نشرت وكالة بلومبرج تحليلا اقتصاديا حمّلت خلاله قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي المسؤولية المباشرة عن الفشل الاقتصادي الذي تعيشه مصر، وهو ما اتفق معه خبراء اقتصاديون ورجال أعمال داخل البلاد.
وتساءلت بلومبرج في مقالها: أين ذهبت عشرات مليارات الدولارات التي تلقاها السيسي من الخارج منذ الانقلاب العسكري في يوليو 2013، والتي لا يبدو لها أثر في ظل عجز في الموازنة يبلغ 12% من الناتج المحلي الإجمالي، وعجز تجاري بنسبة 7% من الناتج، وبطالة متفشية بين الشباب، واحتياطي نقدي مستنزف.
جوع المصريين
«أوقات الطبقة الكادحة تحت خط الفقر بيقضوها فى الشغل وأكل العيش».. هكذا قالت أسماء، 30 عاماً، من سكان منطقة عزبة بخيت بمنشية ناصر معلقة: «أيوة أعرف الفيس بوك وعندى حساب عليه، لكن لا فى وقت ولا فى بال إنى أفتحه وأقعد اشتكى، وقت اللى زينا بنقضيه نجيب لقمة العيش وبس».. لتقاطعها أم ريهام، العاملة فى أحد المخابز، قائلة: «بقينا نجيب جلود الفراخ ونعملها على شوربة أو نقطع عليها بصل وناكلها، كانت الأول بتترمى للقطط».
وعن رغيف العيش داخل المخبز الذى تعمل فيه، قالت: «من أسبوع صاحب المخبز قرر إنه يعلى السعر وبقوا الأربع أرغفة بجنيه بدل الخمسة، وحاله مش أد كده».
الحاج أحمد جودة، اضطرته الظروف لتغيير مجال عمله، فبعد أن كان يملك محلا لبيع الفول والطعمية، حوله إلى بيع أعلاف الطيور بسبب ارتفاع الأسعار: «أصحاب محال الفول دلوقتى بقوا يشتروا منى فول الطيور اللى بيكون مكسر ودرجة تانية بدل الفول العادى عشان يعملوه، لأنه أرخص النص».
«الناس سلبية، والمفروض يبطلوا يشتروا لحمة عشان ترخص» كانت تلك كلمات علاء، صاحب محل جزارة، فهو يرى أن المشكلة تكمن فى شراء الناس للمنتجات بسعر عالٍ، ورضوخهم للغلاء.
بعد أن كان يوما السبت والأحد هما العيد، كما يقول أحمد، صاحب محل فاكهة، بسبب عمل بعض أهالى المناطق العشوائية فى مجال البناء أو عمال فى ورش، أصبحت الآن أياما «كئيبة»- بحسب تعبيره- ويقول: «بعدما كانت الناس تشترى بالخمسة كيلو فى اليومين دول، دلوقتى ممكن حد يطلب ربع كيلو بس، ده أنا بقيت أقبل الشكك عشان أبيع وأكسب».
“إيكونوميست”: السيسي فاشل
ويأتي هذا بعد أن نشرت مجلة “إيكونوميست” البريطانية في 6 أغسطس الجاري مقالا مشابها بعنوان “خراب مصر”، دعت فيه السيسي ألا يترشح في انتخابات الرئاسة المزمع إجراؤها عام 2018، بعد إخفاقه في إدارة شؤون البلاد ولا سيما الجانب الاقتصادي.
وتقول بلومبرج إن السيسي بدد الأموال على مشروعات كبرى مشكوك في جدواها مثل توسعة قناة السويس، والتجهيز لمشروع “العاصمة الجديدة” الذي يبدو الآن أنه ليس مطروحا للتنفيذ في الوقت الراهن.
وأشار المقال إلى تهاوي السياحة في مصر وخروج الاستثمارات الأجنبية، وما تبع ذلك من انهيار في قيمة الجنيه المصري واتساع للسوق الموازية، بسبب نقص الدولار. كما لفت إلى ارتفاع معدل التضخم، وإلى إجراءات خفض الدعم في أسعار الوقود والخدمات.
وبحسب المقال، فإن الاتفاق الذي تم التوصل إليه مؤخرا بين صندوق النقد الدولي والحكومة المصرية لإقراضها 12 مليار دولار على ثلاث سنوات، لا يعدو أن يكون إجراء تجميليا بالرغم من ضخامته، وذلك باعتراف ضمني من مسؤولي الصندوق أنفسهم، كما يذكر المقال.
عصابة الجيش
وأكدت بلومبرج أن على مصر توجيه الأموال إلى الاستثمار في البنى التحتية البسيطة مثل المدارس والطرق وشبكات المياه، وأن تسهل قروض المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وأن تضع حدا لسيطرة الجيش على شتى القطاعات الاقتصادية التي تجعله ينتج من الغسالات إلى زيت الزيتون، بحسب المقال.
الغريب أن عددا من أنصار قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي، المعروفين في مصر باسم “المواطنون الشرفاء”، ممن تستأجرهم السلطات؛ نظموا مظاهرة غير مسبوقة، احتجاجا فيها على غلاء الأسعار، شكوا فيها من أن “العيشة أصبحت نارا”، وفق تعبيرهم، مطالبين السيسي بالتدخل العاجل، حتى لا يستغل الإخوان الموقف، بزعمهم.
وتحدثت وسائل إعلام مصرية، على نطاق واسع، عما اعتبرته: “أول مظاهرة احتجاجية ينظمها مؤيدو السيسي ضد زيادة الأسعار”، مشيرة إلى قيام أهالي منطقة القائد إبراهيم بالإسكندرية بتنظيم تظاهرة، بعد صلاة الجمعة، احتجاجا على ارتفاع أسعار الخضروات والفاكهة واللحوم والسلع الأساسية.