من الآدابِ العظيمة التي جاءت به الشريعةُ الغراء : حثِّ الصغار على احترامِ الكِبار، وتوقيرهم وتعظيمِهِم ، والرِّفقِ بهم وعَدمِ التّطاوُل عليهم أقوالاً وأفعالاً. هذه شريعةُ الإسلام تدعو المسلمَ إلى أن يُكرِمَ أخاه المسلمَ الذي تقدَّمَه سِنًّا ، وسبقه في هذه الحياةِ ، تدعوه إلى أن يحترمَه ويكرِمَه ، ويراعيَ له كِبَرَه وسابِقَتَه في الإسلام ، فيجِلّ الكبيرَ ويحترمه ، ويعرِف له قدرَه ومكانته ، والكبيرُ مأمورٌ برحمةِ الصِّغار ، والعطفِ عليهم ، والرِّفق بهم ، والإحسانِ إليهم . هذه المنافعُ المتبادَلَة بين أفرادِ المجتمَعِ المسلِم تثبِّتُ أواصِرَ الحبِّ والوِئام بين الجماعةِ المسلمة .
ونبيّنا صلى الله عليه وسلم إذا تحدّث عنده اثنان في أمرٍ ما يبدَأ بأكبَرهما بالحديث ، ويقول : «كبِّر كبِّر» [ متفق عليه ] ، يبدأ الأكبرُ قبلَ أن يبدأَ الأصغر. هكذا خلُق الإسلام ، وهكذا رُبِّي المسلمون على هذه التربيةِ العظيمة ؛ أن يحترِمَ صغارهم كبارَهم، وأن يرحَمَ كبارهم صغارَهم.
من نور النبوة
قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : « لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يُوَقِّرْ كَبِيرَنَا ، وَيَرْحَمْ صَغِيرَنَا » .[رواه أحمد والترمذي] .
وعَنْ أَبِى مَسْعُودٍ قَالَ : كَانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يَمْسَحُ مَنَاكِبَنَا فِي الصَّلاَةِ ، وَيَقُولُ : « اسْتَوُوا وَلاَ تَخْتَلِفُوا فَتَخْتَلِفَ قُلُوبُكُمْ لِيَلِنِي مِنْكُمْ أُولُو الأَحْلاَمِ وَالنُّهَى ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ » [ رواه مسلم ] . أي : ليكن من يلِي الإمامَ ذا الأحلام والنهى، ذا العلم والكِبَر في السن .
وعَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ : أَمَرَنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ نُنَزِّلَ النَّاسَ مَنَازِلَهُمْ . [ رواه أبو داود ]
من روائع الوصايا
« الْبِرُّ لَا يَبْلَى ، والذنب لَا يُنْسَى وَالدَّيَّانُ لَا يَمُوتُ ، اعمل ما شئت كما تدين تدان » .
وأصعب شيءٍ في المجتمع أن يفقد الكبير احترامه، أو توقيره . اللهم بصرنا بالحق يا رب العالمين .