خريف سبتمبر.. سلخانات الاعتقال من السادات إلى السيسي

05_09_16_01_58_87139

 

في الخامس من سبتمبر كل عام يسترجع ذهن التاريخ المصري حملة من أكبر حملات القمع التي تعرض لها المصريون في عهد جنرال العسكر الراحل محمد أنور السادات عام 1981؛ حيث زج في سجونه ما بين 1500 إلى 3 آلاف معارض ما بين صحفي وإعلامي وناشط وسياسي وعدد من النخب والمثقفين، وهو أمر يشبه ما يقوم به الانقلاب العسكري بقيادة عبد الفتاح السيسي في هذه المرحلة.

شملت الاعتقالات التي استمرت طوال الشهر قائمة من أبرز الشخصيات السياسية والثقافية والقانونية المعروفة من التيارات الفكرية والحزبية المختلفة كافة، ونفذها سلاح البلطجة في مصر المسمى “أمن الدولة” أو “الأمن الوطني حاليًّا”.

قال عنها محمد حسنين هيكل- الذي كان على رأس الذين تم اعتقالهم- في كتابه “خريف الغضب”: “عملية الانقضاض بدأت فجر يوم 3 سبتمبر عقب عودة السادات من واشنطن، وكان الانقضاض من خلال حملة اعتقالات واسعة شملت 3 آلاف شخص، وكان بعض الاعتقالات بين صفوف الشباب من الطلبة وأعضاء الجماعات الدينية سهلة نسبيًّا، لكن اعتقالات الساسة والمثقفين وعدد من القيادات الدينية من المسلمين والمسيحيين، جرى تخطيطها بعمليات شبه عسكرية”.

رأى الكاتب جوزيف فينكلستون فى كتابه “السادات.. وهم التحدي” أن الاعتقالات الواسعة التي قام بها السادات ضد خصومه من كل القطاعات أعطت انطباعًا بأنه يفقد السيطرة على الموقف بصورة أكبر من تشديد قبضته، وتعتبر بداية النهاية لعصر السادات؛ حيث لم يمر شهر على تلك الاعتقالات من رموز المعارضة السياسية في مصر، إلى جانب عدد من الكتاب والصحفيين ورجال الدين، حتى لقي السادات حتفه على يد خالد الإسلامبولي ورفاقه في حادثة المنصة.

كلمة السر “كامب ديفيد”

كان السبب الرئيسي في شن حملة الاعتقالات وجود الكثير من المعارضين لاتفاقية “كامب ديفيد” التي وقعها السادات مع رئيس حكومة الصهاينة وقتها “مناحم بيجن”، يوم 17 سبتمبر 1978، تحت إشراف الرئيس الأمريكي آنذاك “جيمي كارتر”، تلك الاتفاقية التي أهدرت حق الفلسطينين في استعادة الأرض، وأدخلت العرب في متاهات سلام وهمي.

إعلام التطبيل

ولم يكن أحمد موسى أو إبراهيم عيسى أو لميس الحديدي لهم وجود أو أثر ليقوموا بدورهم في التطبيل للسادات، ولكن كان أجدادهم يقومون بنفس الدور، فانطلقت أقلام تهاجم المعتقلين وتدافع عن قرار السادات، وكان في مقدمتهم موسى صبري في “الأخبار”، الذي ادعى أنها قرارات لضرب الفتنة، وسمتها “الأهرام” ثورة العمل الداخلي.. أما عبد الله عبد الباري فقد كان ربيب نعمة هيكل في “الأهرام”، لكنه قاد الهجوم عليه في أحداث سبتمبر.. ولم يكن لديه مانع في تنفيذ توجيهات السادات كاملة.

محسن محمد، رئيس تحرير جريدة “الجمهورية”، وصف اعتقالات سبتمبر بأنها “ثورة سبتمبر”.. ويمكن الرجوع إلى مانشيت “الجمهورية” في يومي 5 و6 سبتمبر 1981. بل إنه شبهها بالثورة العرابية التي كانت تحل ذكراها المئوية في تلك الأيام.

ورأى بعض المحللين أن السادات أراد عندما أصدر أوامره باعتقال كل النخبة السياسية والحزبية والصحفية والفكرية والدينية المعارضة له، أن يضع خصومه جميعًا في سلة واحدة داخل السجن وخلف أسواره بدعوى حماية الوحدة الوطنية، وتأمين المجتمع في انتظار
استكمال الانسحاب الإسرائيلي من شبه جزيرة سيناء تنفيذًا للمعاهدة.

وما أشبه الليلة بالبارحة، فقد ردد السادات نفس المبررات الكاذبة والادعاءات التي يرددها السيسي؛ حيث قال السادات في مجلس الشعب وألقى بيانًا إلى الأمة: إن هناك فئة من الشعب تحاول إحداث الفتنة الطائفية، وإن الحكومة حاولت نصح تلك الفئة أكثر من مرة، وإن الآونة الأخيرة شهدت أحداثًا هددت وحدة الوطن واستغلتها تلك الفئة وسلكت سبيل العنف وتهديد الآمنين، أو حاولت تصعيد الأحداث؛ الأمر الذي استلزم إعمال المادة 74 من الدستور المصري والتي تنص على أن “لرئيس الجمهورية إذا قام خطر يهدد الوحدة الوطنية أو سلامة الوطن أو يعوق مؤسسات الدولة عن أداء دورها الدستورى أن يتخذ الإجراءات السريعة لمواجهة هذا الخطر، ويوجه بيانًا إلى الشعب ويجري الاستفتاء على ما اتخذه من إجراءات خلال ستين يومًا من اتخاذها”.

تعذيب الإسلاميين

“المعاملة كانت حسنة لكن الإسلاميين كانوا بيتعذبوا”.. بتلك الكلمات بدأ الصحفي محمد عبدالقدوس شهادته عن اعتقاله بأوامر الرئيس الراحل محمد أنور السادات، في سبتمبر 1981، وقال: “صحفيون عدة شملتهم كشوف تضمنت أوامر الاعتقال، في أعقاب اعتراض الرأي العام المصري على اتفاقية السلام مع إسرائيل”.

x

‎قد يُعجبك أيضاً

السيسي يُطعم المصريين الخبز المصاب بـ”الإرجوت” السام لإرضاء الروس!

رصد تقرير استقصائي لموقع “أريج” كيف يُطعم السيسي المصريين الخبز المصاب بفطر قمح “الإرجوت” لإرضاء ...