مدرعة تايهة يا ولاد الحلال !

2

د. عز الدين الكومي :

بعد فضيحة سرقة مدرعة من كمين بالعريش، وبها عدد من المجندين، فى هجوم مسلح على كمين قرب مستشفى العريش العام، بشارع الجيش بشمال سيناء، بعد قتل أربعة جنود وإصابة ضابط، يبدو كأن الشؤون المعنوية لعسكر كامب ديفيد، والمتحدث العسكري، والإعلام الانقلابي عاملين من بنها !! وكأنهم لم يسمعوا عن خبر المدرعة المخطوفة، ولا الجنود المخطوفين!!
داخلية الانقلاب بدورها قالت: أن الهجوم تم على كمين متحرك كان يقوم بواجباته، بتأمين مستشفى العريش، والكمين كان عبارة عن مدرعتين لقوات الشرطة، وقام المهاجمون بقتل جميع أفراد المدرعة الأمنية وعددهم أربعة جنود، وقاموا باختطاف المدرعة، وأطلقوا النار منها علي المدرعة الأخرى وقوة تأمين المستشفي، ولكن المدرعة الأخرى نجت من الهجوم!!
وكالعادة قائد الانقلاب يردد مع كل مصيبة يذهب ضحيتها عشرات الجنود، لا يظن أحد أن سرقة المدرعة وبها جنودنا البواسل، وقتل الجنود وضرب الكمائن المتحركة والثابتة تقصير أمني؛ لا هذا ضربة موجعة للإرهابيين، ولا يوجد عندنا تقصير أمنى!!
وبعد اختطاف المدرعة قام جيش كامب ديفيد بإطلاق نداء استغاثة عاجل، يناشد فيه الأهالي بضرورة الإبلاغ عن المدرعة المختطفة، التي استولى عليها المسلحون في كمين العريش، المدرعة تايهة ياولاد الحلال، سرقوها أهل الشر، الذين يحاولون النيل من استقرار البلاد، وتعطيل خطط التنمية، وعلي من يجدها الاتصال بالمعلم عباس ترمادول، أو يبلغ أقرب قسم شرطة!!
وبالطبع فإن الخوابير الأمنية والاستراتيجية وجنرالات أفلام الخيال العلمي، وبعض الكائنات الفضائية، سيعلنون من خلال استضافتهم مع القنوات الفضائية الانقلابية، فى إعلام فاهيتة، بأن لديهم أخبارا تفيد أنه تم العثور على المدرعة المخطوفة في سيناء، وأنها وجدت مع أحد سائقي الإخوان، تجار الدين، كان مشغلها أجرة على خط رفح العريش!! كما أنهم يتقدمون بالشكر للشيخة خديجة المغربية أم خلاخيل، والتي تجلب النقيب وتعيد المدرعة، وكشف المستور فى خمس دقائق فقط، على جهودها فى ضرب المندل وإخبار جيشنا الباسل بمكان المدرعة!!
كل هذه المهازل تحدث، في الوقت الذي تعلن فيه السلطات الانقلابية، أنها نجحت في التصدي للعناصر الإرهابية، وقضت عليها وقتلت قيادتها، وأنها طهرت سيناء من كل وجود للإرهابيين، إلا أن الواقع المشاهد، والأفلام التي يبثها تنظيم الدولة بعد كل عملية يعكس حجم المأساة والورطة التي يعيشها عسكر كامب ديفيد فى سيناء!!
