“السرج” يضاعف المعاناة المائية لمصر مع الإثيوبيين

بعد أسبوع من مفاوضات واشنطن التي جمعت ووزراء خارجية مصر وإثيوبيا والسودان بأمريكا، أعلن رئيس جهاز التفتيش الفني على أعمال البناء الإثيوبي ” غيرما منغستو” أمس اكتمال مشروع بناء سد السرج أحد مشاريع سد النهضة الإثيوبي “الكبير”، مؤكدا أنه “سد احتياطي له” و”يعد علامة فارقة في المشروع بأكمله”، وقال – في مقابلة مع وكالة الأنباء الإثيوبية الرسمية – إن الوجه العلوي للسد قد اكتمل بالكامل وتم ملؤه بأكثر من 14 مليون متر مكعب من الخرسانة.

وأضاف أن الانتهاء من هذا المشروع ستكون له أهمية قصوى في تسريع بناء المشروع الرئيس ومساهمة محورية في توليد الطاقة المخطط، وأشار إلى أن هذا الوجه، يغطي مساحة تزيد على 330 ألف متر مربع، ويمتد على طول 5.2 كيلومترات، ويبلغ متوسط ارتفاعه خمسين مترا.

وأوضح “غيرما” أن “إنجاز هذا المشروع مع جميع المكونات الأساسية هو علامة فارقة في الحصول على الخدمات التي نسعى إليها”. وهو ما يودي بلا شك لمزيد من معاناة المصريين وانخفاض حصة مصر من مياه النيل لأكثر من 100 مليار متر مكعب خلال سنوات ملء سد النهضة.

مغزى توقيت إعلان “السرج”

ومن المقرر أن تستضيف العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، اليوم الجمعة وغدا السبت، أول الاجتماعات الأربعة المتفق على عقدها بين وزراء المياه في مصر وإثيوبيا والسودان لدراسة الحلول الفنية المقترحة لأزمة ملء وتشغيل سد النهضة الإثيوبي، وذلك بحضور ممثلي الولايات المتحدة والبنك الدولي كمراقبين.

وأعلنت وزارة الموارد المائية والري في مصر سفر وزيرها الانقلابي محمد عبد العاطي بصحبة عدد من مساعديه، كما قالت وزارة الموارد المائية في السودان إن الوزير ياسر عباس سيقود وفد السودان إلى أديس أبابا للمشاركة في الاجتماعات الفنية.

وأوضح رئيس الجهاز الفني للموارد المائية السوداني صالح حمد حامد أنّ وفود الدول الثلاث ستجتمع في أديس أبابا لمناقشة مقترحات كل دولة بشأن الملء الأول للسد والملء الدوري كل عام، إلى جانب التشغيل أثناء الملء والتشغيل طويل الأمد، هذا بالإضافة إلى مراعاة الظروف الهيدرولوجية التي قد تطرأ نتيجة سنوات جافة تؤثر على عمليات الملء والتشغيل، لافتًا إلى أنّ موقف السودان بشأن الملء واضح ومدروس ويعتمد عدد السنين على هيدرولوجيا النهر.

وقال مصدر دبلوماسي مصري: إنّ الخارجية تتابع عن كثب تطورات المفاوضات، مرجحًا أنّ وزير الخارجية سامح شكري وخلال وجوده حاليا في واشنطن للمشاركة في اجتماعين حول سورية وتنظيم “داعش”، سيجري اتصالاً بوزير الخزانة الأمريكي ستيفن منوتشين، المفوض من الرئيس دونالد ترامب لإدارة الملف، لإطلاعه على المستجدات، بما في ذلك المقترح المصري الجديد الذي سيقدم على طاولة المفاوضات.

وأضاف المصدر أنّ الوفود المشاركة في اجتماع أديس أبابا حكومية فقط، ولن تُعقَد مرة أخرى اجتماعات المجموعة العلمية المستقلة المكونة من 15 فردا من الدول الثلاث، بحسب اتفاق واشنطن.

ومن ثم يأتي إعلان افتتاح سد “السرج” قبل يومين فقط من انطلاق المفاوضات الفنية، كرسالة ذات طابع سيادي، موجّهة للداخل الإثيوبي ولمصر في آن واحد، لتأكيد عدم التنازل وأن المفاوضات لن تنال من السيادة الإثيوبية على المشروع.

