فضح مفيد فوزي لإعلام المخابرات يُشعل ثورة إعلاميي الـ”سامسونج”

على الرغم من تطبيل الكاتب مفيد فوزي للسيسي ونظامه بصورة عامة، إلا أنَّ مقاله المنشور بـ”المصري اليوم” تحت عنوان “شيء من الخوف”، والذي انتقد فيه سيطرة الأجهزة الاستخباراتية على الإعلام في زمنٍ أكثر شمولية وقمعية من عهد عبد الناصر، إلا أنَّ الانتقادات التي جاءت سريعة من أذرع النظام الانقلابي الإعلامية من عينة محمد الباز وعبد الحليم قنديل ومحمد الكردوسي، تكشف عن مدى سيطرة الأجهزة الإعلامية على الإعلام وإدارته كتجارة أو مهنة عادية بلا عقل.

فمجرد تعليق فوزي على الواقع الذي بات أصغرُ صحفي وإعلامي في مصر يدركه، أثار المخابرات والأجهزة الأمنية التي تحاول ستر العورات المفضوحة عبر جهاز السامسونج وغرفة الواتس التي تدير إعلام مصر بمعرفة المقدم أحمد شعبان سابقا، ولا أدلّ على الهجوم على فوزي الذي يبدو أن كثيرا من رجال أعمال نظام مبارك متضررون من السيطرة الأمنية على كل شيء، من اقتصاد إلى استثمارات إلى إعلام إلى غير ذلك من مجالات الحياة في مصر.

وجاء هجوم كُتاب المخابرات على “فوزي”، بعدما كتب بمقاله “شيء من الخوف”، أن “دور الأجهزة السيادية هو حماية الوطن داخليا وخارجيا، وليس تولي ملف مثل الإعلام”، معتبرين أن حديثه لا يصب إلا في مصلحة “المنصات المعادية لمصر”، وهو منطق غبي في التفكير، باعتبار كل نقد للنظام– صغر أم كبر- يصب في مصلحة المنصات المعارضة، بالرغم من أنَّ مفيد فوزي كاتب معادٍ لمعارضي السيسي، ومجّد انقلاب العسكر منذ أول لحظة حتى الآن.

فقال رئيس تحرير صحيفة “الدستور” محمد الباز: إن مقال فوزي “انتقص بوضوح من قدر الإعلام المصري، وجاء في سياق مخطط استهداف الدولة المصرية”، مستطردًا “على الرغم من التجربة العريضة لفوزي في الصحافة والإعلام، ولكنه يعاني من نقص في المعلومات بدرجة كبيرة، وذهب إلى ما يرسخه البعض في الخارج من أن الإعلام يُدار من قبل رجال الأمن، والذين يصدرون تعليمات بمنع ظهور شخصيات بعينها في الإعلام أو فرض غيرها على البرامج”.

وأضاف الباز في مقال له، ردًا على استشهاد فوزي بواقعة مذيعة قناة “إكسترا نيوز”، والتي أنهت قراءة أحد التقارير بجملة “تم الإرسال من جهاز سامسونج”، أن “إرسال الأخبار والبيانات من المصادر كان يجرى بواسطة الفاكس، والآن عبر تطبيق “واتساب””، مردفا “الإعلام لدى جهاز المخابرات العامة يتساوى مع ملفات مثل الزراعة والتجارة، ومن الطبيعي أن يتابع كل ما يحدث فيه”، حسب تعبيره. وهو ما يعبّر عن مدى انبطاح الباز والإعلاميين الموالين للأجهزة الأمنية تحت بيادة العساكر.

بدوره، قال الكاتب في جريدة “الوطن” محمود الكردوسي: “كعادة الأستاذ مفيد استهلك نصف مقاله في الهجوم على فترة حكم الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، أو ما سماه من باب الغل (النظام الشمولي)، وأنا أعذره، فالرجل يبحث لنفسه عن تاريخ أو جذر سياسي يتباهى بالانتماء إليه”، مضيفا “الهجوم على جهاز المخابرات في عهد عبد الناصر هو إشارة خبيثة ومغرضة، يكشفها النصف الآخر من المقال عن انهيار وفشل الدولة آنذاك”.

