لم تكن الضجة الإعلامية الكبيرة التي أثارتها تصريحات الدكتور ياسر علي، المتحدث باسم رئاسة الجمهورية في عهد الرئيس مرسي، في حواره الأخير مع موقع “الجزيرة نت”، إلا دليلا واضحا على أن حقائق كثيرة عن فترة حكم الرئيس مرسي لا تزال مجهولة وغائبة عن الشعب المصري، وأن نظام الانقلاب الدموي تعمد تغييب كل تلك الحقائق عن طريق اعتقال الرئيس مرسي وفريقه الرئاسي منذ اللحظة الأولى للانقلاب.
وبحسب ياسر علي، فإن بعض التعليقات والمقالات التي كتبت مؤخرا تغيب عنها المعلومات الحقيقية؛ نتيجة غياب معظم الذين صنعوا الأحداث في هذا التوقيت ومنهم الرئيس نفسه، فغيابهم دفع البعض إلى أخذ معلومات من طرق غير صحيحة، وبالتالي كونوا انطباعات سطحية.
في هذا التقرير ترصد “الحرية والعدالة” أبرز 5 افتراءات أثارتها وسائل إعلام وشخصيات مؤيدة ومعارضة للانقلاب العسكري بحق الرئيس مرسي، خلال الثلاثة أعوام الماضية، إلا أن حوار “ياسر علي” الأخير فند تلك الافتراءات ورد على هذه الأكاذيب.
1ـ مرسي ليس صاحب قرار إقالة طنطاوي وعنان
الافتراء الأول الذي فنده ياسر علي، أن كل ما كان يثار حول قرارات أغسطس 2012، والتي أقيل فيها طنطاوي وعنان لم تكن من قبل الرئيس مرسي، هي افتراءات غير صحيحة، حيث أكد “علي” أن تلك القرارات كانت قرارات خاصة بالرئيس مرسي وفقط.
وأكد أن اختيار السيسي كان بناء على قواعد وظيفية، وكان قرار د. مرسي وحده ولم يتدخل فيه أحد، وكان مبنيا على تغيير الدماء في المؤسسة العسكرية لكن من داخلها. ونحن حين نتحدث عن إعادة هندسة العلاقات المدنية العسكرية، فلا بد أن ندرك أن دولا قد أخذت في ذلك سنوات وعقودا طويلة.
2ـ مسؤول عربي حذر مرسي من الانقلاب والرئيس سخر
وبشأن ما يردده البعض مؤخرا، عن قيام أحد الزعماء العرب بإرسال مسؤول دولي للرئيس مرسي ليحذره من انقلاب عسكري يحاك ضده، أكد الدكتور ياسر علي أن هذا الكلام لم يحدث على الإطلاق، مؤكدا أن ما يتم تداوله في هذا الشأن يفتقر إلى المعلومات الصحيحة.
وأوضح أن ما جرى في هذا الشأن، أن دبلوماسيا عربيا كان يقيم في القاهرة حينها، ونقل له تخوفاته وآخرين من أن يحل بمصر عشرية سوداء كما حدث في الجزائر.
وأشار إلى أن الرئيس مرسي لم يكن ليسمح لأحد أن يتحدث عن مؤسسات الدولة المصرية بشكل لا يليق، سواء كان مسؤولا عربيا أو غيره، انطلاقا من اعتباره إياها أصولا ثابتة للدولة وملكا للشعب، مشيرا في نفس الوقت إلى أن مفردات نُسبت مؤخرا لمرسي من نوعية “في بطني بطيخة صيفي” و”فلان في جيبي الصغير” هي مكذوبة عليه، ومن يعرفه يدرك أنها ليست من مفرداته ولا تصدر عنه.
3ـ مرسي لم يكن يعلم بحجم المؤامرات التي تحاك ضده
وفي هذا الشأن، أكد الدكتور ياسر علي أنه من أول يوم ومن قبل الرئاسة، والهواجس موجودة ومتابعة الحركة على الأرض قائمة، لكن ما هي مساحة الحركة المتاحة في المقابل؟ ما الذي يمكن القيام به؟ وما هو البديل المطروح؟ هل هي انتخابات رئاسية مبكرة أم دعوة لاستقالة الرئيس؟ في النهاية أي أمر كان يتطلب حوارا، وهو ما ظل يدعو إليه الرئيس حتى بيانه الأخير.