أفكار جديدة

ولم تعلن مصر عن موقفها أو مقترحاتها الجديدة التي ستُقدم في الاجتماع، لكن مصادر في وزارة الري سبق وكشفت، الأربعاء الماضي، أنّ مصر ستطرح أفكارا جديدة ترتكز على ضمان تدفق نحو 35 مليار متر مكعب سنويا من المياه، أي أقل بنحو 5 مليارات عن المقترح المصري السابق الذي كان يهدف لإنهاء مرحلة الملء الأول للسد بعد 7 سنوات كاملة، وهو الذي قوبل باعتراض جذري ومتجدد من أديس أبابا.

وسبق أن وصفت إثيوبيا مقترح السنوات السبع في بيان رسمي بأنه “غير عملي من الناحية الفنية، وهو بمثابة الموافقة على جعل سد النهضة رهينة للاستخدام المصري للمياه”، وعلاوة على ذلك، وبما أنّ إثيوبيا لا تستطيع التحكّم في المياه المصرية من سد أسوان العالي، فإنّ الموافقة على هذا الطلب من وجهة نظرها تعني أن ينتهي الأمر إلى “نقاشات دائمة حول كميات المياه”.

وتعتبر إثيوبيا أنّ القبول بضخ هذا الكم من المياه سنويا لمصر يتنافى مع “مبادئ الاستخدام المنصف والمعقول، والتي لا تسبّب أي ضرر كبير على أي دولة أخرى تستخدم مياه النيل”، فضلاً عن أنّ ذلك يتضمن الاعتراف المباشر أو غير المباشر بالمعاهدات السابقة بشأن مياه النيل مثل اتفاقيتي 1929 و1959 لتقسيم حصص المياه والتي لم تكن إثيوبيا طرفا فيها، وتعتبر أنها كانت تخدم مصلحة مصر والسودان فقط.

فيما مصر تنظر بعين الاعتبار للمقترح الذي سبق أن قدّمته السودان كحل وسط بين تمسك كل من الدولتين الأخريين بموقفهما، وهو الوصول بملء الخزان لزمن يراوح بين 4 و5 سنوات مع إمكانية تقليله أو زيادته حسب الاتفاق الفني بين الدول الثلاث. لكن المصادر أوضحت أن المقترح السوداني “ليس متكاملاً”، كما أنه يصطدم برفض إثيوبيا المبدئي لفكرة الإدارة المشتركة لعمل السد في فترة الملء والتشغيل الأولى.

كما ستقدّم مصر تقريرا جديدا أعدته شركة استشارات فنية أوروبية، لم يسبق لها أن شاركت في أعمال دراسات جدوى وتأثير المشروع على دولتي المصب، عن الآثار السلبية المحققة التي ستلحق بمصر إذا تمسكت إثيوبيا بخطتها الخاصة المعلنة التي تحدد المرحلة الأولى من المراحل الخمس لملء السد بأنّ تستغرق عامين، وفي نهاية المطاف سيتم ملء الخزان ليصل إلى 595 مترا، وستصبح كل توربينات الطاقة الكهرومائية في السد جاهزة للعمل. وسيتم عرض هذا التقرير على المراقبين والدول الأطراف في الاجتماع، لتأكيد عدالة المطالب المصرية ليس فقط على ضوء إعلان المبادئ الموقع بين الدول الثلاث في مارس 2015، بل كذلك على أسس القانون الدولي والاتفاقيات الدولية بشأن مياه الأنهار وعدم الإضرار.

وعلى ما يبدو ستمتد معاناة مصر لسنوات طويلة مع أزمات سد النهضة ونقص مياه النيل، التي تسبب فيها توقيع السيسي على اتفاقية التنازل عن مياه النيل في 2015.

x

‎قد يُعجبك أيضاً

السيسي يُطعم المصريين الخبز المصاب بـ”الإرجوت” السام لإرضاء الروس!

رصد تقرير استقصائي لموقع “أريج” كيف يُطعم السيسي المصريين الخبز المصاب بفطر قمح “الإرجوت” لإرضاء ...