في تطورٍ مفاجئٍ أُخلي سبيل رئيس الأركان الأسبق سامي عنان بعد 23 شهرا من الاحتجاز، على خلفية إعلانه الترشح للانتخابات الرئاسية منافسًا في الانتخابات التي جرت في مارس العام الماضي، وأُقصي فيها جميع منافسيه.
ورغم صدور أحكام بالسجن لسنوات على عنان، في محاكمةٍ حُظر نشر تفاصيلها، فوجئ الجميع بإعلان عودته إلى منزله بعدما كان يقضي مدة حبسه كأول رئيس أركان يودع في السجن.
محامي الفريق عنان، ناصر أمين، تحدَّث عن إخلاء سبيل موكله من دون عفو رئاسي، لكن بناء على قانون القضاء العسكري الذي يمنح أحقية للإفراج عمن صدرت بحقهم أحكام ما لم يصدق عليها الحاكم العسكري، والمقصود هنا هو عبد الفتاح السيسي.
وأكَّد أن موكله وصل إلى البيت وأنه بصحة جيدة، وهو تطور يثير الكثير من التساؤل حول ماهية وأهداف التغيرات الجارية بالمشهد السياسي والعسكري بعد تظاهرات سبتمبر، والتي بدأت بإبعاد نجل السيسي عن المشهد، وإعادة تشكيل الملف الإعلامي بتقليص نفوذ المجلس الأعلى للإعلام، مع عودة أسامة هيكل كوزير دولة لشئون الإعلام، بالإضافة إلى وجود إشارات سياسية وبرلمانية عدة بشأن قرب إجراء مجموعة من الإصلاحات في سبيل تهدئة الغضب، وإن كانت لا تعبر برأي المتابعين عن تبدّل جذري في سياسات النظام بقدر ما تعكس رغبته في تطوير أدوات سيطرته على بعض الأجهزة وإعادة صياغة المشهد السياسي في البلاد.
لا يزال الغموض يكتنف الإعلان المفاجئ عن قرار إخلاء سبيل رئيس أركان الجيش السابق الفريق سامي عنان. فوفق محامي الفريق ناصر أمين، جرى إخلاء سبيل موكله دون عفو رئاسي، وإنما بناء على سقوط الأحكام الصادرة بحقه لعدم تصديق وزير الدفاع عليها، فيما أرجعت مصادر قرار الإفراج إلى اتفاق مسبق بحضور شخصيات عسكرية بارزة بالتزام عنان وأسرته الصمت حال عودته لمنزله تحت ما يشبه الإقامة الجبرية.
لكن الجدل الذي أحاط بالقرار جاء بسبب تزامنه مع تغييرات واسعة في حركة التنقلات الأخيرة داخل المناصب القيادية بالقوات المسلحة، فضلا عن إعلان التعديل الحكومي، أمس، بعد مخاض طويل في محاولة تشكيله، في ظل وجود إشارات سياسية وبرلمانية تتحدث عن إجراء مجموعة من الإصلاحات في المشهد السياسي والإعلامي.
قناة “مكملين” ناقشت، عبر برنامج “قصة اليوم”، دلالات التغييرات السياسية والحكومية الجارية، والإفراج عن الفريق سامي عنان، ومدى كون السيسي قد كتب قصة نهاية منافسه.
الدكتور محمد جابر، عضو لجنة العلاقات الخارجية والأمن القومي ببرلمان 2012، رأى أن عودة أسامة عسكر ومحمود حجازي إلى ملف الإعلام، والإفراج عن سامي عنان، لا يمكن فصلها بعيدا عن الأحداث السابقة، مثل ظهور المقاول محمد علي، وكشف فساد السيسي وحاشيته، ومحاولته الانفراد بالسلطة عبر الإطاحة بكثير من القيادات العسكرية والمخابراتية.
وأضاف جابر أن الإفراج عن عنان تم وفق تسوية أو صفقة بين السيسي وقيادات العسكر؛ بهدف إرسال رسالة للسيسي بأنه لن يستطيع أن يكون جمال عبد الناصر آخر وينفرد بالسلطة، مضيفًا أن ظهور محمد علي أظهر السيسي ضعيفًا وبدا أن أمامه أيامًا قليلة أو ساعات وينتهي أمره، ما دفعه للتحرك باتجاه المؤسسة العسكرية وحاول استرضاء قياداتها، وكان من بين تلك القرارات إبعاد نجله محمود إلى خارج مصر، والإفراج عن سامي عنان.
وأوضح جابر أن قبول السيسي بعودة الحرس القديم رغم أنهم ربما يمثلون تهديدا له، لأنه أدرك أنه لم يعد له مؤيدون أو مناصرون من الشعب، ولم يعد أمامه مفر من الرضوخ للمؤسسة العسكرية خشية التخلص منه، على غرار ما حدث مع الرئيس الشهيد محمد مرسي.
وأشار جابر إلى أن حالة التراخي التي شهدتها الأجهزة الأمنية في أحداث 20 سبتمبر، تؤكد وجود انشقاق داخل الأجهزة الأمنية، وصراع أجنحة داخل المؤسسة العسكرية، لكن السيسي سارع باسترضاء عدد من القيادات التي تمثل تهديدًا حقيقيًّا له داخل هذه الأجهزة، لكنه لم يتمكن من مواجهتهم بسبب توغل نفوذهم داخل هذه الأجهزة.
بدوره قال الدكتور منير حامد، رئيس تحرير جريدة نبض الوطن، إن خروج الفريق سامي عنان وعودة بعض القيادات العسكرية للخدمة مرة أخرى، يأتي في إطار تهدئة الحرس القديم في القوات المسلحة .
وأضاف حامد أن السيسي منفرد تماما بالسلطة الآن ولا يمكن التنازل عن موقعه، لكنه يريد تهدئة الأوضاع داخل المؤسسة العسكرية قبل ذكرى ثورة 25 يناير، والدعوات التي أطلقها المقاول محمد علي للحراك في ذكرى الثورة، خصوصا أن دعوته السابقة لاقت ترحيبًا كبيرًا ومثّلت صدمة لنظام السيسي.
وأوضح حامد أن عنان كان أقوى شخصية داخل المجلس العسكري، واستطاع السيسي الإطاحة به، وكذلك الحال مع الفريق أحمد شفيق، وما يخيف السيسي أكثر هم صغار الضباط والغضب الشعبي في الشارع.
بدوره أكد الدكتور عمرو عادل، رئيس المكتب السياسي للمجلس الثوري المصري، أن الإفراج عن سامي عنان يأتي في إطار الضغوط التي تعرض لها السيسي من أطراف مختلفة، ما دفعه لاحتواء هذه الضغوط بعدد من القرارات.
وتوقع عادل فشل السيسي في إرضاء الأجنحة المتصارعة داخل المؤسسة العسكرية والأجهزة الأمنية؛ بسبب انتشار الفساد داخل هذه الأجهزة.
وأوضح عادل أن عودة وزارة الإعلام تكشف رعب السيسي من ملف الإعلام، وسيطرة الإعلام المعارض من الخارج ومواقع التواصل على الساحة، وفشل الأذرع الإعلامية في الحد من انتشارها.