته.

فهل وصلنا إلى القاع ؟

أم أن قعر البئر ما زال بعيد ؟ !

هل آن لنا أن نستيقظ ، أم أننا استمرأنا النوم اللذيذ ، واستمرأنا السكوت المخيف ، واستمرأنا الذل والعار ، واستمرأنا عيش العبيد ؟

x

‎قد يُعجبك أيضاً

هزيمة مؤقتة

محمد عبدالقدوس الأوضاع في بلادي بعد تسع سنوات من ثورتنا المجيدة تدخل في دنيا العجائب.. ...