ولكن على ما يبدو أن مواسم التفجيرات والعمليات الشتوية، التي تحركها استخبارات السلطات الانقلابية، وتستدعيها وقت اللزوم، خصوصا مع ارتفاع وتيرة دعوات يناير يجمعنا، وإحياء ذكرى يناير، والمظاهرات الخاصة ببيع جزيرتي تيران وصنافير للسعودية!! ومن ثم يحاول النظام الانقلابي، استغلال هذه الاعتداءات ضد الجيش والشرطة في سيناء أو في غيرها من الأماكن، لقمع أي تحرك لرافضي الانقلاب، بذريعة أنها تشكل تهديداً على اﻷمن القومي، وأنها توفر غطاء للجماعات المسلحة، لأن من مصلحة النظام عدم إيجاد مساحة تتوحد فيها القوى الثورية ضد النظام الانقلابي، والذي ظل خلال السنوات الثلاث الماضية، يلعب على وتر محاربة الإرهاب، وتفتيت المعارضة واتهامها بالخيانة، ومطالبة الشعب بالصبر، والوقوف ضد الإرهاب، والاستغناء عن حقوقه، وتحمل غلاء الأسعار، لأن مصر تواجه خطر الإرهاب والإرهابيين!!
المهم أن المدرعة اتخطفت وتاهت، والمتحدث العسكري لعسكر كامب ديفيد، الذي أعلن من قبل: أن الإرهابيين فى سيناء مجرد تراب نقدر ننفضه من على هدومنا في أي وقت!! ـ وما الذي يمنعك ؟؟؟!!! ـ
وقد صاحب الأحداثَ التي أصبحت شبه يومية فى سيناء، حالةٌ من التعتيم الإعلامي الذي تفرضه السلطات الانقلابية لإخفاء ما يتم على الأرض في سيناء، فليس هناك إحصاء دقيق، يوثق عدد الضحايا الذين يسقطون كل يوم، سواء من الجيش أو الشرطة أو المدنيين، مع التعامل باستهانةٍ بالغةٍ مع الضحايا المدنيين الذين يسقطون جراء قذائف الجيش، ويتضح هذا من خلال وصلات الردح لإعلام الانقلاب، فقد قالت: أماني الخياط لما يتحمل الجيش هذه التكلفة المادية يبقى المطلوب منا إحنا ظهير الدولة، اللي أصدر التكليف، إننا مش كل شوية نستجيب لبكائيات السكر والزيت والأرز، وده الفرق بين الحالة في عام 67 والحالة دلوقتي، وأن حديث الإعلاميين عن قضايا الغلاء والتضخم والفساد، هو حرب على الدولة، وأن من يشكو الغلاء هو داعم للإرهاب، المجتمع عليه مسؤوليات، ولازم يتحملها كلفتوني ونتيجة الحرب دي بتفرض علينا كلنا، هنقعد نعيط على أكل وعلى شُرب يبقى إحنا بنخدّم على الآخر!!
وكان قائد الانقلاب قال في مداخلة تلفزيونية مع الانقلابي الأقرع الشجاع: لدينا واحد وأربعون كتيبة في سيناء، تضم من عشرين إلى خمس وعشرين ألف مجند وضابط، قال ذلك تعقيبا على مصرع عدد من المجندين وإصابة آخرين، بعد هجوم استهدف كمين المطافي في العريش، وذكّر المصريين من خلال مداخلته بتفويضهم له في مواجهة العنف والإرهاب المحتمل، في 24 يوليو 2013، وأنهم هم من كلفوه بهذه المهمة، لكن للأسف حول قائد الانقلاب، الإرهاب المحتمل إلى إرهاب لا يحتمل!!
لكن تصريحات قائد الانقلاب لم تكن مقنعة لتبرير حالة الفشل في مكافحة الإرهاب، والسياسات الاقتصادية الفاشلة، والتي قامت بها حكومة الانقلاب، مثل تعويم الجنيه وخفض الدعم ورفع أسعار الخدمات، ما أدى إلى الارتفاع الجنوني في أسعار السلع الأساسية واختفاء عدد كبير من المواد الضرورية من الأسواق، ولجوء النظام الانقلابي إلى الاقتراض الخارجي، ليرتفع بذلك حجم الديون إلى مستويات تاريخية، وغير مسبوقة!!

x

‎قد يُعجبك أيضاً

هزيمة مؤقتة

محمد عبدالقدوس الأوضاع في بلادي بعد تسع سنوات من ثورتنا المجيدة تدخل في دنيا العجائب.. ...