وسط بروباجندا جديدة وطبول الإعلام ومبالغاته المعتادة، انطلق أمس الثلاثاء مؤتمر شرم الشيخ الذي تنظمه رئاسة الانقلاب تحت عنوان «مؤتمر الشباب الأول»، والذي يشارك فيه 3 آلاف شاب وفتاة تمت انتقاؤهم بعناية فائقة “على الفرازة” من جانب الأجهزة الأمنية.
ورغم أن المنظمين للمؤتمر أعلنوا الهدف منه وهو التواصل مع الشباب والعمل على بلورة رؤية لحل الأزمات التي تعاني منها البلاد بمشاركة شبابية لها خلفيات علمية وسياسية متنوعة إلا أن هذا يعكس إفلاسا سياسيا وإداريا بإمتياز؛ لأن الحكومة وأجهزة الدولة ومؤسساتها يفترض أن وظيفتها الأساسية هي بلورة حلول للأزمات وتحقيق تطلعات الشعب كله شبابه وشيوخه.
إذًا.. ما الهدف من وراء المؤتمر؟ وما السر وراء إقامته في هذا التوقيت بعيدا عن المعلن من جانب المنظمين؟
انهيار شعبية السيسي
يأتي المؤتمر في ظل انهيار حاد في شعبية السيسي ولم يتبق حوله إلا مجموعة المنتفعين والمطلبلتية الذين يأكلون على كل الموائد فمع الارتفاع الجنوني للأسعار على خفية تخطي الدولار حاجز الـ15 جنيها وارتفاع أسعار الخدمات مثل الكهرباء والمياه واستخراج الوثائق الحكومية دفع القطاع الأكبر من الذين يؤيدون السيسي إلى الكفر به فلم يعد له أنصار ولا مؤيدون.
يعزز من هذا نتائج مركز بصيرة الحكومي لاستطلاعات الرأي فعلى الرغم من أنه المركز مشبوه واستطلاعاته يتم تستيفها إلا أن المركز لم يستطع أن يتجاهل هذا الانهيار بين مؤيدي السيسي فأعلن في آخر استطلاع له منذ أسبوع أن السيسي فقد 14% من مؤيديه خلال شهرين فقط.
إذا .. المؤتمر محاولة لجبر هذا الانهيار ووقف النزيل المتواصل في شعبية النظام كله والحكم العسكري كله.
الجيش يبحث عن بديل للسيسي
كما يأتي تنظيم المؤتمر في ظل تقارير إعلامية موثوقة كشفت عن ضغوط من جانب المجلس العسكري والقيادات العليا في المؤسسة العسكرية على قائد الانقلاب بعدم الترشح مجددا وأن ثمة تحركات لإيجاد بديل بعد الفشل الكبير والمتواصل من جانب السيسي في إدارة البلاد.
وتؤكد مصادر مصرية بحسب صحيفة ”العربي الجديد” في تقرير لها اليوم الأربعاء عن اتساع دائرة الصراع داخل الأجهزة السيادية، وهو ما انعكس في مفاتحة قيادات عسكرية قائد الانقلاب عبدالفتاح السيسي، بضرورة عدم ترشحه للانتخابات الرئاسية في 2018. لكن الأخير رفض هذا السيناريو، وقرر الاستعانة بجهاز الاستخبارات العامة.
وتقول المصادر نفسها إنه “تمت مفاتحة السيسي، من جانب قيادات عسكرية كبرى، في مسألة عدم ترشحه للانتخابات المقبلة، مع تصديره أمام الرأي العام على أنه المنقذ والمخلص من الإخوان، ومنحه الكثير من الامتيازات لتفادي حدوث هبّة شعبية جديدة كتلك التي أطاحت بالرئيس المخلوع حسني مبارك، عندما تفاقمت الأزمات المتعلقة بحياة المواطنين”.
وتوضح المصادر، أن السيسي رفض بشكل قاطع هذا السيناريو، متمسكًا بالاستمرار في المنصب والترشح لولاية جديدة في عام 2018. وتلفت المصادر إلى أن السيسي استشعر وجود تكتل ضده في المؤسسة العسكرية، وهو ما دفعه “إلى الاستعانة بجهاز الاستخبارات العامة في مواجهة الاستخبارات الحربية، وتقريب رئيس الجهاز، اللواء خالد فوزي منه، وتمكينه من الملفات الكبرى لضمان ولائه”.
وتستطرد المصادر أنه “بناء على معلومات لديها بشكل عام، فإن العد التنازلي لبقاء السيسي في الحكم بدأ منذ شهور”.
وبحسب المصادر، فإن “المؤسسة العسكرية متمسكة أن يكون الخروج بشكل آمن للغاية لعدم فتح الباب لاضطرابات، فهي ترفض أي عنف أو خطوات اضطرارية للحفاظ على صورة المؤسسة العسكرية”. وتضيف “السيسي أولاً وأخيراً، كان وزيراً للدفاع وكان على رأس المؤسسة حتى وقت قريب”.
إذًا مؤتمر الشباب هو رسالة لهؤلاء بأن السيسي لا يزال يحظى بدعم شعبي كبير.
بحث تأسيسي ظهير سياسي للسيسي
كما يهدف السيسي من وراء المؤتمر بحث تأسيس ظهير شعبي يدعم سياسياته ويسوق لها بين المواطنين وذلك بتكرار تجربة “حزب الرئيس” التي أسسها جمال عبدالناصر، وسار على خطاه رؤساء لاحقون.
وبحسب صحيفة العرب اللندنية فإن مصادر مطلعة بالقاهرة قالت إن إعلان السيسي عن الحزب السياسي الجديد، قد يتم خلال مؤتمر الشباب المنعقد حاليا في شرم الشيخ.
وأضافت المصادر أن السيسي يسعى إلى تحقيق هدفين رئيسيين: هدف سياسي يتمثل في إعداد كوادر شبابية تكون حلقة وصل بين النظام والقاعدة الشعبية، التي تقول تقارير إن النظام يجد صعوبة في إقناعها بالسياسيات القائمة. والهدف الثاني هو محاولة إيجاد حلول للأزمات الاجتماعية التي فشلت جهات أمنية في إدارتها.
ويأتي بحث هذه الخطوة على خلفية فشل الأحزاب العلمانية المختلفة والمؤيدة للانقلاب والتي تعتبر نفسها ظهيرا سياسيا لقائد الانقلاب في إقناع الجماهير بالخطوات والإجراءات الاقتصادية التي يتبناها النظام، تلبية لشروط صندوق النقد الدولي.
ويقول طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، إن “فشل الأحزاب والبرلمان في ملء الفراغ السياسي، هو الذي اضطر السيسي للتفكير في تأسيس حزب سياسي تابع له”.