سعى لإصلاح منظومة العدالة.. “أحمد سليمان” وزير عدلٍ لا يقبل الضيم

أكَّد المستشار محمد سليمان أن والده، المستشار أحمد سليمان، آخر وزيرٍ للعدل في حكومة الدكتور هشام قنديل والرئيس الشهيد محمد مرسي، تم تأييد إخلاء سبيله على ذمة قضية هزلية، رغم أنه تهديد بإمكانية الاعتقال مجددًا في أي وقتٍ أرادت فيه منظومة الظلم التي استولت على مصر.

وقال “سليمان” الابن: إن محكمة جنايات القاهرة أصدرت قرارها بإخلاء سبيل المستشار أحمد سليمان، بعد أكثر من 320 يومًا قضاها في زنزانته الانفرادية، مضيفا أنه بفضل الله اجتاز الاختبار بطلًا صامدًا عزيزًا، لم يهن ولم يحزن ولم يضعف ولم يستكن ولم يتبدل ولم يتراجع، وهو في قمة معنوياته”.

وأشار إلى أن والده ضرب مثالا رائعًا للأجيال كيف يكون القاضي، وأقام الحجة على الجميع، وأنه أبرأ ذمته أمام الله والتاريخ، وأمام أبنائه وأحفاده ومحبيه، وأثبت بحق أن في مصر رجالًا لا يقبلون الضيم ولا ينزلون على رأي الفسدة ولا يرضون الدنية في دينهم أو وطنهم أو شرعيتهم.

قرار إخلاء السبيل أسعد الكثيرين، ومنهم المستشار وليد شرابي الذي كتب: إن “المستشار الأسير أحمد سليمان هو وزير العدل الوحيد الذي سعى لإصلاح منظومة العدالة في مصر على مدار تاريخ مصر الحديث”. وقال “الفرحة لا توصف بتحرير وزير العدل المصري المستشار أحمد سليمان من سجون الطغاة”.

واعتبر الكاتب الصحفي قطب العربي أنه “من الأخبار السارة قرار إخلاء سبيل المستشار أحمد سليمان ومنتصر الزيات ومحمد العمدة، ربنا يتمها على خير”.

ديسمبر 2018

وفي 5 ديسمبر الماضي اعتقلت ميليشيات الانقلاب الوزير المستشار أحمد سليمان، 69 عاما، وهو وزير العدل السابق الذي لم يتوقف لحظة عن الصدع بالحق رغم كبر سنه، لم يفعل الرجل شيئا سوى التعبير عن رأيه عبر بعض التعليقات والمقالات، لكن سلطة القهر التي تخشى ظلها لم تحتمل ذلك. واتهمته سلطات الانقلاب بأنه يظهر في القنوات الفضائية “ويهدد ويتوعد أجهزة الدولة ويقوم بالإساءة لعلاقات مصر الخارجية”.

ومما أكده المقربون منه أن المستشار أحمد سليمان أجرى عملية جراحية في القلب، وذهب بعض الانقلابيين إليه لمساومته أن يسكت عن قضية “تيران وصنافير”، وأن هذا الموضوع انتهى، وأن فتحه الآن يسبب مشكلات مع الدول العربية، ولكنه قال بحزم “هذه أرض مصرية وكل من أشرف على عملية بيع الجزيرتين أو سهّل بيعها أو برّر بيعها وله وظيفة عمومية في الدولة، فهو متهم بالخيانة العظمى، طبقًا للدستور، وستكون محاكمته سريعة فور سقوط الانقلاب العسكري”.

واعتقلته أجهزة الانقلاب بشكل انتقامي، وأخذته في سيارة الترحيلات من المنيا حيث يقيم وعلى بعد 220 كم من القاهرة، ليظهر أمام وكيل نيابة في القاهرة ليحقق مع المستشار في انتمائه لوطنه وللمبادئ التي نشأ عليها.

المستشار سليمان

تخرج المستشار أحمد سليمان في كلية الحقوق بجامعة القاهرة عام 1972، والتحق بالنيابة العامة فور تخرجه، وعُين وكيلا للنائب العام في نيابات صدفا بأسيوط، ونيابة المنيا الكلية وبندر المنيا، والفقش ببني سويف، قبل أن يحصل على الماجستير في الشريعة والقانون عام 1977، ويلتحق بسلك القضاء مع مشارف عام 1981، ويعمل مستشارا بمحاكم استئناف بني سويف وقنا والقاهرة.

