تحت صدمات وضربات قرارات جنرال إسرائيل السفيه عبد الفتاح السيسي السياسية والاقتصادية، يفقد الناس إحساسهم وشيئًا من وعيهم الثوري، وتختنق الغالبية بالفقر والغلاء والقمع والقتل والإعدام والاعتقال والتعذيب والفساد، ويبحث الناس عمن يعطيهم بارقة أمل، أو رشفة يقين ليواصلوا رفض الانقلاب.
وفي تغريدة رصدتها (الحرية والعدالة)، يقول نجم منتخب مصر المعتزل واللاعب الشهير محمد أبو تريكة: “من أفضل ما قرأت اليوم: إن أعظم ما تُقدمه لهذه الأمة في هذا الوقت هو أن تَصرف اليأس عنها”.
ويضيف تريكة: “إن أعظم عبادة يحتاجها الناس في هذه الأيام- وهي من أعظم العبادات- أن يعود اليقين في قلوبهم بأن الله سينصر هذا الدين، وسيعود هذا الدين حتى يبلغ الآفاق، وليس في وقت بعيد بل في وقت قريب”.
تقطيع مصر
وفيما يبدو أن شيطانًا من جهنم أكبر من قدرات لواء الترامادول عباس كامل العقلية، يخطط لهذا الانهيار الرهيب لأعمدة الدولة المصرية، حتى وصل الأمر إلى بيع الوطن بالجزيرة جملة مرة، وبالقطعة في سيناء مرة أخرى، والتنازل عن ثروات مصر من الغاز للصهاينة وإعادة شرائها منهم مرة أخرى.
وبحزمة من القرارات التدميرية ومواصلة مارثون الغلاء والقمع والإعدامات، تعمل سلطات الانقلاب عكس القاعدة التي تقول إن من مصلحة الديكتاتور أن يُغذي رعيته بجرعات من الأمل، وإلا ضاقت بهم وانفجروا، وكما قال الشاعر “ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل”، إلا أن جنرالات 30 يونيو لهم وجهة نظر أخرى؛ فالنظام لا يقلقه حالة اليأس التي يعيشها الشعب، طالما تعيش عكسها النخبة الفاسدة.
وفي حين يدعو السفيه السيسي دول العالم إلى العمل والأمل، فإن مصر على يديه أصبحت تعج بملايين العاطلين والمحبطين، وفقا للإحصائيات الدولية والمحلية، كما شهدت البلاد في العامين الأخيرين موجة غير مسبوقة من الانتحار بين فئة الشباب بسبب اليأس من الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، كما يقبع في السجون ما يزيد على 100 ألف معتقل معظمهم من الشباب.
من جهتها تقول الناشطة إيمان شاكر: “بلاش نخوف بعض، وبلاش نحبط بعض، وبلاش نخون بعض.. احنا في مرحلة صعبة علينا كلنا.. مش لازم نخاف ولا نتراجع كل اللي قدامه فكره يدعمها.. المهم يكون الهدف واحد، في الآخر إحنا لازم نقوي بعض ونساند بعض، وهنخاف ليه ومن إيه، هيحصل إيه اكتر من اللي حصل.. هي كده خربانة وكده خربانة”.
وكشفت التنسيقية المصرية للحقوق والحريات- في تقرير سابق لها- عن وقوع 157 حالة وفاة جراء الانتحار في مصر مؤخرا، معظمها لشباب بين 18 و35 عاما، بخلاف الكثير من الحالات التي تم إنقاذها، حيث تستقبل مستشفى “قصر العيني”، وحدها، يوميا ما بين خمس إلى ست محاولات انتحار ويتم إنقاذها.
تعثر الحياة
ويقول مدرس الطب النفسي بجامعة الزقازيق “أحمد عبد الله”، في تصريحات صحفية، إن كل أسباب الانتحار موجودة في مصر، بداية من التلوث، مرورًا بالضوائق الاقتصادية، وصولا إلى القمع وكبت الحريات، مشيرا إلى أن الإحباط الشديد عند الشباب زاد في الفترة الأخيرة؛ بسبب ركود الاقتصاد وتعثر الحياة السياسية وغموض المستقبل وصعوبة الزواج، فضلا عن المشاكل الأسرية والخواء الثقافي والديني.
أما البطالة فتشهد هي الأخرى تزايدًا في معدلاتها بشكل كبير بمصر في سنوات الانقلاب الأخيرة؛ بسبب الاضطرابات السياسية والأمنية، وفي الوقت الذي يؤكد البنك الدولي أن معدل البطالة في مصر تجاوز مستوى 25% العام الماضي، تصر حكومة الانقلاب على أن نسبته تبلغ 13% فقط.
وطالب البنك، في تقرير سابق له، حكومة الانقلاب باستغلال المساعدات المالية الخليجية لتوفير فرص عمل للشباب، ودعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة، أو على الأقل إعادة فتح آلاف المصانع التي أغلقت أبوابها منذ انقلاب 3 يوليو 2013.
وشهدت الفترة الأخيرة تراجعًا واضحًا في الاحتجاجات الشعبية، حتى إن أحداثًا كبرى وقرارات صعبة، كتسليم تيران وصنافير للسعودية، أو رفع أسعار الوقود لعدة مرات متتالية؛ مرت بهدوء دون أن تمتلئ الشوارع بالمتظاهرين كما كان متوقعا.
وبحسب مراقبين؛ فإن الشعور العام بالإحباط واليأس من تحسن الأحوال البائسة التي يعيشها المصريون، بالإضافة إلى القبضة الأمنية المشددة، هي السبب في عزوف الشارع المصري عن التظاهر، حتى إن مؤلف أغنية “بشرة خير” الشهيرة، أيمن بهجت قمر، وصف مصر عبر “فيسبوك” بأنها “هوبليس كيس” أي حالة ميئوس منها.
من جانبه يقول الباحث السياسي جمال مرعي، إن “الشارع المصري الآن مصاب بالإحباط الشديد بعد أن شعر بأنه خُدع في السيسي والجيش”، لافتا إلى أن “المصريين كانوا ينظرون للسيسي على أنه المنقذ حينما قدم لهم نفسه كمرشح للرئاسة، ووعدهم بتحسين أحوالهم المعيشية، لكنهم اكتشفوا الآن أنه أسوأ بكثير، الأمر الذي أصاب الناس بفقدان الثقة في أي دعوة جديدة للتغيير”.