علاقة طحنون بن زايد بتحصين السيسي قرارات الصندوق السيادي

بعد أيام قليلة من استيلاء عبدالفتاح السيسي على الحكم عقب الانقلاب العسكري أعلن إنشاء صندوق “تحيا مصر” بزعم دعم الاقتصاد عبر تبرعات المصريين، وقيل وقتها: إن الصندوق جمع في الشهور الأولى ما يفوق 10 مليارات جنيه غالبيتها من رجال أعمال جرى ابتزازهم فسارعوا إلى الاستجابة ليصدر فيما بعد قانون ينص على تبعية هذا الصندوق مباشرة لرئيس مجلس الوزراء مع أنه بقي في الحقيقة تابعًا للسيسي لا للحكومة ولا لأي مؤسسة أخرى وحتى الآن لا يعرف على وجه التحديد المبلغ الذي دخل الصندوق ولا طريقة إدارة أمواله التي تجري دون حتى مشاركة مجلس إدارته.

وعلى هذا الأساس بدا أن الفكرة مرشحة للاستغلال مرة أخرى مع بروز طموحات استغلال موارد الدولة عبر الشراكة مع القطاع الخاص تمخض مرة أخرى في صورة صندوق سيادي جديد يتمتع بنفس الصلاحيات دونما رقيب أو حسيب.

صندوق مصر السيادي “ثراء” الذي يعده السيسي بعدة تريليونات يقول رئيسه التنفيذي: إنه سينتقي الأصول وفقًا لشهية المستثمرين لتأتي خطوة إتمام العملية بتعديل تشريعي يمنع أي مواطن من الطعن على قراراته، والتي يأتي على رأسها استغلال أصول الدولة بالبيع أو التأجير.

أثارت التعديلات التي أجرتها حكومة الانقلاب على مشروع قانون الصندوق السيادي جدلاً واسعًا في الأوساط الاقتصادية والسياسية بعد أن تضمنت بنودًا تحصن إدارة الصندوق، وعلى رأسها السيسي من أي طعن على قراراته، بعد منحه صلاحيات واسعة في نقل أصول الدولة وبيعها أو التصرف فيها كيفما شاء، كما توسع التعديلات الجديدة من سلطة الصندوق؛ حيث تمنحه حق إدارة أموال وأصول الجهات والكيانات المملوكة للدولة أو حتى المساهمة فيها.

لكن الجدل الكبير الذي لحق بالتعديلات تركز في خطوة تحصين الصندوق وعدم جواز الطعن على قراراته في مخاوف اقتصاديين وسياسيين من بيع الكثير من أصول البلاد إلى الإمارات التي توسع نفوذها بشكل كبير في مصر؛ حيث تأتي الخطوة بعد نحو شهر واحد فقط من إطلاق السيسي وولي عهد أبوظبي محمد بن زايد خطة مشتركة لاستثمار 20 مليار دولار في هذا الصندوق على أن تتوزع نسب المساهمة فيها بواقع 50% لكل طرف.

قناة “مكملين” ناقشت، عبر برنامج “قصة اليوم”، صناديق السيادة وعودة نهج الخصخصة، وقرارات السيسي بتحصين صندوقه السيادي من اي طعن أو مساءلة، وهل يعيد الصندوق السيادي عهد الخصخصة الذي باء بالفشل من جديد؟

الدكتور أحمد ذكر الله، الخبير الاقتصادي، يرى أن الصناديق السيادية في العالم كله تقوم على أهداف وفلسفات ومصادر مالية تختلف جذريًّا عن الصندوق السيادي المصري، مضيفًا أن فلسفة الصناديق السيادية في العالم تقوم على مبدأ الاحتفاظ بالفوائض المالية لدى الدولة لتحقيق مجموعة من الأهداف.

وأضاف ذكر الله أن فكرة الصناديق السيادية في العالم بدأت عام 1953 وأول صندوق في العالم كان صندوق كويتي ثم تواترت هذه الصناديق في بقية دول الخليج وانتقلت إلى بقية دول العالم التي تملك فوائض، مضيفا أن أكبر صندوق سيادي في العالم في النرويج ويضم 100 مليار دولار.

وأوضح أن الصندوق السيادي المصري يختلف جذريا فمصر ليس لديها فوائض مالية لاستثمارها وسيتم تمويل الصندوق من خلال إعادة استغلال أموال الدولة وهو ما نفذه نظام المخلوع مبارك من خلال الشركات القابضة والتابعة.

وأشار ذكر الله إلى أن كل وزارة أو هيئة حكومية تستطيع التصرف بيعًا وشراءً في أصولها أو استغلالها في إطار آليات الشراكة والبيع التي حددها القانون لكن الصندوق يتخطى كل هذه الآليات والإجراءات.

ولفت إلى أن الصندوق السيادي المصري أنشأ في أغسطس 2018، وفي العام نفسه نشأت شركة مبادلة الإماراتية التابعة لصندوق أبوظبي السيادي الذي يديره طحنون بن زايد شقيق ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد.

وأوضح ذكر الله أن الصندوق السيادي ظل لمدة 14 شهرًا دون تعيين مدير له قبل أن يتم تعيين أيمن سليمان في أكتوبر 2019، وبعد شهر في نوفمبر تم توقيع ما يسمى بالمنصة الإستراتيجية بالشراكة مع الإمارات، ثم في شهر ديسمبر تم إجراء تعديلات على لائحة الصندوق، وهو ما يثير الريبة والشك حول مشروع القانون.

وأكد ذكر الله أن الإمارات لها مطامع كبيرة في مصر، وهناك تخوفات من زيادة نفوذها على مشروع محور قناة السويس والذي لم يتم تحقيق أي جديد فيه منذ 2013؛ لأنه يمثل خطورة على ميناء جبل علي بالإمارات، كما أن شركة مبادلة التي أبرم السيسي معها اتفاقًا حديثة العهد وأنشأت خصيصًا مع الصندوق السيادي.

بدوره رأى الدكتور أمين محمود، المحلل السياسي، أن النظام الانقلابي الدكتاتوري المستبد يسعى لتحصين نفسه من المساءلة في التفريط بثروات ومقدرات وأصول مصر التي سيتم بيعها عبر الصندوق السيادي.

وأضاف محمود أن الصناديق الخاصة لا بد من إدارتها من خلال مجموعة من الخبراء الاقتصاديين ذوي الخبرات وليس كما يفعل السيسي ونظامه، محذرًا من أن مصير صندوق مصر السيادي سيكون مثل نظيره في رومانيا التي أعلنت إفلاسها.

وأوضح محمود أن الإمارات تتدخل في مصر منذ الانقلاب العسكري، من خلال ضخّ أموال للنظام الانقلابي أو الاستحواذ على شركات وأراض، كما حدث في محور قناة السويس، مضيفًا أن الرقابة على أي صندوق في مصر ينبغي أن تكون بيد الشعب المصري وليس بيد السيسي.

x

‎قد يُعجبك أيضاً

السيسي يُطعم المصريين الخبز المصاب بـ”الإرجوت” السام لإرضاء الروس!

رصد تقرير استقصائي لموقع “أريج” كيف يُطعم السيسي المصريين الخبز المصاب بفطر قمح “الإرجوت” لإرضاء ...