وتساءل الكردوسي: “لماذا يصر هذا (الشيخ الممحون) على تشويه سمعة جهاز سيادي مثل المخابرات العامة، ودوره الوطني داخليا وخارجيا منذ إنشائه؟ والحق أنني لم أجد غرابة في هجوم الأستاذ مفيد على جهاز المخابرات من ناحية، وإفراطه في مدح الرئيس السيسي من ناحية أخرى، فالنظام الحالي هو الذي منحه فرصة ذهبية ليتحول من صحفي منافق يأكل على مائدة كل نظام، إلى آخر معارض!”، في إشارة ملتوية إلى منع أجهزة استخبارات “مفيد فوزي” من المشاركة في “فرح العمدة” الذي يمارسه الكتاب والإعلاميون الذين يأخذون أوامرهم من العساكر في الإعلام، وهو ما قد يرفضه فوزي الذي يحاول أن يحترم مهنته حتى لو اختلفت معه في الآراء.

واعتبر رئيس تحرير صوت الأمة عبد الحليم قنديل أن فوزي ليس سوى “كاتب تسالي” لا أكثر ولا أقل، وكان واحدا من المنافقين في زمن الرئيس المخلوع حسني مبارك، مستنكرا هجومه على رئيس المخابرات الراحل صلاح نصر، بالقول “سيظل واحدا من البنائيين العظام لجهاز المخابرات العامة، الذي نشأ في خضم المعركة مع إسرائيل، وعبد الناصر أدرك الأخطاء بعد هزيمة 1967، وأجرى تصحيحا ذاتيا هائلا”، على حد زعمه.

وزاد أن “وزير الإعلام السابق صفوت الشريف هو ولي نعمة فوزي، واستعارة عنوان مقاله من فيلم (شيء من الخوف)، وهو الفيلم الذي عُرض بعهد عبد الناصر، ولم يُمنع”، خاتما “لم يُمنع كاتب واحد في عهد عبد الناصر”، وهو ما يتنافى مع الواقع الذي يظل محفورًا في ذهن الجميع لقساوة القمع والقهر والفضائح التي مارسها صلاح نصر ومخابرات عبد الناصر ونظامه القمعي بحق كل مصري.

كان فوزي قد قال في مقاله: “ليس من المعقول أن يتولى رجال الإعلام مهمة المخابرات السيادية، فاختيار الشخصيات في برامج التلفزيون لا يجب أن يُحدده جهاز سيادي، حيث إن برامج الجماهير صارت مضحكة، ولا تمت بصلة للواقع، لأن المونتاج يحذف النقد، ويبيح (التطبيل) والنفاق، فكم أتمنى أن تُطلق يد الإعلام في مصر بلا قيود، وأن تظهر برامج الهواء مهما كان فيها (خربشة) للحكومة”.

وتابع فوزي “الكتمان فيه سم قاتل، والإفصاح يبصر النظام، صحيح يعتريني شيء من الخوف عندما أبوح بكل ما أريد لإعلام بلدي، وهو إعلام وطني، حريته ضرورية ليرفع منسوب الوعي، ويُعيد الناس للشاشات، ولتكن منابر مختلفة، فبئس الشاشة الواحدة. لا تعيدوا خطأ عبد الناصر حين حرص النظام الشمولي على شاشة واحدة، فهرعوا إلى شاشات أخرى معادية بحثاً عن الحقيقة!”.

واقع سيطرة العسكر على الإعلام

ووفق الدراسات والتقديرات الاستراتيجية، تعد سيطرة سلطة الانقلاب على وسائل الإعلام المختلفة (صحف – فضائيات – إلخ) في مصر هو أمر معلوم، بعدما سعت جهات عسكرية واستخبارية ورجال أعمال يلعبون بأموال العسكر لشراء عشرات الصحف والفضائيات وشركات الإنتاج للسيطرة الكاملة على الإعلام في مصر.

