“الصايغ” و”حمزاوي” في جدلية استفادة عسكر مصر من تشيلي والبرازيل

يرى الباحث د.يزيد الصايغ، 30 عامًا في مركز كارنيجي الأمريكي، أن علاقةً تجمع بين التحدي الاقتصادي ومعادلة الحكم العسكري، في مقال له ترجمته صفحة “الشارع السياسي” على “الفيسبوك”، تحت عنوان “صناعة القرار في مصر عبر المؤسسة العسكرية وآفاق التداول السلمي للسلطة!.

في الأفق يرى مركز كارنيجي، عبر مقال مطول للباحث بالمركز يزيد صايغ، أن العسكر لن يبقى وحيدًا في الهواء، وأن هناك صعوبات حالية في إدارة البلاد، وأنه لا بد له من استراحة كما حدث في تشيلي.

وتحلل دراسة “كارنيجي” الخطاب المُتفائل عن القاهرة والعواصم الغربية والمؤسسات المالية الدولية حول الآفاق والفرص في مصر، وتنتهي إلى أنه خطاب يخفي حقائق اجتماعية واقتصادية مُقلقة للغاية.

واستعان الصايغ في رؤيته بإحصائية صدرت في أبريل 2019، تتناول تقديرات البنك الدولي بأن 60% من المصريين “فقراء أو مُعرّضون إلى الفقر”، الأمر الذي يعكس جزئيا الانحدار الحاد للأمن المالي للطبقة الوسطى. ويستنتج أنه ربما يسعى هؤلاء “العسكر” إلى مخرج من هذا الوضع.

المسرح معد

وأضاف أن هذا التحدي الاقتصادي قد يُعد المسرح أمام القوات المسلحة للمبادرة إلى تدشين عملية انتقال سلمية. والحال أن مثل هذا التطوّر سيشكّل خبرا طيبا، لكن تنتصب في وجهه عقبة خطيرة. تجدر العودة هنا إلى إطلاق الجيش البرازيلي، لأسبابه الخاصة، مبادرة الانفتاح في العام 1974، التي أعادت السلطة إلى المدنيين بعد نحو عقد من الحكم العسكري، وكذا فعل زميله التشيلي حين وافق على الهزيمة الانتخابية للديكتاتور أوغستو بيونشيه في العام 1988، وتفاوض الجيشان مع كلٍ من أحزاب المعارضة السياسية وحلفائهما من رجال الأعمال حول صيغ عملية الانتقال.

تجربة تشيلي

وقال “مثل هذا الدور السياسي المُتبقي هو ما سعت إليه القوات المسلحة التشيلية في الدستور المعدّل الذي صاغته عام 1980، وهو ما حصل عليه الجيش التركي قبل إعادته السلطة الفعلية إلى المدنيين بعدها بثلاث سنوات. قد يكون من المغالاة بالتفاؤل ترقّب ولادة مماثلة في مصر. غير أنه حتى لو أدركت القوات المسلحة المصرية تماما الحاجة إلى تحقيق هذه الخطوة ودفع الرئيس والشركاء الآخرين في الائتلاف المؤسّسي الحاكم إلى التفاوض على عملية انتقالية، ربما يكون الأوان قد فات ليكون الانتقال سلميا ومنظّما في آن”.

الواقع المرير

وأضافت ورقة الشارع السياسي، أنه أمام الاستشراف المستقبلي الذي تطرحه “كارنيجي” عبر المقال التحليلي الموسع للباحث يزيد الصايغ، يتصادم بواقع مرير قد يبطل كافة المعادلات القائمة أو العمليات السياسية التفاعلية المتوقعة.

وطرحت مقابل ورقة الصايغ ورقة باحثٍ آخر من كارنيجي، وهو الدكتور عمرو حمزاوي، في دراسته: “السلطوية في بر مصر.. إسكات الصوت الآخر”، المنشورة في مايو 2019.

وتُختزل الدولة، برأي حمزاوي، في المؤسسات العسكرية والأمنية، ويوصم المكون المدني للدولة بأمراض العجز والقصور وعدم الانضباط التي تتطلب هيمنة العسكريين والأمنيين عليه ووصايتهم على عمليات صنع القرار في سياقاته.

