ثورة الغلابة بلا غلابة .. لماذا ؟

1

محمد عبد الرحمن صادق :

منذ أن بدأت المطالب في سبتمبر الماضي بالقيام بموجة ثورية جديدة وتم تحديد يوم 11 / 11 ليكون موعداً لها وانهالت التحليلات بين مؤيد ومعارض ومشكك ومثبط ومخذل ……….. الخ .

* كانت حُجة بعض المعارضين أن هذه دعوة لعرقلة الاستقرار .

* ولهؤلاء أقول : أي استقرار تقصدون ؟ وما هي معالم هذا الاستقرار أو أماراته في وسط ما سماه الغاصبون ( شبه دولة أو أشلاء دولة ) ؟

– أي استقرار تقصدون في وسط هذا الكم المتراكم من المشكلات والأزمات والعراقيل والمؤامرات التي من شأنها أن تجعل مصر ( أم الدنيا ) في ذيل الأمم إذا رضيت الأمم بذلك ؟

* وكانت حجة البعض الآخر أيضاً أن هذه دعوة لهدم الوطن .

* ولهؤلاء أقول : لا تزايدوا على حبنا للوطن فحب الوطن عندنا من أصل الدين وثوابته وأن ما نقوم به هو من باب الغيرة المفرطة والحب الطاغي لهذا الوطن دون انتظار امثوبة من أحد .

– فما هي قيمة الوطن بدون مواطن مخلص يتفانى في خدمته ؟

– وما قيمة المواطن دون وطن يشعر بدفئه ورحمته ؟

* ولهؤلاء أقول أيضاً : هل تعرفون ما معنى كلمة وطن التي تتشدقون بها ؟

– إن الوطن عبارة عن مثلث مكون من أضلاع ثلاثة .

1- ضلع الأرض بما عليه من شعب .

2- ضلع المؤسسات الموجودة للحفاظ على هذه الأرض ولخدمة هذا الشعب .

3- ضلع النظام الحاكم الذي يدير هذه المؤسسات .

– هذه الأضلاع الثلاثة تكون الدولة ، وعلى كل وطني مُخلص أن يحافظ على أرض الوطن وأن يحترم شعبها الأصيل ويحترم مؤسساتها ويحافظ عليها حفاظه على ممتلكاته الشخصية بل أشد .

أما النظام فيجب على الجميع مراقبته وتقييم أدائه ، إذا أصاب فله السمع والطاعة ، أما إذا أخفق فله حق النصح فإذا لم ينتصح وجبت إزاحته بكل وسيلة مشروعة ممكنة حِفاظاً على الأرض والشعب والمؤسسات . هذا في الظروف العادية والأوضاع الطبيعية ، أما في وضعنا الحالي ونحن في مواجهة نظام غاصب ظهر فشله وتآمره للقاصي والداني فيجب سرعة إزاحته – بكل وسيلة مشروعة ممكنة – حفاظاً على ما بقي من كرامة الوطن ومقدراته .

– إن من العجب العُجاب أنك عندما تطالب بالحياة الكريمة للجميع ترى من يعارضك ويتآمر ضدك ويقول فيك الأقاويل والافتراءات .

* إن حديث السفينة الذي ذكره النبي صلى الله عليه وسلم ذكر فيه نوعين من الناس :-

* نوع يحاول خرق السفينة .

* ونوع يمنعونهم لينجوا الجميع .

– أما في أيامنا هذه فهناك نوع ثالث وهم من يتصدون لمن يريد نجاة الجميع وكأن هذا النوع في الخير ينعمون والحقيقة أنهم في النوم يغطون وفي الجهالة يرتعون وفي سكرتهم يعمهون .

إن سلوانا الوحيدة في هذا الأمر أننا لم نعمل لمغنم دنيوي وإنما نعمل ابتغاء وجه الله تعالى وطمعاً في مثوبته وإعذاراً لأنفسنا أمام الله عز وجل .

* والسؤال الذي يطرح نفسه هنا : لماذا لا يثور ( الغلابة ) الذين يكتوون بنار هذا النظام ويعانون من المشكلات المتراكمة التي تنوء منها الجبال ؟

– والإجابة : إن هناك مفاهيم تم غرسها على مدار سنين في أذهان العوام والإنفاق عليها ورعايتها استعدادا لهذه الساعة . وأهم هذه المفاهيم :-

1- مفاهيم دينية خاطئة عن ” الصبر – الزهد – القناعة – …… الخ ” .

2- مفاهيم إعلامية لتشويه الحقائق وتضليل العقول .

