والحمدلله رب العالمين…وأصلي وأسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين…
إن الستر صفة في الإنسان يحبها الله عز وجل
وهي صفة يتحلى بها الأنبياء والمرسلون
كم هي البيوت التي تهدَّمت على أصحابها بسبب انفضاح سِترها وانكشاف عوراتها!،
وكم هي المشكلات التي حدثت بين الناس لأنهم ترخَّصوا في الكلمة وأشاعوها!،
وكم هي الجراح التي أدمت القلوب لأن البعض لم يحفظوا أسرارًا ائتمنوا عليها!،
وكم هي المآسي التي امتلأت بها حياة الناس نتيجة كشف السِّتر عنهم!.
الستر….خُلق عظيم حث عليه ديننا الحنيف وهو مدار حديثنا لهذا اليوم..
معنـى الســتـــر:
الستر هو إخفاء ما يظهر من زلات الناس وعيوبهم.
مكــانـة الســتــر:
* الستر من صفات الله سبحانه:
فالله سِتِّير يحب الستر، ويستر عباده في الدنيا والآخرة. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ))يدنو أحدكم من ربه، حتى يضع كنفه عليه فيقول: أعملتَ كذا وكذا؟ فيقول: نعم. ويقول: عملت كذا وكذا؟ فيقول: نعم. فيقرره، ثم يقول: إني سترتُ عليك في الدنيا، وأنا أغفرها لك اليوم ((البخاري
* الستر صفة الأنبياء والصالحين:
إن الستر صفة في الإنسان يحبها الله عز وجل وهي صفة يتحلى بها الأنبياء والمرسلون ومن تابعهم بإحسان فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ))إن موسى كان رجلا حييا ستيرا لا يُرى من جلده شئ استحياء منه ((البخاري
* جعل الله جزاء الستر في الدنيا ستراً أعظم منه في الآخرة, فإن الله تعالى يستره في موقف هو أشد ما يكون احتياجا إلى الستر والعفو حين تجتمع الخلائق للعرض والحساب، ففي الحديث ))ومن ستر مسلما ستره الله يوم القيامة ((.البخاري
أنــواع الستـــر:
الستر له أنواع كثيرة، منها:
1- ستر العورات:
المسلم يستر عورته، ولا يكشفها لأحد لا يحل له أن يراها, قال النبي صلى الله عليه وسلم ))لا ينظر الرجل إلى عورة الرجل، ولا المرأة إلى عورة المرأة ((رواه مسلم
2- الستر عند الاغتسال:
وقد قال صلى الله عليه وسلم ))إن الله -عز وجل- حيي ستير يحب الحياء والستر، فإذا اغتسل أحدكم فليستتر ((حديث صحيح
3- ستر أسرار الزوجية:
قال صلى الله عليه وسلم ))إن من أشر الناس عند الله منزلة يوم القيامة الرجل يُفْضِي إلى امرأته، وتُفْضِي إليه ثم يَنْشُرُ سرها ((رواه مسلم
4- ستر الصدقة:
المسلم لا يبتغي بصدقته إلا وجه الله -سبحانه-، لذا فهو يسترها ويخفيها حتى لا يراها أحد سوى الله عز وجل.
شـروط الســتـــر:
إذا أراد المسلم أن يستر أخاه، فإن هناك شروطًا لابد أن يراعيها عند ستره؛ حتى يحقق الستر الغرض المقصود منه، ومنها:
1- ألا يكون الستر وسيلة لإذلال المستور واستغلاله وتعييره بذنوبه.
2- ألا يمنع الستر من أداء الشهادة إذا طلبت، {ولا تكتموا الشهادة ومن يكتمها فإنه آثم قلبه}
3- الستر مرهون برد المظالم، فإذا لم ترد فالساتر شريك للمستور عليه في ضياع حق الغير.
4- إذا كان المستور ممن يُصِرُّ على الوقوع في المعصية، وممن يفسد في الأرض، فهنا يجب عدم ستره حتى لا يترتب على الستر ضرر يجعله يتمادى في المعصية.
ثمــرات الســـتــــر:
1- إن الستر يطفئ نار الفساد ويشيع المحبة في الناس.
2- ويورث الساتر سعادة وسترا في الدنيا والآخرة.
3- اتصاف صاحبه بالحصافة والحكمة والقدرة على الكتمان وهذا ما لا يتصف به إلا الكبار.
كيفية التخلق بالســـتـــر:
1- استشعار فضل الستر، وأن الله يستر من ستر عبداً مذنباً.
2- بتطبيق خلق الإيثار, بأن تحب لأخيك ما تحبه لنفسك.
3- تذكر عاقبة من تتبع عورة أخيه, فمن تجرأ على فضح أخيه تكفل الله بفضحه وكشف ستره عنه.
سترنا الله وإياكم بستره, وأحاطنا بمزيد عنايته, ووفقنا لكل خير