وأوضح “علي” أن الموضوعية تقتضي أن نقول إن الرئيس محمد مرسي حاول أن يمر بالسفينة قدر المستطاع وفق الإمكانيات المتاحة، وكان يملك همة شديدة جدا في هذا الإطار، لكن ما يمكن كان أقل مما ينبغي، ولا ينفي ذلك الوقوع في أخطاء كانت نتاجا طبيعيا لكونها تجربة أولى.
وأكد “علي” أن التحسس الشديد في التعامل بين المؤسسة العسكرية ومؤسسة الرئاسة كان موجودا من أول يوم، وما حدث من قرارات صادمة (إقالة المشير طنطاوي والفريق سامي عنان وغيرها) في أغسطس 2012، كانت تشير إلى ذلك، وأنه لا يخفى أن قطاعات من المجتمع المصري كانت تتوقع حينها حدوث انقلاب، فجاءت قرارات مرسي لتحول دون ذلك.
4ـ الانقلاب على مرسي أسبابه داخلية وليست إقليمية
وحول الأسباب الحقيقية للانقلاب على الرئيس مرسي، أكد علي أن الدبلوماسي العربي الذي جلس مع الرئيس مرسي وأبدى له تخوفاته من وقوع عشرية سوداء بمصر، كما حدث في الجزائر، أكد له أن هناك قلقا من كثير من القوى الإقليمية نتيجة إصراره على عدم التواصل المباشر بالكيان الصهيوني، وترك الاتصال للأجهزة الأمنية فقط”.
وفسر كثير من المراقبين ذلك بأن التخوفات التي أبداها المسؤول العربي للرئيس مرسي تعد هي الأسباب الحقيقية للانقلاب العسكري عليه، والتي جاءت كالتالي:
أولا: موقفه من غزة، حيث أطلعة (الدبلوماسي العربي) على ضرورة التراجع عن بعض قراراته التي اتخذها في نوفمبر 2012 بشأن أحداث غزة، ومنها إلغاء سحب السفير المصري من إسرائيل؛ كونه أحدث توترا إقليميا جعل من القيادة في مصر غير مرحب بها، وهو ما يشكل ضغطا أيضا على المؤسسة العسكرية، وربما يؤدي إلى ما هو أسوأ.
وأشار عليه بضرورة تقليل الدعم السياسي للفلسطينيين في غزة، والعودة به إلى الحد الأدنى في هذه المرحلة، لافتا إلى أن أطرافا إقليمية باتت ترى تناقضا في الرؤى بين بعض مؤسسات الدولة وبين مؤسسة الرئاسة في التعامل مع ملف العلاقات المصرية الإسرائيلية.
ثانيا: السبب الثاني الذي ذكره الدبلوماسي العربي هو إصرار مرسي على دعم الثورة السورية، ورؤيته المبنية على أن الرباعية المكونة من تركيا وإيران والسعودية ومصر هي السبيل لحل الأزمة السورية، وهو ما لا يرضي أطرافا إقليمية تملك رؤية مخالفة لترتيب أوضاع الإقليم، خاصة وأن الربيع العربي كان قد بدأ يحاصر بعض هذه القوى.
5ـ مرسي كان يحكم مصر من مكتب الإرشاد
وبشأن تلك الفرية التي ترددت في الإعلام كثيرا، أكد ياسر علي أن الرئاسة كانت بعيدة تماما عن الاتصال بالإخوان كنخب في الجماعة والحزب، ولم يكن هناك اتصال يسمح بنقل رؤية الرئاسة وآرائها، رغم كل ما كان يقال عن أن مكتب الإرشاد هو من يحكم، مرسي كان مستقلا إلى حد حدوث خلاف مع الإخوان في بعض القرارات التي اتخذتها الرئاسة.