المتحدث الرسمي والخبراء الأمنيون

1

د. عز الدين الكومي :

عندما تستمع لتحليلات الخبراء الأمنيين، بخصوص حادث تفجير كنيسة العباسية؛ تشعر أنك أمام مجموعة من المراهقين يعيشون أحلام اليقظة، ويتحدثون بسطحية شديدة !!
فهذا هو الخبير الأمني والاستراتيجي “سلامة الجوهري”، رئيس وحدة مكافحة الإرهاب بالمخابرات الحربية سابقًا، قال: إن هذه السيدة تمكنت من الدخول بسهولة، لأن هناك متابعة ومراقبة جيدة من الجماعات الإرهابية بأن بابا الكاتدرائية غير متواجد بمصر، وأن الإجراءات التأمينية تكون شبه ضعيفة في ذلك الحين، وأنهم استغلوا توجه السيدات يوم الأحد للصلاة بإرسال سيدة ترتدي جلبابا أسمر اللون فضفاضا بحوذتها حقيبة بها المواد المتفجرة، لكن الخبير لم يذكر لون الحقيبة !!
كما أن الخبير الأمني اللواء “محمود الخولي”، قال: إن من ارتكب حادث تفجير الكنيسة البطرسية سيدة، حيث إن كاميرات الكنيسة صورت مرتكبات الحادث الإرهابي، وأن صباع الديناميت المستخدم في العملية يزن نحو مئتين وسبع وعشرين جراما، وأن إجمالي وزن الديناميت المستخدم في العملية يقدر باثني عشر كيلو جراما .. ويبدو أن الخبير الأمني وزن الديناميت بعد التفجير !!
كما أن اللواء “أشرف أمين” الخبير الأمني، قال: أن استخدام الإرهابيين لسيدة في حادث التفجير اليوم، هو طريقة من إحدى طرق الجماعات الإرهابية كغيرها من الطرق، وأنها ليست بطريقة جديدة ، وأيضا مرورها من خلال التأمين الأمني ، والأبواب الإلكترونية ، والكلاب البوليسية غير المدمنة ، أمراً عاديا أيضاً!!
ولم يَفُتْ الكاتب “يوسف القعيد” أنْ يُدليَ هو الآخَر بدلوه، فقال: أنها سيدة تجرّ عربة أطفال، نقلت القنبلة فيها داخل الكنيسة، وأن العربة تركت داخل مصلى السيدات، ومرت إلى الداخل لعدم وجود شرطة تقوم بتفتيش السيدات ذاتيا .. المهم المتفجرات كانت فى عربة أطفال، وليست فى علاقة صدر السيدة، طمنتنا يا معلم يوسف!!
لكنّ قائد الانقلاب كان له رأي آخر؛ حيث قام بدور المتحدث الرسمي باسم عصابة الانقلاب وأجهزة الفساد الداعمة له، ولم يترك لداخليته ولا لنائبه الخاص الملاكي، ولا لقضائه الشامخ مجالا للحديث عن الواقعة، فخلال كلمته أثناء تشييع جثامين ضحايا التفجير، نفى أن يكون تفجير الكنيسة البطرسية بسبب خلل أمني!! .. أمال خلل إيه !!وقال: أن مرتكب العمل الإرهابي الآثم يدعى محمود شفيق محمد مصطفى، ويبلغ من العمر 22 عامًا، وقد قام بتفجير نفسه بحزام ناسف داخل الكنيسة، وأنه تم القبض على ثلاثة رجال وسيدة مشتبه بتورطهم في الحادث، ويجري البحث عن اثنين آخرين!! وأن تلك الجريمة تعبر عن حالة الإحباط التي تعيشها قوى الشر، التي تريد بمصر السوء، وأنه لا يتم التحدث كثيرًا عن حجم النجاحات التي تحققها قوات الجيش والشرطة في سيناء، وهي كبيرة وتدفع أعداء مصر لحالة الإحباط والتخبط تلك!! وأن هذه القوى فشلت في إثارة الشعب عن طريق تحريضه ضد الأوضاع الاقتصادية، فحاولت هدم السياحة؛ لإثارة الناس، ولكنها لم تفلح كذلك، وتستهدف الآن المصريين الأقباط من جديد، بعد أن اعتدت في الماضي القريب على خمس وسبعين كنيسة!! وطالب البرلمان والحكومة بالتحرك السريع لإصدار قوانين تعالج مسألة الإرهاب بشكل فعال وحاسم، وتعديل أية قوانين مكبِّلة، بما يضمن الجزاء الرادع لكل من يستهدف أمن المصريين، وأن الدولة لن تترك حقها في الثأر للشهداء حتى بعد القبض على الجناة!!
لكن هل يمكن لعاقل أن يصدق هذه الروايات سواء رواية السيدة أو رواية محمود شفيق؟ كيف يمكن تصديق هذه الروايات، وداخلية الانقلاب قبل شهور قامت بتصفية خمسة من الشباب بزعم أنهم قتلة ريجينى، وعندما ذهب نائب عام الانقلاب إلى إيطاليا قبل أسبوع، وعد أسرة ريجيني بالكشف قريبا عن قاتل ابنهم!! وماذا عن الشباب الخمسة الذين تمت تصفيتهم!!
وبعد تصريحات قائد الانقلاب، أعلنت حكومته أنها تعتزم وضع قانون جديد للإجراءات الجنائية، وهو نفس ما حدث بعد مقتل نائب عام الانقلاب الهالك هشام بركات!! والسؤال هنا: هل ينقص البلد محاكمات عسكرية، وقضايا إرهاب وتعديل قوانين، ومحاكم إرهاب؟؟ الأزمة قبل كل هذا وقبل القوانين تكمن في الخلل الأمني والنظام الانقلابي نفسه !! ثم إنّ الطوارئ معلنة في شمال سيناء منذ عامين فماذا فعلت؟ والقتلى يتساقطون كل يوم!!
إذًا لما أقدم النظام الانقلابي على هذه العملية فى هذا التوقيت؟ لاشك أن قائد الانقلاب يريد أن يوصل رسالة للإدارة الأمريكية الجديدة و “ترامب” أنه يحارب الإرهاب، وأن النصارى يتعرضون للاضطهاد والتطهير العرقي لو ترك الحكم، أو إذا قلّ الدعم، فيضغط “ترامب” على السعودية لعودة الرز، أو إيجاد ممولين جدد لحربه المزعومة على الإرهاب والكباب ..
ولك الله يا مصر!!

x

‎قد يُعجبك أيضاً

هزيمة مؤقتة

محمد عبدالقدوس الأوضاع في بلادي بعد تسع سنوات من ثورتنا المجيدة تدخل في دنيا العجائب.. ...