الله مولانا ولا مولى لهم

بقلم: عامر شماخ

 

فرق كبير بين من يرفع راية لا إله إلا الله؛ راغبًا فى هداية الخلق، مؤملا فى النهوض بوطنه ومواطنيه، ومن يحارب تلك الراية، ويقف فى طريقها، ويستعلن بالحرب على الدين والأخلاق؛ وقد كتب منذ الأزل أن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون، وأن الله ورسله هم الغالبون، وأن الخسران والبوار والنار والسعير كُتبت على من يحادون الحق وينصرون الباطل؛ ذلك أمر الله، ولن تجد لسنة الله تبديلا، ولن تجد لسنة الله تحويلا.

 

إنك لن تجد أغبى من هؤلاء الذين يحاربون من يقولون ربنا الله؛ فهم كمن يقف فى وجه النار أملا فى سعادته والترويح عنه، وقد كابر فى أن النار حارقة، وأنها تأكل اللحم كما تأكل الحطب، وقد مرت عليه حوادث لكنه لم يعتبر؛ وهكذا المتكبرون جميعًا، تجمعهم صفة الغباء، ألم تر إلى فرعون الذى أتته الدلائل والآيات، وسيقت إليه الحجج، وحاوره موسى النبى كليم الله وأخوه النبى المرسل، ورغم ذلك أغلق أذنيه، وعطل عقله، ووضع على عينيه غشاوة، فكان أثر ذلك أن لسانه صار يغرف الكفر، وينطق بالسفاهة والحمق، والله -عز وجل- غالب لا يُغلب، قاهر لا يقدر عليه أحد؛ فكانت عاقبة المجرمين خزيًا وعارًا ودمارًا.

 

يجتمع المجرمون اليوم، الكفار والمنافقون وأشياعهم؛ لحرب المسلمين فلا فرق بينهم وبين مجرمى الأمس فى المبدأ والمعتقد، وهو إطفاء نور الله وقتل أوليائه ودعاة دينه، بيد أنهم أشد خطرًا من إخوانهم السابقين؛ لما يمتلكون من وسائل قتل، ومن أجهزة وأدوات إبادة، ومن سبل وطرق حصار المسلمين وخنق إرادتهم، فضلا عما يتميزون به من سفاهة ورعونة لم تكن فى الأولين، الذين كان فيهم عُرف وتقاليد وبقية من مروءة وأخلاق.

 

يجتمع أحزاب اليوم وفى قلبهم المنافقون من حكام العرب ووزرائهم ومستشاريهم، ممن ارتدوا ونكصوا، أتباع مسيلمة العصرى؛ فهم أقرب إلى الكفار، يوالونهم، ويضربون بسيفهم، وينافحون عنهم، رغم ما يتدثرون به من لباس إسلامى، ورغم ما ينطقون به من لسان عربى، وقد جهروا -خلافًا لإخوانهم القدامى- بحرب المسلمين واستئصال شأفتهم، لا يرقبون فيهم إلا ولا ذمة.

 

تحالف المجرمون، كفارًا ومنافقين، فهدموا الدول القائمة، وقطعوا أوصال الأمة، وخربوا عامرها، فلم تعد سوريا، ولا العراق، ولا ليبيا، ولا اليمن، وهم فى طريقهم إلى تخريب بقية دول العرب، لا يلوون على شىء، وقد بقروا بطون الحوامل، وعلقوا الرجال من أرجلهم كالذبائح ثم أحرقوهم ومثلوا بهم، ولم يرحموا الأطفال ولا الشيوخ ولا العذارى، بل رأيناهم يفتخرون بما فعلوا بالمسلمين من إبادة فى مناطق الموصل وحلب وما حولهما، ما ردهم دين ولا خلق ولا إنسانية.

 

وهم يخططون الآن لإبادة غزة، وتهجير أهلها، ثم تسليمها لإخوانهم الصهاينة كمرحلة أولى، تعقبها مراحل أخرى لإتمام حلم اليهود التوراتى فى دولة عظمى من الفرات إلى النيل، ليس فيها جنس العرب أو المسلمين، يفعل حكام العرب المنافقون ذلك كما فعلها كبيرهم ابن سلول لأجل مصالحهم؛ ولأجل ما يمليه نفاقهم عليهم من رغبة فى إطفاء نور الله، والوقوف فى وجه دعوته، والمكر بدعاته، وإنفاق الغالى والرخيص للصد عن سبيله.

 

ولا نظن إلا أن الله تعالى مخزى هؤلاء الكفار والمنافقين؛ فلو أنفقوا ملء الأرض ذهبًا لإطفاء نور الله، فسينفقونها ثم تكون عليهم حسرة، ثم يغلبون، والذين كفروا إلى جهنم يحشرون، ولو نجح هؤلاء النتنى لنجح أسلافهم المجرمون، ولو نجحوا ما وصل الدين إلينا، بل إنه القدر المحتوم الذى أعز الحق والمؤمنين، وأذل الكفر والكافرين؛ فما أفلت مجرم واحد من هذا القدر، والعبرة بالخواتيم؛ فما من جبار إلا قصمه الله، وما من منافق إلا أذله الله، وكبته وفضحه، والله ناصر دينه، وحافظ كتابه، وهو يتولى الصالحين، يورثهم الأرض، ويجعل عاقبتهم يسرًا، ويمن عليهم بالأمن بعد الخوف، وبالتمكين فى الدين، جاعلا رقاب الكفار والمنافقين تحت أيديهم، ومن ينصر الله فلا غالب له، ومن يرض عنه يمدده بمدد من عنده، ومن يخذله فلا ناصر له، فمن ذا الذى ينصرهم من بعده؟!

x

‎قد يُعجبك أيضاً

هزيمة مؤقتة

محمد عبدالقدوس الأوضاع في بلادي بعد تسع سنوات من ثورتنا المجيدة تدخل في دنيا العجائب.. ...