دموع كاذبة في عيون وقحة!!

1

بقلم: د. عز الدين الكومي

ليس بالضرورة أن تعبّر الدموع عن أحاسيس ومشاعر صادقة، كما يحاول قائد الانقلاب وعصابته وإعلامه وأذرعه الإعلامية أن يصوروها لنا؛ ولكنها دموع كاذبة يمكن استدعاؤها تحت الطلب، فقد جاء أخوة يوسف عليه السلام، بعد أن ألقوه فى غيابة الجب، وتخلصوا منه، كما قص علينا القرآن ذلك: {وَجَاءُوا أَبَاهُمْ عِشَاءً يَبْكُونَ} جاءوا في ظلمة العشاء، ليكونوا أجرأ على الاعتذار بالكذب، حتى أن يعقوب عليه السلام لما سمع صياحهم وعويلهم، خرج وقال: “ما لكم يا بني!! هل أصابكم في غنمكم شيء؟ قالوا: لا، قال فما أصابكم؟ وأين يوسف؟”.. ولكنهم بكوا بكاء مصطنعا متظاهرين بالحزن والأسى لما حدث ليوسف للتمويه والخداع لأبيهم، حتى يقنعوه فى زعمهم أنهم لم يقصروا فى حفظ أخيهم، وقد ورد فى المثل أنّ دموع الفاجر بيديه.

وقال ابن العربي: قال علماؤنا: هذا يدل على أن بكاء المرء لا يدل على صدق مقاله، لاحتمال أن يكون تصنعا، لكن عليك أن تهتم بتاريخ الباكي، ودعك من ملامحه، فأصحاب النظرات الزائغة والدموع الكاذبة والمشاعر الزائفة، يستطيعون خداع من يسمعهم بهذه الدموع المصطنعة!! وكما يقول صاحب الظلال لقد ألهاهم الحقد الفائر عن سبك الكذبة، فلو كانوا أهدأ أعصابا ما فعلوها منذ المرة الأولى التي يأذن لهم فيها يعقوب باصطحاب يوسف معهم! ولكنهم كانوا معجلين لا يصبرون، يخشون ألا تواتيهم الفرصة مرة أخرى!!

وأخيرًا خرج قائد الانقلاب يذرف دموع التماسيح الخادعة، إمعانا فى خداع الشعب، الذي لم تعد تنطلي عليه ولا على أحد هذه المشاهد التمثيلية الرديئة، ولا هذه الحيل، فقال ودموعه تنهمر خلال افتتاحه توسعة شركة النصر للكيماويات الوسيطة بالجيزة: والله العظيم أنا نفسي أعمل كل حاجة عشانكم، نفسي أعمل كل حاجة حلوة عشان الشعب، وتحيا مصر بينا كلنا، الشعب المصري يستاهل كل خير لأنه طيب وأصيل وكريم، وقاطع أحد الأفاكين من الحاضرين حديث قائد الانقلاب قائلاً: “بنحبك يا ريس ومعاك” فلم يستطع أن يتمالك دموعه تأثرًا بما قاله ذلك الشخص وبكى!!

وهذه ليست المرة الأولى التي تتساقط فيها دموع قائد الانقلاب الخادعة؛ فقد بكى عند سماعه أغنية ابن الشهيد التي غناها الطفل سيف الله مجدي، كما بكى على الهالك الملك عبد الله ملك السعودية، الداعم الرئيسي والوكيل الحصري لتمويل النظام الانقلابي، ونسب إليه الفضل فى إقامة المؤتمر الاقتصادي الفاشل بشرم الشيخ، كما بكى ثلاث مرات بالذكرى الـرابعة والستين لعيد شرطة الانقلاب أثناء تسليمه وسام الجمهورية لوالد النقيب محمد الأمين، فقال: هذا ثالث شهيد يلقى الشهادة من أسرتي الكريمة، بينهم اثنين في صفوف الجيش، والثالث في الشرطة!!

وبكى أمام برلمان عبد العال أثناء حديثه عن شهداء الجيش والشرطة، عندما قال: بإرادة وطنية وبصمود الشعب استطعنا أن نكسر شوكة تنظيمات الإرهاب في الوادي وسيناء وعلى الحدود العربية، ولازلنا نواصل المعركة بلا تراخي، ونحن نواجه الإرهاب الأسود لم نغفل أن هدفنا هو إعادة بناء الدولة المصرية وبناء دولة ديمقراطية حديثة!! كما بكى خلال حفل تدشين استراتيجية مصر للتنمية المستدامة رؤية مصر 2030، قائلا وهو يبكي: أنا لو ينفع اتباع هاتباع، وبكى خلال وقائع الندوة التثقيفية الثالثة والعشرين التي نظمتها إدارة الشئون المعنوية لعسكر كامب ديفيد، بمناسبة مرور ثلاثة وأربعين عامًا على نصر أكتوبر تحت عنوان أكتوبر الإرادة والتحدي!!

والحقيقة نحن لا نستطيع تكذيب دموع الرجل الخارق الذي كان يبكي في صلاة الظهر، عندما كان يسمع التلاوة فى الصلاة، على الرغم من أن صلاة الظهر ليست من الصلوات الجهرية التي يسمع فيها صوت تلاوة!! ولكن أين هذه الدموع الكاذبة الخادعة، من دموع الأمهات الثكالى والأرامل والأيتام الذين تيتموا على يد عسكر كامب ديفيد وشرطة الانقلاب؟ منذ الانقلاب العسكري وحتى اليوم!!

وأين دموعك من دموع الأسر المكلومة التي لا تعرف أين اختفى أبناؤها؟ بل أين هذه الدموع من دموع الفتيات المغتصبات الذين تم اغتصابهن على يد أشباه الرجال من عسكر وجلاوزة الشرطة وداخلية الانقلاب؟ وأين هذه الدموع من دموع الشعب الحزين المحطم الذي يدفع فواتير الغلاء والتضخم والفشل الاقتصادي والتخبط لنظامك الانقلابي الفاشل؟!! وأين دموعك من دموع مريض يئن من وطأة المرض ولا يجد ثمن العلاج ولا مكان للعلاج؟!!

أيها المخادع كم أبكيت مِن عائلات وأسر فقدت عائلها وأبناءها وهتكت واغتصبت بناتها؟ وكم أبكيت أطفالا يتموا بدون ذنب؟ كم أبكيت عشرات الآلاف من الأمهات الثكالى والزوجات الأرامل، وكم أبكيت ملايين أصبحوا بإجرامك عاطلين ولا يجدون قوت يومهم بعد أنْ دمرت البلاد ونهبت مقدراتها!!

وأين هذه الدموع الخادعة من دموع المظلومين المحاصرين فى غزة، والذين ماتوا على أعتاب معبر رفح طلبا للعلاج وللطعام، وأنت تقوم بإغلاق المعبر في وجوههم، وتفتح معابرك لأبناء صهيون، ولم تكتف بذلك بل هدمت الأنفاق وقمت بإغراق أهل غزة بمياه البحر إرضاء لأسيادك الصهاينة!!

وأخيرا: أين هذه الدموع الوقحة من دموع النساء والشيوخ والأطفال في حلب.. في تعز.. وبني غازي.. والذين يتم قصفهم بالسلاح المصري؟؟!!

ألا لعنة الله على الكاذبين.

x

‎قد يُعجبك أيضاً

هزيمة مؤقتة

محمد عبدالقدوس الأوضاع في بلادي بعد تسع سنوات من ثورتنا المجيدة تدخل في دنيا العجائب.. ...