وبموازاة ذلك أصدرت سلطة الانقلاب قرابة 4 قوانين مكبلة ومكممة للإعلام والصحفيين تماما؛ لاكتمال حلقة السيطرة على الكلمة في مصر ومنع نشر أي معلومة إلا بإذن عسكري. وهو ما كشفته المؤسسات الحقوقية والإعلامية الدولية والمحلية، ومنها دراسة أعدتها منظمة “مراسلون بلا حدود” حول ملكية وسائل الإعلام في مصر؛ حيث أصبحت جُل المنابر الإعلامية تحت سيطرة النظام الحاكم، و”باتت خاضعة مباشرة لسلطة أجهزة المخابرات أو في ملكية أثرياء مقربين من الحكومة”، بحسب الدراسة.

وقال فريق مراسلون بلا حدود في مصر- ضمن مشروع مرصد ملكية وسائل الإعلام- “تستمر سلطة الانقلاب في تشديد قبضتها على المنابر الإعلامية منذ اغتصاب عبد الفتاح السيسي الرئاسة، وذلك عبر سلسلة من صفقات الشراء المكثفة والعديد من التغييرات التشريعية”، بحسب “مراسلون بلا حدود”.

ومثلما تمت السيطرة على وسائل الإعلام المملوكة للدولة كان تحقيق ذلك بقوة في القطاع الخاص أحد أولويات السيسي منذ انقلابه في عام 2013. واستخدم السيسي في السيطرة على الإعلام الخاص جهازي المخابرات العامة والمخابرات الحربية، وقد لعبا تاريخيًا أدوارًا سياسية في الدفاع عن النظام ومنع أي محاولة لتأسيس الديمقراطية، إلى جانب المؤسسة العسكرية ووزارة الداخلية.

وبعد ثورة 25 يناير، تدخلت أجهزة المخابرات بشكل متزايد في وسائل الإعلام من أجل التأثير على الرأي العام ولتحقيق ذلك، تم على الفور إغلاق عدد من القنوات الدينية والمؤيدة للإخوان المسلمين بعد الانقلاب العسكري الذي قاده عبد الفتاح السيسي، وتركت مع ذلك وسائل الإعلام الخاصة تعمل بحرية؛ حيث كان الجيش في حاجة إلى دعم نخب رجال الأعمال، وملاك وسائل الإعلام، والحركات السياسية المدنية في مواجهة احتجاجات الإسلاميين.

ومع تراجع احتجاجات الإسلاميين، بدأت وسائل الإعلام في نشر قضايا سياسية واقتصادية عامة، وجاء رد فعل السيسي من خلال تنسيق التدخل المخابراتي أولًا، من خلال إنشاء شركات ووسائل إعلام جديدة، ثم من خلال شراء وسائل الإعلام الخاصة القائمة لتقليص نفوذ ملاكها المستقلين.

وفي عام 2016، في فترة تولي خالد فوزي قيادة المخابرات العامة، أسس رجل الأعمال أحمد أبو هشيمة مجموعة إعلام المصريين(EMG)  باستثمارات هائلة من جهة غير معلومة، وحينها فُهم أن وجود أبو هشيمة فعليًا كان بوصفه وكيلًا للمخابرات العامة في الاستثمار بكثافة في صناعة الإعلام.

وفي عام 2017، تأكدت التكهنات عندما أسست المخابرات العامة “إيجال كابيتال”، التي اشترت أسهمًا ذات حصة متحكمة في مجموعة إعلام المصريين، وعُينت وزيرة الاستثمار السابقة داليا خورشيد كرئيسة لمجلس إدارة إيجل كابيتال.

واستحوذت إعلام المصريين أيضًا على نصف أسهم شركة “سينرجي للإنتاج”، وعينت خورشيد تامر مرسي، مالك سينرجي السابق، وأحد أهم المنتجين المصريين، رئيسًا لمجلس إدارة إعلام المصريين.

وبسيطرة المخابرات العامة على إعلام المصريين، باتت تملك خمس وسائل إعلام من بين 41 وسيلة إعلام شملتها الدراسة: “أون إي”، و”إكسترا نيوز”، والحياة، وصحيفة اليوم السابع، وموقع اليوم السابع الإلكتروني.

x

‎قد يُعجبك أيضاً

السيسي يُطعم المصريين الخبز المصاب بـ”الإرجوت” السام لإرضاء الروس!

رصد تقرير استقصائي لموقع “أريج” كيف يُطعم السيسي المصريين الخبز المصاب بفطر قمح “الإرجوت” لإرضاء ...