ولكن الأحرار لا بواكي لهم!

2

د. عز الدين الكومي

يُمْهل ولا يُهْمل! كلنا يتذكر ما قاله بابا الكنيسة: أن نَعم تجلب النِّعم، وما قام به من حشد النصارى لدعم النظام الانقلابي في 30 يونية وفي انتخاب زعيم عصابة الانقلاب، واليوم النصارى الذين توهموا بأن انتقام العسكر ونظامهم الانقلابي سوف ينصب على الإخوان فقط ولا يطالهم لأنهم دعموه، هاهم اليوم يذوقون ما كسبت أيديهم من تأييد ودعم وتفويض قائد الانقلاب!

وبعد وفاة القبطي مجدي مكين خليل جرجس، في قسم شرطة الأميرية، والذي لقي مصرعه نتيجة التعذيب الوحشي الذي تعرض له، والذي ظهر من خلال الدماء التي لطخت جسده، على يد نقيب شرطة قسم الأميرية المدعو كريم مجدي، بعد حدوث مشادة كلامية بينه وبين القتيل واثنين من زملائه، حيث قام نقيب الشرطة بإلقاء القبض عليه بمنطقة الزاوية الحمراء والاعتداء عليه واصطحابه إلى قسم شرطة الأميرية، حيث تلقت أسرته اتصالا من أحد قيادات قسم شرطة الأميرية، يخبرهم بوجود ابنهم جثة هامدة بمستشفى الزيتون، ولما عاينوا الجثة رأوا آثار دماء نتيجة انتهاكات جنسية للضحية، وعيناه تكسوهما الزُّرقة، مع وجود بعض التجمعات الدموية خلف أذنيه، بالإضافة إلى الكدمات القوية بظهره!

وكانت داخلية الانقلاب أكدت أنه تم ضبط مجدي مكين مع آخرين في أحد الأكمنة، وبحوزتهم 2000 قرص مخدر، كما أن المتوفى سبق اتهامه في 3 قضايا مخدرات، وهذه هي الرواية المعهودة من داخلية الانقلاب، كلما يقوم أحد أفرادها بتعذيب مواطن، تماما مثل ما حدث فى واقعة خالد سعيد أيقونة ثورة يناير، الذي اتهمته الداخلية بابتلاع لفافة من البانجو وهو ما أدى إلى وفاته، رغم وجود ما يثبت آثار التعذيب التي كانت بادية على جسده، وكذا الرواية المختلقة بخصوص مقتل الطالب أحمد مدحت، الطالب بكلية الطب جامعة عين شمس، الذي اتهمته داخلية الانقلاب أنه كان يعمل بأحد بيوت الدعارة، وقام بالانتحار من الدور الخامس بالمنزل الذي تم ضبط فيه مع الشبكة، وهو ما تم نفيه من قبل والده الذي أكد أنه شاهد آثار تعذيب على جسده، وهو ما أكده تقرير الطب الشرعي الذي أكد وجود كدمات ودماء تملأ وجهه، بعد أن تم إلقاء القبض عليه واختفائه لمدة يومين، ثم قضت المحكمة ببراءته من تهمة الدعارة التي اختلقتها داخلية الانقلاب.

تخيل لو وقعت هذه الحادثة فى فترة حكم الرئيس مرسى، لحوصر قصر الاتحادية، وخرجت المظاهرات مطالبة بالقصاص، وسمعنا تصريحات نشطاء السبوبة وجبهة الخراب ونعيق البوم وغربان الفضائيات في إعلام فاهيتة، وطالب الغرب بحماية دولية للأقباط الذين يتعرضون للاضطهاد والتطهير العرقي!

وقد اعتبر أحد مطبلاتية النظام الانقلابي ومسؤول لجانه، أن الاهتمام بقضية مجدي مكين قتيل الأميرية، يستهدف الغلوشة على واقعة الدكتورة منى مينا، وكيل نقابة الأطباء، بعد التصريحات المنسوبة لها بشأن استخدام السرنجات أكثر من مرة في المستشفيات الحكومية، قائلا: شمامين الكلة بينفخوا نار في قضية مقتل مواطن مصري مسيحي داخل قسم شرطة الأميرية على أمل إنها تقلب فتنة طائفية!

