ولاتهنوا. ولا تحزنوا. وأنتم الأعلون

3

أيها المؤمنون الصادقون:

لا تهنوا ولا تحزنوا لما أصابكم ولما فاتكم وأنتم الأعلون، عقيدتكم أعلي، ربكم أعلي وأجلّ، نبيكم محمد، عاقبتكم الجنة، ومنهجكم أعلي. فأنتم تسيرون على منهج رباني خالص، وخصمكم منهجهم من صنيعة البشر، ويعبدون البشر، وقبلتهم تجاه كل محاربي شرع الله وتدمير القيم الإسلامية وتدمير منهجكم الرباني الخالص (يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم والله متم نوره ولو كره الكافرون)

أيها المؤمنون الصابرون:

اصطفاكم الله لأن تكونوا ورثة الأنبياء، وأوصاكم على البشرية، وجعل في أعناقكم هداية البشرية جمعاء، أما عدوكم شاردون، ضالون عن الطريق، ولكم وراثة الأرض بإذن الله قوله تعالى: وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا يعبدونني لا يشركون بي شيئا ومن كفر بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون.

وعدوكم بإذن الله إلى الفناء والنسيان صائرون، فأنتم الأعلون فإن كنتم مؤمنون حقاً (ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنون) فإنما هي سنة الله أن تْصابوا وتصيبوا، على أن تكون لكم العقبي بعد الجهاد والابتلاء والتمحيص.

أيها المؤمنون الثابتون:

إن الشدة بعد الرخاء، والرخاء بعد الشدة هما اللذان يكشفان عن معادن البشرية، وطبائع القلوب، ودرجة الغبش فيها والصفاء، ودرجة الهلع فيها والصبر، والثقة في الله أو القنوط، ودرجة الاستسلام لقدر الله أو البرم به والجموح، عندئذ يتميز الصف وينكشف عن مؤمنين ومنافقين ، وتنكشف العقيدة الراسخة من دخائل النفوس ومطامعها الشخصية ، فيزول عن الصف هذا الدخل وينفث أصحاب المطامع والأهواء والهلعين ، والله سبحانه يعلم المؤمنين من المنافقين وما تنطوي عليه نفوس البشر.(ومن الناس من يعبد الله على حرف فإن أصابه خير اطمأن به وإن أصابته فتنة انقلب على وجهه)

أيها المؤمنون المثابرون:

إن الأحداث ومداولة الأيام بين الناس تكشف المخبوء، وتحول الإيمان إلى عمل ظاهر، وتحول النفاق كذلك إلى تصرف ظاهر، ومداولة الأيام وتعاقب الشدة والرخاء، محك لا يخطئ، وميزان لا يظلم، والنفس المؤمنة هي التي تصبر للضراء ولا تستخفها السراء، ولكنها تتجه إلي الله في الحالين، وتوقن أن ما يصبها من الخير أو الشر فبإذن الله (ونبلوكم بالشر والخير فتنة)

أيها المؤمنون الصادقون:

لقد ربي الله سبحانه الجماعة الأولي من المؤمنين مع نبيهم منذ نشأتها – وسلفهم – من مطلعها وظهورها لقيادة البشرية ، رباها بالابتلاء بالشدة بعد الابتلاء بالرخاء ، والابتلاء بالهزيمة المريرة بعد الانتصار العجيب ، وهذه سنة الله الجارية في النصر والهزيمة ، لتتعلم هذه الأمة أسباب النصر والهزيمة ولتزيد في طاعة الله وتوكلًا عليه والتصاقاً بركنه ، ومن تميز هذه الأمة قوله تعالي : ( ويتخذ منكم شهداء ) فشهداء هذه الأمة مختارون ، يختارهم الله من بين المجاهدين ، ويتخذهم لنفسه فهو اختيار وانتقاء وتكريم واختصاص ليس رزية ولا خسارة ، فقد استخلصهم الله لنفسه فهم مؤمنون بالله ، متجردون له ، أعزوه حتي أرخصوا كل شيء دونه .. فلم يألوا جهداً في كفاح الباطل وطرده من حياة الناس وتكون شهاداتهم هي هذا الجهاد حتى الموت.

فاصبروا. وصابروا … وأبشروا بنصر من الله وفتح قريب. ولله عاقبة الأمور.

والله أكبر ولله الحمد

x

‎قد يُعجبك أيضاً

لا مَلجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلّا إِلَيهِ

خمسة توكل!قال الإمام القشيري:“لما صدَق منهم الالتجاء تداركهم بالشِّفاء، وأسقط عنهم البلاء، وكذلك الحقُّ يكوّر ...