نشر موقع الشارع السياسي تقريرًا يكشف حقيقة التغييرات التي أجراها عبد الفتاح السيسي، قائد الانقلاب العسكري، في الحرس الجمهوري وديوان الرئاسة والمخابرات، والتي تضاف إلى التسريبات التي تحدثت عن تغييرات في إدارة المخابرات العامة قيل إنها طالت نجل السيسي ذاته.
وقال التقرير، إن هذه التغييرات الجديدة تدعم ما جاء في التسريبات، وفي نفس الوقت تثبت أن التغييرات ليست متعلقة بنجل السيسي فقط ودوره ونجاحه أو فشله، إنما مرتبطة بحدوث تحول في سياسات السيسي تجاه أجهزة الدولة السيادية من جهة، وتجاه الشارع من جهة أخرى.
وأضاف التقرير أن التغييرات الجديدة حدثت على مستوى مؤسسة الرئاسة، وشملت “تعيين اللواء مصطفى شوكت قائدا للحرس الجمهوري، وتعيين اللواء أحمد علي رئيسا لديوان رئاسة الجمهورية، واللواء محمد فوزي نائبا لرئيس الديوان برئاسة الجمهورية”.
وأوضح التقرير أن التغييرات تزامنت معها تغييرات مفاجئة أجراها وزير الداخلية بحكومة الانقلاب محمود توفيق، في صفوف قيادات الوزارة طالت نحو 11 لواء ومساعدَ وزيرٍ على مستوى الجمهورية، وتردد العديد من الاحتمالات حول قيام السياسي بالتفكير في إقالة وزير الدفاع في تعديل وزاري قادم.
وأشار التقرير إلى أن التغييرات أثارت جدلا بين المراقبين؛ فهناك من يراها استمرارًا لسياسات رأس النظام ومخرجات للصراع على النفوذ بين رجاله، في حين هناك من يرى فيها تحولًا جذريًّا في فلسفة النظام، ولكلِّ منهم دلائله ومؤشراته.
أصحاب الرأي الأول يرون أن التغييرات التي طالت رئيس ديوان الرئاسة، على وجه الخصوص، جاءت بعد خلافات بين الأخير وعباس كامل تحديدا، بسبب توسيع كامل المطرد لصلاحياته واستحواذه حصريًّا على بعض المهام التي كانت سابقا، ووفقًا لطبيعتها الإدارية والبروتوكولية البحتة، تدار بواسطة رئيس ديوان الرئاسة، مثل التنسيق مع الأجهزة المختلفة لتنظيم زيارات السيسي الخارجية، واتخاذ الترتيبات البروتوكولية اللازمة، والتواصل مع الزعماء والسياسيين الأجانب، فضلًا عن ملفات التواصل الإعلامي، وتوجيه الصحف والفضائيات، وتنسيق المؤتمرات برعاية الرئاسة وحضور السيسي والبرامج والمبادرات الرئاسية.
كما يرون أنها جاءت في إطار مساعي السيسي لهيكلة الحرس الجمهوري، ورفع كفاءته، مع تشديد إجراءات التأكد من الولاء للقيادة، وفي هذا السياق تم نقل نخبة من ضباط القيادات الوسطى إليه، مع منحهم مزايا مالية ووظيفية استثنائية، مما يحول الحرس الجمهوري إلى مفرزة لتصعيد قيادات بارزة على مستوى الجيش والسلطة التنفيذية، وهذا يمكّن السيسي من إبقاء الحرس الجمهوري قوة تحفظ أمنه الشخصي في مواجهة الشعب، أو حتى قوات عسكرية أخرى.
فالسيسي يتخوف من أن يتآمر عليه أحد من المجموعة القريبة منه، وبالتالي هو يحرص على ألا يبقى أحد في منصبه فترة كافية تخول له بناء نفوذ وتحالفات قد تؤدي إلى إزاحة رئيس النظام من موقعه.
أمَّا أصحاب الرأي الثاني فيعتقدون أن هذه التغييرات ناتجة عن تغيير في فلسفة النظام ومنطق تعامله مع أجهزة الدولة السيادية ومع المجتمع، في اتجاه المواءمة بين القمع وادعاء الانفتاح الإعلامي، وأن هذه التغيُّرات نتيجة مباشرة لتظاهرات 20 سبتمبر 2019، وأنه رغم نجاح النظام في احتواء الاحتجاجات، فإنه بات يعلم أن شعبيته في أضعف حالاتها؛ فهو يسعى للحيلولة دون تكرار ما حدث، ويسعى دون أن يستغل أحد غضب الشارع في تكرار ما حدث في 3 يوليو 2013؛ وفق منطق “أن أي حراك عسكري يستلزم حراكًا شعبيًّا لتبريره”.
وأضاف أصحاب الرأي الثاني أن السيسي ينتهج سياسة جديدة؛ ففيما يتعلق بالأجهزة السيادية تم استبدال سياسات التنكيل والاستبعاد بحق من يتشكك في ولائه، بسياسات الاستيعاب والاحتواء، لكن مع الحذر ووضع خطوط حمراء لا يسمح بتجاوزها، مع الرقابة الحازمة والدقيقة عليهم.
وفي هذا الإطار جاءت عودة الحرس القديم للسلطة، محمود حجازي الذي يشغل منصب مستشار رئيس الجمهورية للتخطيط الاستراتيجي وإدارة الأزمات، واللواء أركان حرب محمد رأفت الدش الذي تم تعيينه مؤخرًا قائدا لقوات شرق القناة لمكافحة الإرهاب، والفريق أسامة عسكر الذي يشغل منصب مساعد القائد العام للقوات المسلحة لشئون تنمية سيناء، ونائب مدير المخابرات العامة المصرية اللواء ناصر فهمي، وهو أحد رجال الراحل عمر سليمان.. وغيرهم قد يتم الكشف عنهم مستقبلا.
وفيما يتعلق بالشارع، يسعى السيسي للحيلولة دون وقوع أية مظاهر احتجاجية قد تتسع بمرور الوقت بما يصعب التعامل معها، وقد يكون لها نتائج كارثية، أو يفتح المجال لتصبح هذه التظاهرات حجة لتدخلات من العسكريين.
أما من الناحية الاقتصادية فيسعى النظام لمحاولة تجميل صورته من خلال إعادة المحذوفين من بطاقات التموين، وخفض أسعار بعض السلع.
ومن الناحية السياسية تم تحذير النوافذ الإعلامية للنظام من التداعيات السلبية للتظاهر والفوضى والتخويف بنماذج انزلقت لمهاوي الحروب الأهلية.