والأعجب مِن هؤلاء المطبلاتية مجتمعين: أمْر الكاهن الخبيث تواضروس؛ هذا الكذوب الذي يقول دون حياء أو تجمّل: إن الإخوان المسلمين هم مَن قتل مجدي مكين للوقيعة بين الكنيسة وبين النظام الانقلابي!!

والسؤال الذي يطرح نفسه مع كل واقعة تعذيب ضد المواطنين: إلى متى ستستمر هذه الانتهاكات الممنهجة لحقوق المصرين فى ظل النظام الانقلابي؟ أم أن التعذيب فى مصر أصبح منهجا لدى داخلية الانقلاب؟ هذا التعذيب والاعتداء الممنهج داخل أقسام الشرطة وأماكن الاحتجاز وسجون الانقلاب، والذي تصوره داخلية الانقلاب على أنه حوادث حوادث فردية، هو سياسة نظام حيث بلغت حالات الوفاة تحت التعذيب إلى خمسمائة حالة!

ويلاحظ دوما التناقض في روايات داخلية الانقلاب، قبل إجراء أي تحقيق أو إثبات، لتنفي وقوع هذه الجريمة أو ارتكاب أحد قياداتها لجرائم التعذيب، كما حدث فى قضية مقتل الشاب الإيطالي ريجيني، فقد صرخ اللواء محمد منصور، مدير مباحث القاهرة، لينفى ما وقع جملة وتفصيلا، مؤكدًا أن فيديو التعذيب ”مفبرك”، وأن ”الطب الشرعي كشف سبب الوفاة” بضغط الدم، مع أن الطب الشرعي لم يصدر تقريره حتى الآن! كما أن النيابة العامة ليست بمعزل عن داخلية الانقلاب فى تحمل جزء كبير من المسئولية الخاصة بعدم المسألة داخل ما حدث في أقسام الشرطة والسجون من انتهاكات ضد المواطنين المحتجزين، كما أنها لا تقوم بمحاسبة المتورطين فى جرائم التعذيب التي يرتكبها ضباط شرطة الانقلاب!
بل إن النيابة العامة تردد نفس الاتهامات التي تأتيها حسب روايات الشرطة، فقد زعمت النيابة بعد أن أخلت سبيل الضابط القاتل، بأن المواطن مجدي توفي نتيجة انقلاب عربة كارو كان يستقلها واثنان آخران عقب مطاردة الشرطة لهم! وهو ما يجعل ضباط الشرطة والمخبرين وغيرهم، لهم السلطة والقدرة على استمرار استخدام العنف ضد المواطنين، وانتهاك حقوقهم من خلال حفلات التعذيب التي تحدث في السجون وأقسام الشرطة وهم يشعرون أنهم لا يحاسبون على جرائمهم! كما أن الضابط المتهم بجريمة تعذيب مجدي مكين والده لواء سابق وكان عضو بمجلس النواب سابقًا، وهى مثل واقعة الضابط المتهم بقتل سبع وثلاثين شخصا فى سيارة الترحيلات، ما جعل المعلم عباس ترامادول يتصل باللواء ممدوح شاهين لتسوية الموضوع مع القضاء الشامخ فى مقتل (الحاجة وتلاتين) فجاء الحكم بالبراءة بعد المكالمة مع الشامخ! ومع ذلك وجدنا كل نشطاء السبوبة وداعمي الانقلاب أقاموا الدنيا بعد واقعة مقتل مجدي مكين، ولم نسمع صوتا لهؤلاء عند مقتل قيادات وشباب الإخوان المسلمين!

ومِما يُدمي القلب أنّ الضابط القاتل يقول: “أقسم بالله ما كنت أعرف إنه مسيحي! كان ملتحيا ويقول حسبنا الله ونعم الوكيل”!

حقا: عذَّبوه وقتلوه كما لو كان مسلما!

حسبنا الله ونعم الوكيل.

x

‎قد يُعجبك أيضاً

هزيمة مؤقتة

محمد عبدالقدوس الأوضاع في بلادي بعد تسع سنوات من ثورتنا المجيدة تدخل في دنيا العجائب.. ...