3- مفاهيم قمعية تولد الخوف وتقتل الشجاعة .

4 – مفاهيم ثقافية تنشر الفقر والشعور بالدونية وعدم الأهلية لمجتمع كريم .

5- مفاهيم مجتمعية بأن أي دعوة للإصلاح هي تآمر وخيانة هدفها عدم الاستقرار وتخريب الوطن .

– فالهدف الأساسي هو إيجاد شعب ( مغلوط المفاهيم – مُغيب الوعي – مهزوم داخلياً – منهك خارجياً – يرضى بالواقع ويخاف من تغييره ويتصدى لمن يفكر في تغييره ) .

– لذا فإنه من دور كل غيور مخلص أن يتبني منظومة وعي شاملة ( حرصاً وواجباً لا وصاية ) .

* بعد الحديث عن الموقف وطبيعته والمشهد وتفاصيله لابد وأن يكون هناك بعض النقاط لمن يتصدرون المشهد ويقودون هذا الحراك من أجل الوصول لحياة كريمة للجميع : –

1- إذا كنت في المقدمة فلا تقلل من قدر من هو في المؤخرة فلكل دوره .

2 – إذا كنت من أصحاب العزائم القوية فلا تقلل من عزيمة الآخرين فالطاقات والعزائم متفاوته وكل مسخر لما خلق له .

3 – أحسن توظيف كل الطاقات واستغلال كل الإمكانيات المشروعة لصالحك ولا تهمل منها شيئا .

4 – لا يقلقك قلة من حولك فهناك جمع غفير يترقب وينتظر انطلاق الشرارة وحينها ستجدهم يزاحمونك كتف بكتف .

5 – لا تعيب على من جاءك متأخراً فربما ادخره الله لك لوقت تحتاج فيه إلى عون ومدد .

6- من ظن أن الصخرة تتحطم من ضربة واحدة فهو خاطيء .

7- من ظن أن ضربة واحدة – حتى ولو كانت ضعيفة – لا تؤثر في الصخرة فهو خاطيء .

8 – إن ضربة واحدة – حتى ولو كانت ضعيفة – تهز الصخرة من داخلها هزا .

9- من يدق الصخرة من المستحيل أن يعرف مع أي ضربة ستنهار .

10 – لابد وأن تعلم أنه للباطل جولة وللحق جولات وأن دولة الباطل ساعة ودولة الحق إلى قيام الساعة .

11 – احذر الفتور أو اليأس فهذا ليس من أخلاق المسلم .

12 – لا يشغلك نهاية الطريق طالما أنت على الطريق .

13- المطلوب إذا هو الاستمرارية في الطرق على الصخرة حتى ولو كانت الطرقة ضعيفة فإن نقطة الماء تفلق الحجر .

14- المطلوب عدم الالتفات أو التأثر بدعاوي المثبطين والمخذلين بل نبطل كيدهم ونستعين بالله عليهم .

15- المطلوب هو أن نأخذ بكل أسباب التأييد والتوفيق وندع يد القدرة تدبر لنا فكل شيء عنده بمقدار .

* وفي الختام نذكر بمقولة للشيخ المجاهد رحمه الله حيث قال : ( القوي مها كان قوياً فان فيه نقطة ضعف والضعيف مهما كان ضعيفاً فان فيه نقطة قوة فإذا التقت نقطة القوة عند الضعيف بنقطة الضعف عند القوي انتصر الحق على الباطل ) .

كما نذكر بدعاء النبي صلى الله عليه وسلم ونتواصى به : عن عبدالله بن عباس رضي الله عنه قال : كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يدعو يقولُ : ” ربِّ أَعِني ولا تُعِنْ عليَّ وانصُرني ولا تنصُرْ عليَّ وامكُرْ لي ولا تمكُرْ عليَّ واهدِني ويَسِّرِ لي الهُدى وانصُرني على من بغى عليَّ ربِّ اجعلْني لك شَكَّارًا لك ذَكَّارًا لك رهَّابًا لك مِطواعًا لك مُخبِتًا إليك أَوَّاهًا مُنيبًا ربِّ تقبَّلْ تَوْبتي واغسِلْ حَوبَتي وأَجِبْ دَعْوتي وثَبِّتْ حُجَّتي وسَدِّدْ لساني واهدِ قلبي واسلُلْ سَخيمةَ صدْري ” ( رواه الترمذي ) .

x

‎قد يُعجبك أيضاً

هزيمة مؤقتة

محمد عبدالقدوس الأوضاع في بلادي بعد تسع سنوات من ثورتنا المجيدة تدخل في دنيا العجائب.. ...