وتولى سليمان منصب وزير العدل في السابع من مايو 2013، خلفا للمستشار أحمد مكي، وكان يشغل حينها منصب مساعد وزير العدل لشئون الدراسات القضائية، وذلك قبيل نحو شهرين من انقلاب الجيش على الرئيس، ليتحمل أعباء الوزارة في ظروف شديدة الحساسية، والتي كان يترأس خلالها نادي القضاة، المستشار أحمد الزند، الذي لعب دور رأس الحربة في تأجيج القضاة ضد الرئيس مرسي.

ورفض “سليمان” دعوة الزند لمقاطعة القضاة الإشراف على الاستفتاء الشعبي لدستور 2012، باعتباره التزاما دستوريا وواجبا وطنيا، وهاجم الجمعية العمومية لنادي القضاة لموقفها الرافض المشاركة في الاستفتاء، قائلاً: “إنها لا تعبر عن القضاة، وقراراتها غير ملزمة، كون الجمعية لم تكن مقصورة على القضاة فقط، بل حضرها مختلف طوائف المجتمع من فنانين وسياسيين وشخصيات عامة”.

ويحفظ المراقبون للمستشار أحمد سليمان ثباته في أنه لم يغادر مصر مطلقًا منذ الانقلاب العسكري على الرئيس الشهيد محمد مرسي، رغم صدور حكم من القضاء الإداري، برفع اسمه من قوائم المنع من السفر، وهو أحد رموز تيار الاستقلال بنادي القضاة، وشغل منصب رئيس نادي قضاة المنيا فترتين، الأولى في العام 2002 وحتى العام 2004، والثانية في 2011 وحتى تعيينه وزيرا للعدل عام 2013، كما عمل مستشارا بمحكمة استئناف أسيوط، وتمت إعارته ليعمل قاضيا في دولة الإمارات.

وكلف النائب العام المصري نيابات استئناف القاهرة بالتحقيق في البلاغ المقدم من سليمان ضد وزير العدل السابق بحكومة الانقلاب، المستشار أحمد الزند، في 25 فبراير 2016، والذي يتهمه بالسب والقذف والتشهير المتكرر به عبر وسائل الإعلام، مستشهدا بحديث الأخير مع الإعلامي أحمد موسى، وادعائه كذبا أنه قد أصدر حركة تعيينات في آخر أيام عمله بالوزارة، تضمنت تعيين 45 شخصا من أبناء قريته، على خلاف الحقيقة.

وفي أعقاب صدور قرار بعزل 15 قاضيا عام 2016، تداولت منصات مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو يظهر سليمان وهو يبكي بشدة، قائلا: “ليست هناك عدالة، فالعدالة ماتت في مصر”، مستدركاً: “لم أكن من بين الشرفاء المحكوم عليهم، ولكن هذا التأثر مرجعه شيوع الظلم، وضياع العدالة في مصر.. ليس بالنسبة إلى القضاة فحسب، بل في المحاكمات كذلك، لأن القضايا في مصر ملفقة”.

على العهد

المستشار محمد سليمان ختم رسالته عن والده قائلا: “لم نطلب عفوًا من أحد إلا من الله.. لم ننحنِ لأحد إلا لله.. سنظل على العهد باقين لا يضرنا من خذلنا”.

وأضاف “أقف إجلالا واحترامًا وحبًّا وتوقيرًا لكل أحرار مصر.. ورب الكعبة أنتم تاج على رأس مصر.. ورب الكعبة أنتم وسام الشرف في مصر.. اليوم أنا لا أهنئكم بل أهنئ مصر بكم.. أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن ينصركم ويثبتكم، وأن يفك أسر المأسورين، وأن يفرج كرب المكروبين عاجلاً غير آجل.. يوما ما سنسجد لله شكرا سجدة واحدة في كل بقعة من بقاع مصر المحروسة.. وعد الله لا يخلف الله وعده.. دمتم إخوة وأحبة كرامًا من كرام.. وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ سَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ فَتَعْرِفُونَهَا ۚ وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ.”

x

‎قد يُعجبك أيضاً

السيسي يُطعم المصريين الخبز المصاب بـ”الإرجوت” السام لإرضاء الروس!

رصد تقرير استقصائي لموقع “أريج” كيف يُطعم السيسي المصريين الخبز المصاب بفطر قمح “الإرجوت” لإرضاء ...