ويرى حمزاوي أن الحكم في مصر سيواصل النهج المستند إلى السيطرة الشاملة على الإعلام وإسكات الصوت الآخر، بينما تتمسك قطاعات شعبية ليست بالصغيرة بدعمها له، اقتناعًا بحتمية «الاعتذار» عن تجربة التحول الديمقراطي التي بدأت في يناير 2011 وانتهت في صيف 2013، بعد خطايا كبرى للقوى السياسية “الإسلاموية” والعلمانية، أو إقرارا بضرورة «الاعتراف» بعدم ملاءمة الديمقراطية والحقوق والحريات لأوضاعنا المصرية، أو تسليما بأن منع تحول مصر إلى «سوريا أو ليبيا جديدة» يستدعي تأييد الحاكم القادم من المؤسسة العسكرية.

شعبية زائفة

وتقوم رؤية حمزاوي على أنه وفي مواجهة الارتفاع النسبي لأصوات أنصار الديمقراطية، يوظف الحكم في مصر استراتيجية إضافية سبقته إلى توظيفها نظم استبدادية وسلطوية أخرى.

والمقصود هنا هو المحاولات الممنهجة من قبل دوائر الحكم والإعلام المسيطر عليه أمنيًّا لتشويه الحياة السياسية المدنية في مجملها، وتعزيز الاعتقاد بأن الجنرالات وأصحاب الخلفيات العسكرية والأمنية والاستخباراتية فقط هم القادرون على إدارة شئون البلاد وتحقيق الصالح العام.

ولكي تموت السياسة بالتسفيه، تُختزل الدولة في المؤسسات العسكرية والأمنية، ويُوصم المكون المدني للدولة بأمراض العجز والقصور وعدم الانضباط التي تتطلب هيمنة العسكريين والأمنيين عليه ووصايتهم على عمليات صنع القرار في سياقاته.

تُلغى أيضا استقلالية الهيئات التشريعية والقضائية والإدارية الرقابية المنوط بها إخضاع رئيس الجمهورية، وكذلك المؤسسة العسكرية والأجهزة الأمنية والاستخباراتية للمساءلة والمحاسبة، ويُحال بينها وبين ممارسة هذه المهام، وهو ما ترجمته التعديلات الدستورية التي أُقرت برلمانيا وشعبيا في ربيع 2019، والتي هدفت إلى موت السياسة بتسفيهها ليظل رأس السلطة التنفيذية دون بديل، وتظل السلطوية الحاكمة بهيمنة العسكريين والأمنيين دون بديل، وتظل النخب المدنية التي ارتضت التبعية للمكون العسكري-الأمني عاجزة بالمطلق عن الابتعاد عن استدعاءات الجنرالات.

صناعة الخوف

وأضافت أنه في صناعته للخوف لا يبدي الحكم في مصر انزعاجًا من ردود الأفعال الدولية. وهو هنا يستند إلى قراءة واقعية للتحولات السياسية والاجتماعية في بلاد الغرب التي يتزايد بها عدد الحكومات الشعبوية والأغلبيات الشعبوية في البرلمانات، وصعود اليمين المتطرف.

وتضيف ورقة الشارع السياسي أنه “وبين الرؤيتين، ليزيد الصايغ وعمرو حمزاوي يبقى الحراك الشعبي السياسي، سواء بالداخل أو الخارج، الفاعل السياسي في دفع العسكر نحو القرار السياسي بالتراجع عن العمل السياسي، ولو بعض الشيء، بجانب تفاعل حقوقي وسياسي من قيادات العمل الوطني لإقناع الفاعلين الدوليين بقضيتهم، وخلق ضغوط على المستبدين لتحرير الشعب المصري من العسكرة.

x

‎قد يُعجبك أيضاً

في الذكرى التاسعة للثورة.. مواقع التواصل تغرد «ثورة الغضب 25»

في الخامس والعشرين من يناير كل عام، يحيي المصريون ذكرى ثورتهم الخالدة التي أطاحت برأس ...