قيام الليل هو دأب الصالحين ، وتجارة المؤمنين ، وعمل الفائزين ، ففي الليل يخلو المؤمنون بربهم ، ويتوجهون إلى خالقهم وبارئهم ، فيشكون إليه أحوالهم ويسألونه من فضله ، فنفوسهم قائمة بين يدي خالقها ، عاكفة على مناجاة بارئها ، تتنسم من تلك النفحات ، وتقتبس من أنوار تلك القربات وترغب وتتضرع إلى عظيم العطايا والهبات.
وقيام الليل سُنة مؤكدة , تواترت النصوص من الكتاب والسنة بالحث عليه , والتوجيه إليه , والترغيب فيه, ببيان عظيم شأنه ، وجزالة الثواب عليه .
من هدي القرآن
قال تعالى : ﴿تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (16) فَلاَ تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (17)﴾ [السجدة] .
من نور النبوة
عَنْ أَبِي أُمَامَةَ ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ : « عَلَيْكُمْ بِقِيَامِ اللَّيْلِ فَإِنَّهُ دَأَبُ الصَّالِحِينَ قَبْلَكُمْ ، وَهُوَ قُرْبَةٌ إِلَى رَبِّكُمْ ، وَمَكْفَرَةٌ لِلسَّيِّئَاتِ ، وَمَنْهَاةٌ لِلإِثْمِ » [رواه الترمذي] .
وعَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ ، قَالَ : « جَاءَ جِبْرِيلُ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ : يَا مُحَمَّدُ ، أَحْبِبْ مَنْ شِئْتَ فَإِنَّكَ مُفَارِقُهُ ، وَاعْمَلْ مَا شِئْتَ فَإِنَّكِ مَجْزِيٌّ بِهِ ، وَعِشْ مَا شِئْتَ فَإِنَّكَ مَيِّتٌ ، وَاعْلَمْ أَنَّ شَرَفَ الْمُؤْمِنِ قِيَامُهُ بِاللَّيْلِ ، وَعِزَّهُ اسْتِغْنَاؤُهُ عَنِ النَّاسِ » [ رواه البيهقي ] .
من روائع الوصايا
قال رجل للحسن البصري : يا أبا سعيد ، إني أبيت معافى ، وأحب طهوري ، فما بالي لا أقوم؟ فقال الحسن: ذنوبك قيدتك . وقال : إن العبد ليذنب الذنب فيحرم به قيام الليل، وصيام النهار.
وقال الفضيل بن عياض: إذا لم تقدر على قيام الليل، وصيام النهار، فاعلم أنك محروم مكبل ، كبلتك خطيئتك.